تصف جهات زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن هذا الأسبوع بأنها مخيبة للآمال، لكن محللين يعتقدون أنها قد تؤتي ثمارها، فقد التقى الزعيم الأوكراني بالمرشح الجمهوري دونالد ترامب يوم الجمعة في سعيه إلى سد الفجوة مع الجمهوريين، الذين شعروا بالانزعاج عندما حضر زيلينسكي حدثاً مع حاكم ديمقراطي في ولاية بنسلفانيا المتأرجحة. ووصل زعيم أوكرانيا إلى العاصمة الأميركية بقائمة تسوق تغص بالطلبات – البعض يسميها مطالب – والتي تُعرف مجتمعةً باسم «خطة النصر». وكان من بين أهمها مناشدة البيت الأبيض للموافقة على استخدام الأسلحة الأميركية والبريطانية بعيدة المدى للضرب داخل الأراضي الروسية، كما سعى زيلينسكي بقوة إلى الحصول على ضمانات أمنية إن لم يكن مساراً متسارعاً نحو حلف شمال الأطلسي (ناتو)، فعلى الأقل نوع من وعد الدفاع المتبادل على غرار ما يقدمه أعضاء التحالف لبعضهم بعضاً. وأخيراً أراد دعماً لتوغل أوكرانيا في منطقة كورسك الروسية، والمزيد من المساعدات لمساعدة اقتصاد بلاده المحطم.
ولكن يبدو أن داعميه الغربيين لم يمنحوه أي موافقة على استخدام الصواريخ داخل الأراضي الروسية، ولا أي ضمانات أمنية صريحة. وخلصت صحيفة «نيويورك تايمز» يوم الخميس إلى أن «قوة زيلينسكي في واشنطن تلاشت بشكل ملحوظ».
وأثارت زيارة الرئيس إلى الكابيتول هيل «ترحيباً فاتراً» من أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء مجلس النواب مقارنة بالزيارات السابقة، وهي استجابة باهتة تفاقمت بسبب ما حدث في بنسلفانيا عندما زار زلينيسكي مصنع ذخيرة يوفر المساعدات الحربية لأوكرانيا ما جعل الجمهوريين يستشيطون غضباً من أنه يروج للديمقراطيين في ولاية رئيسة. وشعر بعض حلفاء زيلينسكي في كييف بأن فريقه الدبلوماسي خذله، ومع ذلك فإن حديث الرئيس الأوكراني عن الحاجة إلى تأمين الدعم لمهام محددة يجب الوفاء بها بحلول نهاية العام، يعكس أن لديه بعض المجال للمناورة.
ويبدو أن حزمة الأسلحة التي أعلن عنها الرئيس جو بايدن والتي تبلغ قيمتها ثمانية مليارات دولار، لم تُلبِّ طلبات كييف إلا أنها ليست ضئيلة الأهمية، وستشمل قدرات دفاع جوي جديدة، بما في ذلك بطارية باتريوت إضافية مضادة للطائرات، والمزيد من التدريب لطياري طائرات إف-16 الأوكرانية، بالإضافة إلى الطائرات بدون طيار وذخائر جو-أرض وقنابل انزلاقية طويلة المدى جديدة تُطلَق جواً، والتي من شأنها أن تساعد البلاد على ضرب الأهداف الروسية بدقة أكبر.
ويعتقد الأستاذ الزائر في قسم دراسات الحرب في كينجز كوليدج لندن، البروفيسور مايكل كلارك، أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، لأن «هذه الحزمة مفيدة، وأعتقد أننا سنسمع لاحقاً أن صواريخ ستورم شادو وسكالب البريطانية والفرنسية سيتم الموافقة على استخدامها، لذا فإن هناك أخباراً أفضل لزيلينسكي قادمة». ويضيف كلارك أن رحلة زيلينسكي سارت «بأفضل ما يمكن أن تكون عليه» حتى مع ابتعاد واشنطن عن إعطاء جدول زمني ملموس نحو عضوية «الناتو». وكانت كييف قد علقت آمالها على بايدن الذي يحاول «تثبيت إرثه بشأن حرب أوكرانيا ومنحهم المزيد من الدعم والمواد» في الأسابيع بين الانتخابات الأميركية في نوفمبر وتنصيب الرئيس الجديد في يناير.
وذكرت تقارير إعلامية أميركية هذا الأسبوع أن وكالات الاستخبارات الأميركية كانت حذرة بشأن منح الإذن باستخدام الصواريخ بعيدة المدى، لأنها قد تؤدي إلى انتقام مباشر ضد الولايات المتحدة في حين لا تمنح ميزة كبيرة في ساحة المعركة، لكن كلارك توقع أن «يكون استخدامها قريباً نسبياً لشن ضربات داخل روسيا». وأضاف أن واشنطن لن تعلن صراحة بالضرورة أنها أيدت مثل هذه الهجمات، لأنه من المناسب للولايات المتحدة أن تسمح للندن «بتحمل المسؤولية» عن استخدام الأسلحة البريطانية. ويعبر كلارك عن ذلك الموقف بقوله: «وجهة نظري هي أن الأميركيين سيساعدون الأوكرانيين بهدوء في استخدام صواريخ ستورم شادو البريطانية، وقد حصل الأوكرانيون على موافقة بريطانية ضمنية لاستخدامها على أي حال».
