6/7/2025–|آخر تحديث: 23:00 (توقيت مكة)
قال موقع ميديا بارت إن الفرنسيات المسلمات المحجبات منذ أن أطلق عليهن السياسيون أفظع التعليقات واجهن عنفا لفظيا وجسديا متزايدا من المارّة وأصحاب الأعمال، وبدأن يشعرن بأجواء قمعية متزايدة.
وانطلق الموقع -في تقرير بقلم ماري توركان- من حالة أسماء (25 عاما) التي كانت تتمشى غائبة عما حولها تحت حجابها وسماعاتها، عندما سمعت شخصا يتحدث إليها بصوت عال، فأدركت أنها معلمة اللغة الفرنسية القديمة في المدرسة الإعدادية، وظنت أنها تلوح لها، ولكن المرأة كانت تصرخ على الحجاب قائلة “انزعيه، لا أريد أن أرى ذلك في الشارع، هذه فرنسا وليست إيران”.
كانت أسماء “مذهولة” وانصرفت من دون أن تقول شيئا، لكن المعلمة التي لم تتعرف على تلميذتها، لحقت بها و”ألصقت وجهها بوجهها”، واستمرت في شتائمها المعادية للإسلام، ولم يوقفها إلا مجموعة من المارة، “كان من بينهم أشخاص من أصول أوروبية وشمال أفريقية”، كما تتذكر أسماء.
قررت أسماء التي ترتدي الحجاب منذ 5 أو 6 سنوات تقديم شكوى بتهمة الاعتداء بدوافع عنصرية على أساس دين حقيقي أو متصور، لكنها لم تخبر والديها “كي لا تقلقهما”، وقالت “حقيقة أنها كانت معلمتي السابقة تؤلمني أكثر، أود أن أعرف كيف أصبحت هكذا”، وأضافت أنها تشعر بأجواء قمعية متزايدة.
التجريد من الإنسانية
“إنه اعتداء في الشارع كغيره من الاعتداءات”، هكذا يقول محامي أسماء رفيق شكات، ويضيف: “لكن هناك الكثير من الضحايا الذين لا يقدمون أي شكوى” ففي الأسابيع الأخيرة، تعرضت امرأة لنزع حجابها في نانتير من قبل رجل على دراجة هوائية، لم تحدد هويته بعد، كما أُمرت أخرى “بخلع حجابها” من قبل امرأة ثملة.
وأشار رفيق شكات إلى تحول بدأ في المجتمع الفرنسي منذ أوائل عشرينيات القرن 21 مع قانون “الانفصالية”، أدى إلى اعتبار النساء المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب “أهدافا مشروعة”.
بدأ تحول في المجتمع الفرنسي منذ أوائل عشرينيات القرن الحادي والعشرين مع قانون الانفصالية، أدى إلى اعتبار النساء المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب أهدافا مشروعة
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد دعا إلى “اندفاعة جمهورية”، واستخدم لغة حربية، حتى إنه تحدث عن استعادة السيطرة، ونتيجة لذلك، يعتقد الناس أنهم قادرون على القيام بدورهم، وأنهم سيؤدون واجبهم المدني من خلال “الصيد”، لأن هؤلاء النساء لا ينبغي لهن أن يشغلن حيزا في الأماكن العامة.
وفي الأشهر الستة الأولى من عام 2025، سجل موقع ميديا بارت ما يقارب من 100حادثة معادية للإسلام في فرنسا، وقد أحصت وزارة الداخلية 145 حادثة معادية للمسلمين خلال الأشهر الخمسة الماضية بناء على شكاوى قدمت، وقد أظهرت هذه البيانات القليلة أن النساء المحجبات في مقدمة المتعرضين لهذه الاعتداءات.
وبالفعل، أكدت منظمة “لالاب” النسوية المناهضة للعنصرية في تقرير صدر في مارس/آذار 2025، نقلا عن بيانات جمعتها “الجماعة المناهضة للإسلاموفوبيا في أوروبا” أن “81.5 من أعمال الإسلاموفوبيا ترتكب ضد النساء”.
وذكر الموقع أن هذه المنظمة تعمل منذ سنوات على تسليط الضوء على “العقاب المزدوج” للنساء المسلمات اللاتي يعانين من التمييز الجنسي وكراهية الإسلام، وقالت إن “تجريد المسلمات من إنسانيتهن، كأنهن لسن نساء كغيرهن، متأصل في الوعي الجمعي الفرنسي”، وبالتالي فإن المسلمات ضحايا لمعتقدات جنسية يجب تحريرهن منها.
منعت من دخول صالة رياضية
واتفق أعضاء مجلس الشيوخ والحكومة في الأشهر الأخيرة على محاولة منع الفرنسيات اللاتي يرتدين الحجاب من المسابقات الرياضية، متجاهلين عمدا دراسات جادة تظهر عدم وجود صلة بين الحجاب وبين التطرف الديني المحتمل في هذا المجال.
وأشار الموقع إلى رفض طلب أليسيا الاشتراك في صالة ألعاب رياضية في مرسيليا في ديسمبر/كانون الأول 2024، وقالت “في النهاية أخبرني المدرب أنه يتعين علي خلع الحجاب للدخول إلى الصالة. فأخبرته أن ذلك تمييز وأنه غير قانوني”، ولكنه رد بأن الأمر يتعلق بسياسة الغرفة، وأنه ليس صاحب القرار.
ومع أن الفرع المحلي للنادي نفى هذا الحظر نفيا قاطعا، فإن صفحة الشركة على غوغل تحتوي على تعليقات تعود إلى أواخر عام 2024، تشكو من أن “النساء اللاتي يرتدين الحجاب غير مقبولات”، مع أن قانون العقوبات الفرنسي يقول إنه لا يحق لأي مؤسسة التمييز بين الأفراد “على أساس أصلهم أو انتمائهم أو عدم انتمائهم لمجموعة عرقية معينة أو أمة أو ما يسمى بالعرق أو دين معين”.
ومع ذلك، يسمح البعض لنفسه باتخاذ قرارات تعسفية، وفقا للموقع، مثل هذا المطعم القريب من مونبلييه الذي رفض قبل أقل من شهر دخول مجموعة من النساء رغم الحجز المسبق، وقد صدمت اثنتان منهن ونشرتا مقاطع فيديو على الفور على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت إحداهما “منعنا من الدخول لأننا نرتدي الحجاب”، وقالت الأخرى “أخبرنا حارس الأمن أن المالك طلب رفض جميع الرموز الدينية”.
وفي اليوم التالي، نشرت إدارة المطعم بيانا على فيسبوك قالت فيه “نستنكر هذا الوضع الناتج عن سوء فهم، وسنجري تحقيقا داخليا لتحديد ما حدث وضمان عدم تكرار هذا النوع من الحوادث”، واعتذر “لمن شعروا بالإهانة”.