أصدر قاضٍ فيدرالي في الولايات المتحدة حكماً يلزم البيت الأبيض بإعادة الاستعانة بمترجمي لغة الإشارة خلال المؤتمرات الصحافية الرسمية، وذلك بهدف تفادي ما وصفه بـ«الإساءة المحتملة» للأميركيين الصم وضعاف السمع، بسبب حرمانهم من الوصول إلى معلومات ذات أهمية كبيرة، بسبب غياب الترجمة.

وكانت إدارة الرئيس دونالد ترامب قد ألغت، في يناير الماضي، وجود مترجمي لغة الإشارة في المؤتمرات الصحافية، بعد أن كانوا يترجمون الخطابات الرسمية بشكل مباشر، بما في ذلك تلك التي يلقيها ترامب نفسه أو السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارولين ليفيت، الأمر الذي كان يتيح للأشخاص الصم أو ضعاف السمع متابعة الأحداث والمستجدات السياسية بشكل فوري.

ووفقاً لما جاء في قرار المحكمة، فإن ترامب، البالغ من العمر 79 عاماً، لم يكن مرتاحاً لفكرة وجود مترجمين يشاركونه المشهد على المنصة أثناء مؤتمراته، وهو ما أشار إليه القاضي في حيثيات حكمه.

وقد دفع هذا القرار، الاتحاد الوطني للصم إلى رفع دعوى قضائية في مايو الماضي، طالب فيها بالسماح بعودة مترجمي لغة الإشارة في مؤتمرات البيت الأبيض، لضمان حقوق الصم في الحصول على المعلومات العامة.

تمييز واضح

وفي حكم، صدر أول من أمس، قضى القاضي الفيدرالي، أمير علي، الذي عيّنه الرئيس السابق جو بايدن، بأن قرار إدارة ترامب بحرمان الصم من خدمات الترجمة يُعد تمييزاً واضحاً، حيث استبعد شريحة من الأميركيين من متابعة التحديثات المتعلقة بالقضايا المؤثرة في حياتهم، مثل الاقتصاد، والصحة العامة، والسياسة الدولية.

وقال القاضي: «نظراً لطبيعة الموضوعات التي تُطرح في المؤتمرات الصحافية، والتي تتناول قضايا حساسة تتعلق بالأسواق والطب والجيش ومجموعة واسعة من القضايا الأخرى، ترى المحكمة أن حرمان الأميركيين الصم من الوصول إلى هذه المعلومات يمثل ضرراً واضحاً وحقيقياً ووشيكاً».

وأشار إلى أن غياب مترجمي لغة الإشارة في المؤتمرات الصحافية يمثل على الأرجح انتهاكاً لقانون إعادة التأهيل الأميركي، الذي يمنع أي شكل من أشكال التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، بمن في ذلك الصمم.

ورفض القاضي الادعاء الذي تقدمت به إدارة ترامب، الذي زعمت فيه أن وجود مترجمين في المؤتمرات الرئاسية يُعد «اعتداء كبيراً» على حقوق الإدارة. وأكد القاضي علي، أن انزعاج ترامب من «صورة» المترجمين وهم يقفون بجانبه لا يُبرر مخالفة القوانين التي تكفل المساواة والدمج.

وأوضح القاضي أن الاستعانة بمترجمي لغة الإشارة لا تعني بالضرورة مشاركتهم للمتحدث على المنصة نفسها، حيث يمكن تنفيذ الترجمة بسهولة عن بُعد، دون الحاجة إلى وجود المترجمين في القاعة ذاتها.

وحاولت صحيفة «ديلي بيست» التواصل مع البيت الأبيض للحصول على تعليق حول القرار، إلا أنها لم تتلق رداً فورياً.

تناقض

وكان ترامب وعد خلال حملته الانتخابية لعام 2024 بأنه «لن يُنسى أي أميركي مهمّش أو مُتجاهل بعد الآن»، غير أن قراراته المتعلقة بذوي الإعاقة، بحسب ناشطين، تناقضت مع تلك الوعود. فإلغاء وجود مترجمي لغة الإشارة اعتبر جزءاً من «حرب» إدارة ترامب على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إذ شمل أيضاً تقويض جهود الاتحاد الوطني للصم، وإضعاف قدرة الحكومة الفيدرالية على تطبيق قوانين الحقوق المدنية الخاصة بهذه الفئة.

وخلال الولاية الأولى لترامب، كان الاتحاد الوطني للصم قد رفع دعوى مشابهة، طالب فيها بالسماح بوجود مترجمي لغة الإشارة في المؤتمرات الصحافية، خصوصاً خلال فترة جائحة «كورونا»، التي شهدت بث مؤتمرات يومية تتعلق بالصحة العامة.

وتم سحب تلك الدعوى طوعاً بعد تولي الرئيس بايدن منصبه، حيث سارعت إدارته إلى وضع سياسة رسمية تحت عنوان «خدمات التواصل للأشخاص الصم وضعاف السمع في المؤتمرات الصحافية الرئاسية»، ما أدى إلى توفير مترجمي لغة الإشارة في جميع المؤتمرات التي تخص الرئيس، إضافة إلى نشر البث المترجم عبر القنوات الرسمية للبيت الأبيض على وسائل التواصل الاجتماعي.

غير أن إدارة ترامب الثانية، التي بدأت في يناير 2025، ألغت تلك السياسة، منهية بذلك ممارسة دامت أربع سنوات من الشمول والتواصل المتكافئ. عن «ديلي بيست»


انتهاك صارخ

قال الرئيس التنفيذي المؤقت للاتحاد الوطني للصم، الدكتور بوبي بيث سكوغنغز، في تعليقه على قرار إلزام البيت الأبيض بإعادة الاستعانة بمترجمي لغة الإشارة خلال المؤتمرات الصحافية الرسمية، إن «الصم وضعاف السمع لديهم الحق الكامل في معرفة المعلومات الصادرة عن البيت الأبيض، مثل أي مواطن آخر».

وأضاف: «إن إلغاء وجود مترجمي لغة الإشارة يُعد انتهاكاً صارخاً لهذا الحق، وسنواصل في الاتحاد الوطني للصم نضالنا لضمان مشاركتهم الكاملة في العملية الديمقراطية».

شاركها.
Exit mobile version