يُعدّ أنطونيو سكوراتي أحد الكُتّاب الإيطاليين الرائدين في بلاده، وحققت روايته التاريخية التي تحمل عنوان «ابن القرن»، جائزة «ستريغا»، التي تُعدّ من أكثر جوائز إيطاليا الأدبية عراقة، وتمت ترجمتها إلى الكثير من اللغات، وكانت من بين سلسلة تؤرخ بروز الدكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني وسقوطه، وبناء عليه كان سكوراتي هو الخيار الأبرز للحديث عنه في شبكة الإذاعة والتلفزيون الإيطالية (راي)، قبل الـ25 من أبريل، وهي العطلة الرسمية التي تميّز تحرر الدولة من الفاشية عام 1945.

لكن سكوراتي لم يتمكن من إلقاء كلمته على الهواء، إذ إن المحطة سحبت تفويضها لسكوراتي بإلقاء هذه الكلمة.

وعلل ذلك الكاتب الإيطالي الشهير بأنه كان سينتقد جورجيا ميلوني ورفضها التبرؤ من ماضيها الفاشي، وقالت المحطة إن السبب هو أنه طلب أجراً باهظاً، وردت ميلوني بلباقتها المعهودة، مدعية أنها لا تعرف السبب الحقيقي لعدم تحدث سكوراتي، وقام سكوراتي بنشر نص محاضرته على صفحته على «فيس بوك»، لكن ذلك لم يكن ضرورياً فقد تم نشرها بالفعل في الصحافة، ومن ثم لاقت انتشاراً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي.

وثار جدل بشأن ما جرى، وقال أنصار ميلوني إن المحطة باتت ذات ميول يسارية، في حين قال آخرون إن رئيسة الحكومة الإيطالية تريد أن تمنع انتقادها في وسائل الإعلام كما فعل غيرها.

ولم تكن محطة البث الحكومية الإيطالية قد حققت يوماً الاستقلالية التي تنعم بها محطة «بي بي سي» البريطانية، أو هيئة الإذاعة الأميركية. وحتى تسعينات القرن الماضي، كانت كل قناة من قنواتها التلفزيونية الثلاث مخصصة لأحد الأحزاب الرئيسة.

ومنذ ذلك الحين، سعت كل حكومة جديدة إلى حشد مؤيديها في المؤسسة، وكانت العواقب وخيمةً دائماً، إذ اتجهت الحكومة الحالية إلى اليمين، كما هي الحال الآن، وبما أن أكبر ثلاث قنوات خاصة تُشكّل جزءاً من شبكة «ميدياست»، التي أسسها المحافظ سيلفيو برلسكوني، فإن اليمين يحقق احتكاراً شبه كامل لما تشاهده الأمة على شاشاتها الصغيرة.

لكن يبدو أن أتباع ميلوني يصممون على استغلال هذه الميزة بدرجة غير مسبوقة، وستسمح توجيهات انتخابات البرلمان الأوروبي للمحطة الحكومية الإيطالية، بمزيد من الوقت على شاشات المحطة أسوة بالمعارضة.

ويشير النص الذي وافقت عليه اللجنة البرلمانية التي تشرف على الهيئة، إلى إمكانية تجاوز التخصيص النسبي المعتاد للوقت باسم «ضمان وصول المعلومات العامة في الوقت المناسب حول الأنشطة المؤسسية والحكومية»، وأوضح البعض بأن هذا يعني أن الوزراء ربما باتوا قادرين على التحدث كلما أرادوا في برامج المناقشة على المحطة الإيطالية «راي».

وهناك عاملان على الأقل يحولان دون احتكار السرد الإعلامي بالمطلق، الأول هو الحاجة إلى عرض برامج يشاهدها الجمهور، وقد غادرت شخصيات تلفزيونية بارزة قناة «راي» بالفعل إلى قنوات خاصة غير تابعة لعائلة برلسكوني، والتي تزايد عددها، والثاني، ناجم عن الكم الكبير من وسائل الإعلام المعاصرة، إذ إن الشباب الإيطالي أكثر ميلاً لاستخدام «تيك توك» أو «إنستغرام»، من مشاهدة «راي» أو «ميدياست»، وعلى أي حال، لطالما كان تأثير عملاقي البث الإيطالي محل جدل. عن «الإيكونوميست»

• محطة البث الحكومية الإيطالية لم تكن قد حققت يوماً الاستقلالية التي تنعم بها محطة «بي بي سي» البريطانية، أو هيئة الإذاعة الأميركية. 

شاركها.