أوليكسي بريما، هو منسق إقليمي في بعثة «بروليسكا» الإنسانية، والمسؤول عن إجلاء وإعادة توطين الأوكرانيين الفارين من جبهات القتال، كما أنه لاجئ أيضاً، حيث فرّ بريما من مسقط رأسه سيفيرودونيتسك في منطقة لوغانسك الشرقية في فبراير 2022 مع عائلته مع بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، وبعد خمسة أشهر دُمرت سيفيرودونيتسك ثم سيطرت عليها القوات الروسية.

انتقل بريما إلى دنيبرو، وهي مدينة في وسط أوكرانيا تحولت إلى مركز رئيس للجيش الأوكراني ولمئات الآلاف من النازحين من جبهات القتال، وبدأ في مساعدة الآخرين على إعادة التوطين في جميع أنحاء البلاد.

هناك حاجة إلى متطوعين مثل بريما لأن حكومة أوكرانيا التي تعاني ضائقة مالية تجد صعوبة بالغة في التعامل مع ملايين اللاجئين ومئات آخرين يتم إجلاؤهم من مناطق القتال يومياً.

ويواجه النازحون داخلياً عقبات بيروقراطية في الحصول على تعويضات عن منازلهم المدمرة أو ممتلكاتهم المهجورة في المناطق التي تحتلها روسيا، كما أن الراغبين في البقاء بمناطقهم وإعادة الإعمار يواجهون صعوبات أيضاً.

مشكلات جسيمة

المشكلات جسيمة لدرجة أن البعض يختار العودة إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية، حيث سجل أكثر من 4.5 ملايين أوكراني أنفسهم كلاجئين داخل البلاد، لكن الحكومة تُصر على أنها تعمل جاهدة لإيجاد منازل بديلة لهم.

وقد فر عدد أكبر من أوكرانيا، وسجلوا أنفسهم كلاجئين في دول غربية، وكثير منهم ليس لديهم منازل يعودون إليها، وخلال أكثر من ثلاث سنوات من الحرب تسبّب القصف الروسي في أضرار للمساكن بأكثر من 60 مليار دولار، وفقاً لتقديرات كلية كييف للاقتصاد، أصدرتها في وقت سابق من هذا العام، ولايزال القصف مستمراً، إذ تُبلغ السلطات الأوكرانية يومياً عن تضرر أو تدمير عشرات المباني.

بيروقراطية

لدى الحكومة الأوكرانية نظام لدفع تعويضات للأشخاص الذين فقدوا منازلهم أو تضررت، لكنه لا يُلبي الطلب، والعملية معقدة بسبب البيروقراطية، والخطوة الأولى هي تقديم طلب مساعدة بموجب برنامج الاسترداد الإلكتروني، وهو الوسيلة الرئيسة التي تستخدمها الحكومة لتعويض أصحاب المنازل، ثم تصل لجنة خاصة لتقييم الأضرار وتزويد السكان بشريط واقٍ لتغطية النوافذ المحطمة. ويساعد المتطوعون في إزالة الأنقاض، بينما يبدأ السكان عملية شاقة للحصول على التمويل من الحكومات المحلية والمركزية.

وقالت سفيتلانا فيدوريفنا، التي تبلغ من العمر 73 عاماً، وتعمل في مبنى سكني بالعاصمة الأوكرانية كييف، قصفته طائرة روسية مسيرة في يونيو الماضي: «قيل لنا إن السلطات لن تُرمم الواجهة إلا بعد رأس السنة الجديدة، وعلينا إصلاح الجزء الداخلي بأنفسنا، لكن مع الأسف لا مال لدينا».

من جهتها، قالت وزارة التنمية الأوكرانية لصحيفة «بوليتيكو»، إن «الحكومة خصصت 310 ملايين يورو لدعم اللاجئين النازحين داخلياً في عام 2025، وقد مكن هذا بالفعل أكثر من 7300 أسرة من شراء مساكن في مناطق أكثر أماناً».

وأضافت: «بحلول نهاية العام ستحصل 3000 أسرة أخرى على التمويل، وفي المجمل حصلت أكثر من 135 ألف أسرة على تعويضات من الحكومة بموجب برنامج الاسترداد الإلكتروني، حيث تخصص الأموال للإصلاحات والسكن الجديد».

