تخوض أوكرانيا حرباً ضد دولتين نوويتين، هما روسيا، إحدى الدول الموقّعة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وكوريا الشمالية غير الموقّعة على المعاهدة، حسبما ذكر المحلل وليام ألبيرك، الزميل غير المقيم في مركز «هنري إل ستيمسون»، وأندرياس أوملاند، المحلل في مركز استوكهولم للدراسات الأوروبية الشرقية في كييف.
وقال ألبيرك وأوملاند في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، إنه منذ 2014 تعمد موسكو إلى تقويض منطق معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية تماماً بموقفها النووي، إذ تنص المعاهدة في مقدمتها على أنه «يتعين على الدول أن تحجم في علاقاتها الدولية عن تهديد سلامة أراضي أي دولة أو استقلالها السياسي أو استخدام القوة ضدها»، وبوجه خاص، يعد مثل هذا الاستخدام أو التهديد باستخدام القوة من قبل دولة لديها سلاح نووي، ضد دولة لا تحظى بتسليح نووي، أمراً غير مسموح به.
وأصبح منطق الحد من انتشار الأسلحة النووية الآن يتعرض لهجوم عن طريق دخول كوريا الشمالية في الحرب الروسية الأوكرانية، وتعتمد روسيا بصورة متزايدة، منذ 2023، على كوريا الشمالية في كل عدوانها على أوكرانيا، وفقاً لألبيرك وأوملاند.
وذكر المحللان أن كوريا الشمالية تدعم حرب روسيا بالفعل، بشدة، عن طريق إمدادها بالمعدات العسكرية والذخيرة، وعززت نطاق تعاونها مع موسكو في خريف 2024، عن طريق إرسال قوات للقتال ضد أوكرانيا، ومنذ إرسال القوات، خاضت وحدات عسكرية كورية شمالية فعلاً عمليات قتالية مباشرة ضد القوات الأوكرانية، وسقط بين صفوفها العديد من القتلى والجرحى، ويساعد اشتراك كوريا الشمالية في هذا الصراع على توسيع مدى الحرب ونطاقها، لتصبح صراعاً عالمياً متأججاً.
وأشار ألبيرك وأوملاند إلى أن كوريا الشمالية انسحبت من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في 2003، قبل أمد طويل من انخراطها في هذه الحرب الأوروبية، ومنذ تحلل بيونغ يانغ من الحاجة إلى الالتزام بالمعاهدات الدولية بشأن أسلحة الدمار الشامل، شعرت بحرية في صنع واختبار الأسلحة النووية وأنظمة إيصالها دون قيد.
ويرى ألبيرك وأوملاند أن شروع موسكو في الأعمال العدائية العسكرية بأوكرانيا في 2014، ودخول بيونغ يانغ بالكامل في الحرب بعد 10 سنوات، لم يقلصا تقييد معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية التام، لقدرة أوكرانيا على السعي إلى الاستفادة من الردع والدفاع النوويين، ويؤدي الالتزام بالمعاهدة إلى أن تكون أوكرانيا في وضع غير مُواتٍ في مواجهة دولتين تمتلكان أسلحة نووية، إحداهما روسيا وهي دولة حائزة أسلحة نووية رسمياً، والأخرى كوريا الشمالية وهي دولة حائزة أسلحة نووية، بحكم الأمر الواقع، خارج معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
وأضاف المحللان أن هذا الوضع يفرض ضغطاً إضافياً على الدور الجيوسياسي لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، مقارنة مع الوقت الذي كانت فيه أوكرانيا تواجه روسيا وحدها، ويبدو تطبيق أوكرانيا وحلفائها من الدول غير النووية للمعاهدة، الآن، غير عادل ومرهق، حيث يضعها في خطر في مواجهة روسيا وكوريا الشمالية، ولتبسيط الفكرة، تتعرض أوكرانيا لهجوم من دولتين حائزتين أسلحة نووية بوضعين قانونيين مختلفين، ولا ملاذ لها في سياق المعاهدة لمواجهة هذا الوضع غير المسبوق.
وخلص المحللان إلى أنه للحفاظ على نظام عدم انتشار الأسلحة النووية، يتعين على جميع الدول الموقّعة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية أن تكون ثابتة في دعمها لأوكرانيا، كما يجب أن تقدّم هذه الدول المساعدات العسكرية وغير العسكرية لتمكين كييف من تحقيق انتصار مقنع في ساحة المعركة، يُفضي إلى تحرير جميع الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا حالياً بصورة غير شرعية.
• كوريا الشمالية عززت نطاق تعاونها مع موسكو، في خريف 2024، عن طريق إرسال قوات للقتال ضد أوكرانيا.