أعرب الناخبون الأميركيون عن رأيهم خلال انتخاب عمدة مدينة نيويورك، الذي أسفر عن فوز زهران ممداني، لكن ماذا تحمل هذه الانتخابات من رسائل ودلالات؟ لاشك أن الانتخابات التي أُجريت في الرابع من نوفمبر لها عواقب على كيفية إدارة مينيابوليس ونيوجيرسي ونيويورك وفيرجينيا، وعلى أسعار الكهرباء في جورجيا والمحكمة العليا في بنسلفانيا، كما كانت هذه الانتخابات أول اختبار حقيقي لما إذا كانت ولاية الرئيس، دونالد ترامب، الثانية هي كل ما كان يأمله الناخبون عندما اختاروا في نوفمبر الماضي إعادته إلى البيت الأبيض، بشكل عام حقق الديمقراطيون نتائج أفضل من المتوقع، ولكن ليلة واحدة جيدة لن تحلّ المشكلات المستمرة التي يعانيها الحزب.
لنبدأ من نيويورك، حيث سيتسلم سياسي مبتدئ يبلغ من العمر 34 عاماً ميزانية قدرها 117 مليار دولار، عندما يتولى منصبه العام المقبل، وكانت نسبة المشاركة عالية، ما يشير إلى الحماسة لزهران ممداني وتوجهه الاشتراكي، وهذا انتصار كبير لليسار المناهض للنخبوية في الحزب.
الديمقراطيون الذين يعتقدون أن الحلّ لمشكلة ترامب هو الشعبوية الاقتصادية اليسارية لديهم الآن بطل جديد، لكن فوز ممداني لا يجيب عن السؤال حول كيفية معارضة الديمقراطيين لترامب، ولا كيف يمكنهم استعادة السلطة على الصعيد الوطني، وذلك لأن المرشحين الديمقراطيين للرئاسة يفوزون في مدينة نيويورك مهما حدث، ولم يخسر أي منهم هناك منذ هزيمة جون ديفيس أمام كالفين كوليدج في عام 1924.
وفيرجينيا ونيوجيرسي، اللتان أُجريت فيهما انتخابات حكام الولايات هما أفضل مكانين يمكن للديمقراطيين أن يبحثوا فيهما عن الإلهام، وفازت أبيغيل سبانبرغر في فيرجينيا، ولم تكن النتيجة مفاجأة، فآخر مرة فاز فيها جمهوري بمنصب حاكم الولاية مع وجود جمهوري في البيت الأبيض كانت في عام 1973.
لكن الفارق البالغ 15 نقطة كان أكبر من المتوقع، وينطبق الشيء نفسه على نيوجيرسي، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن ميكي شيريل فازت على المرشح الجمهوري جاك سياتاريلي، ضمن هامش الخطأ، وفي النهاية فازت بسهولة، وهذا كسر سلسلة تعود إلى عام 1961، وهي آخر مرة فاز فيها مرشح بالمنصب بعد أن خدم شاغل المنصب من الحزب نفسه لفترتين متتاليتين.
وسينظر بعض الديمقراطيين إلى كل هذا ويستنتجون أن انتخابات عمدة نيويورك تظهر أن الناخبين متحمسون للسياسات المرتبطة بالجناح اليساري المتطرف للحزب، وأن الحزب الديمقراطي في وضع أفضل مما يعتقد الخبراء، وأن انتخابات التجديد النصفي العام المقبل قد تم الفوز بها بالفعل، وهم سيكونون مخطئين في ذلك.
وهنا يبرز تساؤل مهم: ما الدروس الصحيحة؟ الأول هو التركيز على الاقتصاد والقدرة على تحمل التكاليف، كما فعل كل من ممداني وشيريل وسبانبرغر.
والثاني هو اختيار المرشحين الذين يتناسبون مع الأماكن التي يترشحون فيها، وعملت سبانبرغر في وكالة المخابرات المركزية قبل دخولها السياسة، وعملت شيريل كطيارة مروحية في البحرية، وكل منهما دليل على وطنية تساعد في صد هجمات الجمهوريين حول الديمقراطيين الذين يكرهون أميركا، والثالث هو عدم الترشح كمدافع عن المؤسسة في عصر الاضطرابات.
وربما لا يريد سكان نيويورك الاشتراكية، وسيكون ممداني مقيداً جداً بقوانين المدينة والولاية، إضافة إلى قوانين المالية، لكي يمنحهم إياها، كما كانت الحال قبل عام، لم تكن هذه الانتخابات تأييداً لبرنامج بقدر ما كانت تعبيراً آخر عن الإحباط.
إن توجيه ضربة للرئيس، بعد عام من التأمل الذاتي، سيمنح الديمقراطيين الراحة وهم يتطلعون إلى انتخابات التجديد النصفي العام المقبل، لكن عندما يتلاشى ذلك، سيظلون يواجهون المشكلات نفسها، ويرتبط حزبهم بسياسات بشأن الهجرة وتغير المناخ والعِرق، بعيدة كل البُعد عن آراء الناخبين تجاه الذين يحتاجونهم للفوز بالسلطة على الصعيد الوطني. باختيارهم اشتراكياً ديمقراطياً كأحد قادتهم، لم يسهم الديمقراطيون سوى في تفاقم المشكلة، وأثارت حملة ممداني المبهجة شعوراً جيداً لدى سكان نيويورك، لكن فوزه قد يجعل الاستراتيجيين الجمهوريين يشعرون بشعور أفضل. عن «الإيكونوميست»
• توجيه ضربة للرئيس ترامب، بعد عام من التأمل الذاتي، سيمنح الديمقراطيين الراحة وهم يتطلعون إلى انتخابات التجديد النصفي العام المقبل.
• فيرجينيا ونيوجيرسي، اللتان أُجريت فيهما انتخابات حكام الولايات، هما أفضل مكانين يمكن للديمقراطيين أن يبحثوا فيهما عن الإلهام.
