عندما تسوء الأمور في الحروب الصغيرة، تندلع الحروب الكبيرة. ويقوم قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) باللعب بالنار عمداً على طول حدود أوكرانيا، حيث تم إطلاق الصواريخ المصنوعة في بريطانيا، على روسيا للمرة الأولى، منذ بدء الصراع في أوكرانيا. وجاء هذا الهجوم بعد يوم واحد من استخدام كييف، أسلحة أميركية ذات مدى بعيد، لضرب روسيا.
وجاءت كل التعليقات العسكرية على سماح بريطانيا والولايات المتحدة بالهجمات الصاروخية على روسيا متشابهة. وكانت «قليلة ومتأخرة للغاية»، ومن غير المرجح أن تؤثر في حرب تتحول بشكل متزايد لصالح روسيا.
دعم معنوي
لكن لماذا حدثت هذه الهجمات على روسيا؟. أجاب وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي بأنه يريد «مضاعفة الدعم» البريطاني لأوكرانيا، وإعطاء دفع معنوي للرئيس فولوديمير زيلينسكي، قبل وصول الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، وهو يعتقد بجلاء أن المخاطر الواضحة التي ينطوي عليها التصعيد تستحق العناء.
وكانت دول الغرب حريصة على تقديم الأسلحة الدفاعية فقط إلى أوكرانيا. وجاءت ردة فعل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، غاضبة، حيث حذر الغرب من أن أي تصعيد في هذه المساعدات من شأنه القيام بهجمات على روسيا بأسلحة غير نووية، سيبرر لروسيا الرد بأسلحة نووية.
وخلال الأسبوع الجاري، وافق بوتين على تغيير العقيدة النووية الروسية، للإعلان عن أن أي هجوم من دول غير نووية، إذا كانت مدعومة من دول نووية، سيتم التعامل معه على أنه هجوم مشترك على روسيا.
ويعتبر بوتين أوكرانيا وجيشها المدعوم من حلف «الناتو»، إلى حد كبير، دولة من هذا القبيل، كما أعاد تعريف «الهجوم على روسيا» رسمياً لتغطية أي هجوم على الأراضي الروسية أو على أراضي حليفة روسيا، بيلاروسيا، والذي يشكل «تهديداً خطراً» لسيادتها و«سلامتها الإقليمية».
محاولة للخداع
ورفض حلف «الناتو» الإجراءات التي قام بها بوتين، واعتبرها محاولة للخداع. وكانت الهجمات على شبه جزيرة القرم والهجوم المتهور الذي شنّته أوكرانيا على منطقة كورسك الروسية بمثابة استثناءات، باعتبار أن الغرب كان قد اتفق على أن إطلاق الصواريخ القوية في عمق روسيا، خطوة تنطوي على كثير من المبالغة. وإضافة إلى ذلك، كان لدى موسكو الوقت الكافي لنقل إمداداتها إلى أماكن جديدة.
ومن المؤكد أن كل هذا التصعيد استفز موسكو للقيام بضربات انتقامية موجعة ضد الأهداف الأوكرانية، خصوصاً منشآت الطاقة، وأماكن أخرى طوال فترة الشتاء. وربما سيكون هناك رد فعل كبير ضد الأهداف الإلكترونية «الهجينة» في الغرب، مثل الهجمات الإلكترونية على البنية الأساسية، والمرافق الغربية. وقد يكون من المناسب أن نسأل: إلى متى قد يتوقع من شعب أوكرانيا أن يشبع شغف «النصر ضد روسيا» بالوكالة من قِبل سلسلة من الزعماء الغربيين.
موت دماغي
وأدت تحركات الغرب ضد روسيا، خلال العامين الماضيين – بما فيها فرض أشد العقوبات الاقتصادية والسياسية قساوة – إلى ترسيخ صمود روسيا في حربها، وعززت مكانة بوتين داخل بلاده، وجلبت له التعاطف والدعم المادي من الصين والهند وإيران وكوريا الشمالية.
وعلى الرغم من التكاليف الباهظة التي تكبّدها الاقتصاد العالمي، أسهمت العقوبات الغربية في تأمين كتلة تجارية شرقية جديدة لمساعدة بوتين. ألم يكن كل هذا متوقعاً من قِبل صفوف الخبراء المرموقين في شؤون الكرملين؟، أم إن السياسة الخارجية البريطانية والأميركية ميتة دماغياً؟.
ويمكن بعد 80 عاماً من المواجهة بين الشرق والغرب، استخلاص درس مفاده أن حراس الحرية والديمقراطية والسلام الغربيين لديهم واجب خاص في التصرّف بمسؤولية في الأزمات، وأن العدوانية والرجولة والمجازفة والخداع، هي صفات قد تلقى استحساناً من جماعات الضغط العسكرية، ووسائل الإعلام الشعبية. ولا يمكننا المجازفة بها دائماً، لكن هذا بالضبط ما تحرص الحكومة البريطانية على إظهاره. عن «الغارديان»
. وزير الدفاع البريطاني يريد «مضاعفة الدعم» لأوكرانيا، وإعطاء دفع معنوي للرئيس زيلينسكي، قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض.
. على الرغم من التكاليف الباهظة التي تكبدها الاقتصاد العالمي، أسهمت العقوبات الغربية في تأمين كتلة تجارية شرقية جديدة لمساعدة بوتين.