أعرب إمام المسجد الكبير في باريس شمس الدين حافظ عن أسفه لضعف رد الفعل في أعقاب اغتيال الشاب المالي أبو بكر سيسيه أثناء صلاته في مسجد خديجة في لاغار كومب، ودعا إلى اتخاذ إجراءات قوية ضد الإسلاموفوبيا التي تفترس بصمت في فرنسا، حسب قوله.
وكتب الإمام -في مقال بصحيفة لوموند- أن اغتيال أبو بكر سيسيه أثناء سجوده ليس مأساة معزولة، بل يمثل ذروة المناخ الذي كان يندد به منذ سنوات، والذي وصفه بأنه سمح للامبالاة الجماعية بأن تترسخ، حتى إن الخوف من الإسلام لم يعد مخجلا، بل عملا عاديا وإداريا تقريبا.
وذكر حافظ أن جريمة المسجد ليست مصادفة، بل نتاج خطاب عام غير مقيد، أصبح بعض أجهزة التلفزيون خلاله محاكم للدين الإسلامي، وأصبحت الأصوات السياسية تدين “التدخل الإسلامي”، وأصبح الإسلام بمثابة الألف والياء للتصعيد الانتخابي.
ولم يكن أبوبكر مجرد مؤمن مخلص -كما يقول الإمام- بل كان يحمل في داخله ذكرى 80 ألف جندي مالي ماتوا من أجل فرنسا، وذكرى العمال غير المرئيين الذين بنوا طرقها وجسورها ومصانعها، ولكن قاتله أعماه جهله، فلم يرَ فيه إلا عدوا بناه خياله من خلال سنوات من القصص المشوهة.
واستغرب الإمام أن هذه الجريمة البشعة أثارت غضبا خجولا وصمتا ثقيلا، ولو ارتكبت جريمة معادية للسامية، لعرفت الجمهورية كيف تتحدث بصوت واحد، ولكن عندما تحدث جريمة معادية للإسلام تصبح الكلمات نادرة، وهو ما يضعف العهد الجمهوري “الذي نتقاسمه أو ما زلنا نعتقد أننا نتقاسمه”.
وقال حافظ: “كنا ندق ناقوس الخطر، وقلنا إن فرنسا لا تستطيع أن تتجاهل الكراهية التي تفترس في صمت، في وقت تتزايد فيه هذه الظاهرة في جميع الطبقات الاجتماعية، وتلعب وسائل الإعلام والخطاب السياسي دورا في التقليل من أهمية الصور النمطية”.
وخلص إمام مسجد باريس الكبير إلى أن هذا العمل الإرهابي الخطير للغاية يجب أن يشكل تحديا للجميع، وطالب بالاعتراف الرسمي بأن الإسلاموفوبيا تشكل تهديدا خطيرا للمجتمع الفرنسي، وبإنشاء مرصد وطني فوري لمكافحتها، ودعا إلى دمج مكافحة التحيز ضد المسلمين في المناهج المدرسية، بالطريقة نفسها التي دمجت بها مكافحة معاداة السامية والعنصرية.