تشهد الجرائم السيبرانية تزايداً متسارعاً مع التوسّع في استخدام الإنترنت والمنصات الرقمية، ما يعكس تنامياً في حجم التهديدات الرقمية التي تستهدف الأفراد والمؤسسات على حد سواء.
وبحسب شرطة رأس الخيمة، تتصدر المشهد جرائم الاحتيال المالي، والابتزاز الإلكتروني، واختراق الحسابات، والسب باستخدام تقنية المعلومات.
وحذّر خبراء في أمن المعلومات بشرطة رأس الخيمة من تصاعد الهجمات السيبرانية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مؤكدين لـ«الإمارات اليوم» أنها تمثل التحدي الأخطر أمام الخدمات الحكومية ومشاريع التحوّل الرقمي، لما تحمله من تداعيات خطيرة تشمل تعطيل الخدمات وتأخير المعاملات وتسريب البيانات الحساسة، فضلاً عن نشر معلومات مضللة تهدد ثقة المتعاملين وتفتح الباب لإيجاد فجوة رقمية بين المجتمع والدولة.
وأكد مدير إدارة الخدمات الإلكترونية والاتصال في القيادة العامة لشرطة رأس الخيمة، العميد الدكتور محمد عبدالرحمن الأحمد، عدم تعرض الأجهزة التقنية في القيادة لأي هجمات إلكترونية أو سيبرانية، موضحاً أن الإدارة تتبع إجراءات تشغيلية دقيقة وصيانة يومية للبنية التحتية الرقمية عبر فِرَق متخصصة، إلى جانب عقود دعم وصيانة مع شركات تقنية لضمان استمرارية العمل على مدار الساعة.
وقال الأحمد إن أنظمة مكافحة الفيروسات والتجسس المعلوماتي تُشكّل خط الدفاع الأول في مراقبة الشبكات، واكتشاف مصادر التهديد والثغرات المحتملة، من خلال التنبيه المستمر على ضرورة إجراء التحديثات الأمنية للأجهزة الإلكترونية لتفادي أي ضعف أو اختراق.
وحول خطورة الهجمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، أوضح أن هذا النوع من الهجمات يُعد من أخطر التحديات التي تواجه الأداء الحكومي في العصر الرقمي، إذ يمكن أن يؤدي إلى تعطيل الأنظمة والخدمات أو تسريب بيانات حساسة، وصولاً إلى نشر معلومات مضللة قد تضعف ثقة المجتمع بالخدمات الحكومية وتبطئ مسيرة التحول الرقمي.
من جانبه، أكد رئيس قسم مكافحة الجرائم الإلكترونية بشرطة رأس الخيمة، الرائد سيف سلطان بوليلة، أن الجرائم الأكثر شيوعاً تتمثل في الاحتيال المالي، والابتزاز الإلكتروني، واختراق الحسابات، والسب باستخدام تقنية المعلومات، مشيراً إلى أن وتيرتها تشهد ارتفاعاً ملحوظاً مع اتساع الاعتماد على المنصات الرقمية.
وأوضح بوليلة أن هناك تنسيقاً مباشراً مع هيئة تنظيم الاتصالات والهيئات الأمنية الأخرى عبر لجان وفرق عمل مشتركة لتبادل المعلومات وتعزيز منظومة الأمن الإلكتروني، مضيفاً أن شرطة رأس الخيمة تنفذ برامج توعية دورية بالتعاون مع القطاعين الحكومي والخاص وبالشراكة مع إدارة الإعلام، لتعزيز الوقاية من الجرائم السيبرانية ورفع مستوى الوعي المجتمعي.
بدوره، أفاد مدير فرع البحث والتحري الإلكتروني في شرطة رأس الخيمة، النقيب عمر راشد الشحي، بأن الجهود الأمنية تستند إلى قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية رقم (34) لسنة 2021، إلى جانب القوانين الخاصة بحماية البيانات التي تفرض معايير صارمة على المؤسسات.
وذكر أن الإمارات تلعب دوراً محورياً عالمياً في مكافحة الجرائم السيبرانية، من خلال التعاون الأمني وتبادل المعلومات مع الدول والمنظمات الدولية المختصة، لافتاً إلى أن شرطة رأس الخيمة تنظم حملات توعية سنوية بالتعاون مع الشركاء، لرفع الوعي بمخاطر الاحتيال الإلكتروني وأساليب الحماية الرقمية.
كما أكدت مديرة فرع أمن وقواعد المعلومات بشرطة رأس الخيمة، الملازم أول مريم عبدالله النعيمي، أن التعاون الوثيق بين القطاعين الحكومي والخاص في الدولة يُشكل نموذجاً رائداً لتعزيز الأمن السيبراني، من خلال إنشاء مجالس متخصصة ومراكز بالشراكة مع كبرى شركات التكنولوجيا العالمية لحماية البنية التحتية الرقمية وبياناتها الحساسة.
وأضافت أن الإمارات تبنّت نهجاً استراتيجياً يركز على الشراكة الفاعلة، تمثّل في إنشاء مجلس الإمارات للأمن السيبراني الذي يلعب دوراً محورياً في صياغة السياسات والاستراتيجيات، إلى جانب إطلاق مركز التميز للأمن السيبراني في أبوظبي بالتعاون مع شركة «غوغل» العالمية، ما يوفر بيئة موثوقة تدعم المؤسسات في مسيرة التحول الرقمي، وتعزز تطوير الكفاءات الوطنية بقدرات الحوسبة المتقدمة.
وشددت النعيمي على أن الأمن السيبراني أصبح ركيزة أساسية لحماية الأفراد والمؤسسات والمجتمعات، مؤكدة أن دور المجتمع المدني ووسائل الإعلام محوري في الوصول المباشر للفئات المستهدفة وبناء مجتمع رقمي محصّن من الهجمات.