ويقول الخبير بمؤسسة مارشال فوند البحثية الألمانية، ميخال بارانوفسكي، إن رحلة زيلينسكي إلى واشنطن «لم تكن هدفاً محدداً»، لكن حزمة الأسلحة التي حصل عليها من بايدن كانت «كبيرة جداً وإنجازاً حقيقياً جيداً». وعلى النقيض من ذلك، يضيف بارانوفسكي أن هدف زيلينسكي المتمثل في انتزاع ضمانات أمنية من واشنطن وحلفائها الغربيين كان «غير قابل للتحقيق حقاً»، ولا تستطيع الولايات المتحدة أن تساعد أوكرانيا في تقدم متسارع نحو الانضمام إلى «الناتو» وسط «حرب ساخنة»، ولم يكن هناك أي احتمال لاتفاقية دفاع متبادل بديلة من شأنها أن تعكس وعد التحالف بموجب المادة (5) للدول الأعضاء بحماية بعضها بعضاً.
ويسترسل بارانوفسكي أن آمال كييف في أن يكون بايدن حريصاً على تأمين إرثه بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية بوعود جذرية بالدعم كانت بلا أساس. وقال إن «الرئيس لا يستطيع تقديم ضمانات أمنية». ومع ذلك يتفق بارانوفسكي مع خبراء آخرين على أن بايدن لايزال بإمكانه تأييد استخدام أوكرانيا للصواريخ الغربية بعيدة المدى على الأراضي الروسية، دون الإدلاء بإعلان رسمي. وتبنت نائبة مدير برنامج روسيا وأوراسيا في «تشاتام هاوس»، أوريسيا لوتسيفيتش، وجهة نظر متشككة. وقالت في تعليق مكتوب على الزيارة إن «خطة النصر» التي يتبناها «الكرملين» هي التي تنشط، وليس خطة كييف. وقد فرض تكتيك الرئيس بوتين المتمثل في التهديد النووي «منطق إدارة المخاطر» على إدارة بايدن التي ماطلت في إمدادات الأسلحة بينما «أُجبرت أوكرانيا على القتال في مواقف قتالية متلاحمة وتكافح مع دفاع جوي ضعيف». ومع ذلك زعمت لوتسيفيتش أن بايدن لايزال لديه الوقت للتأثير على مسار الحرب. وقالت إنه يمكنه «تعزيز موقف أوكرانيا في ساحة المعركة قبل الشتاء وجعل استمرار المساعدات العسكرية الأميركية العام المقبل أكثر سهولة»، مضيفة: «الفوز بالحرب، إذا كان هذا هو الهدف حقاً، سيكون من نصيب شاغل البيت الأبيض التالي». عن صحيفة «التايمز» البريطانية
• تقارير إعلامية أميركية ذكرت أن وكالات الاستخبارات الأميركية كانت حذرة بشأن منح الإذن باستخدام الصواريخ بعيدة المدى، لأنها قد تؤدي إلى انتقام مباشر ضد الولايات المتحدة.
• حزمة الأسلحة التي أعلن عنها بايدن بقيمة ثمانية مليارات دولار لم تُلبِّ طلبات كييف.
الجمهوريون يتهمون زيلينسكي بـ «الترويج للديمقراطيين»
زيلينسكي يلتقي بالمرشح الجمهوري ترامب في محاولة لاسترضاء الجمهوريين. أ.ف.ب
زار زيلينسكي مصنعاً في بنسلفانيا لصناعة الذخيرة ليشكر عماله الأميركيين كجزء من رحلته الأوسع نطاقاً في البلاد والتي شملت واشنطن العاصمة في وقت لاحق من الأسبوع، ومع ذلك قال بعض الجمهوريين لصحيفة «واشنطن إكزامينر» إنهم يعتقدون أن هذه الزيارة تروج للديمقراطيين في الولاية المتأرجحة الحاسمة قبل أسابيع فقط من الانتخابات. وقالت رئيسة مؤتمر الجمهوريين في مجلس النواب إليز ستيفانيك: «أعتقد أنه إساءة لاستخدام أموال دافعي الضرائب ومحاولة دعم المرشحين الديمقراطيين واستخدام الطائرات العسكرية للقيام بذلك».
وتساءل السيناتور الجمهوري كيفن كرامر من ساوث داكوتا عن سبب زيارة زيلينسكي لمصنع ذخيرة الجيش في سكرانتون على وجه الخصوص، ويجيب على ذلك بأنه يقع في مسقط رأس الرئيس جو بايدن. المصنع هو أحد المصانع القليلة في البلاد التي تزود أوكرانيا بقذائف مدفعية ضخمة مقاس 155 ملم للمدافع الطويلة التي يمكنها ضرب أهداف تصل إلى 15-20 ميلاً.
ومن بين أولئك الذين رافقوا زيلينسكي إلى المصنع حاكم الولاية، الديمقراطي جوش شابيرو والديمقراطي السيناتور بوب كيسي. وبالإضافة إلى السباق الضيق للرئاسة في ولاية كيستون، يخوض كيسي معركة إعادة انتخاب تنافسية ضد منافسه الجمهوري ديف ماكورميك. عن موقع «كونغريسمان سكوت بيري»