تزايد الهجمات

وسُلِّط الضوء على مشكلة إيواء المُهجرين المستمرة في أغسطس الماضي، عندما اشتكى متطوعو منظمة «بروليسكا» في مدينة بافلوغراد الشرقية من اضطرارهم إلى نصب خيام لعدم وجود مكان لاستضافة 400 مُهجّر جديد يصلون يومياً، وذلك بسبب تزايد الهجمات الروسية على المجتمعات المحلية في الخطوط الأمامية في أوكرانيا.

وقال بريما: «بلغ الإجلاء ذروته في سبتمبر الماضي، حيث كان هناك تدفق كبير جداً للأشخاص واختناق مروري، لكننا لفتنا انتباه الحكومة مباشرة. وبعد زيارة رئيس الوزراء لمركز العبور تم حل مشكلة إعادة التوطين، خصوصاً إعادة توطين الأشخاص ذوي الحركة المحدودة بسرعة كبيرة».

وأضاف: «بعد المشكلات التي حدثت أصبحت الحكومة الأوكرانية أكثر نشاطاً في عمليات الإجلاء وإعادة التوطين، وهي تحاول الآن نقل أكثر من 17 ألف شخص من منطقة الحرب، كما أعلنت السلطات عن دعم للمجتمعات المحلية لبناء ملاجئ مؤقتة، إضافة إلى إجراءات مبسطة لنقل مؤسسات الدولة والبلدية لإعادة توطين اللاجئين».

وأوضح بريما: «يتم إيواء معظم العائلات التي لديها أطفال وكبار سن في مساكن حكومية مختلفة مجانا.. نعم إنها ليست شقة خاصة بهم، لكنها لاتزال أفضل بكثير من العيش تحت قصف مستمر»، مشيراً إلى أن بعض المساكن قد تم إصلاحها حديثاً.

وفي هذا السياق، أفادت وزارة التنمية بأن هناك ما مجموعه 1095 منشأة إقامة مؤقتة في أوكرانيا، توفر أكثر من 77 ألف سرير للنازحين، منها نحو 6200 سرير لاتزال شاغرة، لافتة إلى أنه فضلاً عن السكن المؤقت، تخصص الحكومات المحلية مئات الملايين من الميزانيات المحلية لأعمال الإصلاح والتعويضات الأخرى، إضافة إلى منح قروض منخفضة الفائدة لشقق جديدة. ووفقاً لمجلس مدينة العاصمة فإن التحدي كبير، ففي كييف وحدها، أغنى مدينة في أوكرانيا، تضرر أكثر من 2345 مبنى سكنياً منذ عام 2022، غير أن الحكومة المحلية تخطط لإعادة بناء 52 منها فقط.  عن «بوليتيكو»


تعويض

يواجه الأوكرانيون المحاصرون في المناطق التي تسيطر عليها روسيا صعوبات كبيرة، ففي الشهر الماضي حصلوا على حق التقدم بطلب تعويض من الحكومة التي عجزت عن التحقيق بشأن الممتلكات المتضررة، غير أن برنامج التعويض الجديد لن يطلب أدلة مصورة على المنازل المدمرة.

وفي حال عدم حصولهم على تعويض، يجبر بعض الأوكرانيين على العودة إلى مناطق تحت السيطرة الروسية. وقال عمدة ماريوبول، فاديم بويتشينكو: «نحو 30% من سكان ماريوبول التي اجتاحها الروس في حصار خلّف آلاف القتلى في الأشهر الأولى من الحرب، اضطروا إلى العودة خلال العام الماضي».

وأضاف: «إن نقص المساكن في المناطق الخاضعة لسيطرة كييف كان السبب الرئيس للعودة إلى ماريوبول تحت الاحتلال الروسي».

بدوره، قال عضو مجلس مدينة ماريوبول في المنفى، ماكسيم بورودين، إن «الناس يعودون أيضاً لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لبيع ممتلكاتهم»، مضيفاً: «لا يُسمح إلا لمن يحمل جواز سفر روسياً ببيع عقار، لذا يجب على الأوكراني العودة إلى ماريوبول والحصول على جواز سفر روسي».

• 1095 منشأة إقامة مؤقتة في أوكرانيا توفر أكثر من 77 ألف سرير للنازحين.

شاركها.