رصد أطباء في ممارساتهم السريرية حالات أدت فيها علامات جلدية بسيطة إلى تشخيص أمراض خطرة، منها مريضة ظهرت لديها حكة شديدة وبقع داكنة، تبين لاحقاً أنها تعاني مشكلة في الكبد، ومريض كان يعاني طفحاً جلدياً متكرراً وجرى تشخيصه بمرض مناعي ذاتي، وحالة لمريض ظهرت لديه تقرنات دهنية مفاجئة، كانت أولى الدلالات على وجود ورم خبيث داخلي، ورجل لاحظ آفة داكنة تتغيّر على ساعده، وبعد فحص خزعة تبين إصابته بورم ميلانيني سطحي، وهو من أكثر سرطانات الجلد عدوانية.
وحذّروا من تجاهل 10 علامات جلدية قد تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها قد تكون مؤشراً مبكراً إلى الإصابة بأمراض باطنية خطرة تهدد الحياة، مثل السرطان، وأمراض القلب، وأمراض الكبد، والسكري، مؤكدين أن الجلد لا يُعدّ مجرد غلاف خارجي للجسم، بل هو مرآة حيوية تعكس صحة الأعضاء الداخلية، وأن بعض التغيّرات الجلدية تُعدّ بمثابة جرس إنذار مبكر، يستدعي تدخلاً طبياً فورياً، إذ إن رصدها في الوقت المناسب، يمكن أن يؤدي إلى الكشف المبكر، وإنقاذ حياة المريض.
وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن «النتوءات الصفراء على الجفون» تدل على تراكم الكوليسترول، وتشير إلى خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، فيما تُمثّل «التقرحات التي لا تلتئم» تحذيراً من مرض السكري أو احتمال وجود ورم جلدي أو داخلي، أما «التغيّرات في الأظافر» فقد تنبه إلى أمراض خطرة في الكبد أو الرئة، أو حتى تكون علامة على وجود أورام داخلية خطرة.
ودعا الأطباء إلى الفحص الذاتي للجلد أمام مرآة كاملة، بما يشمل جميع مناطق الجسم، مشددين على أهمية استشارة طبيب متخصص عند ملاحظة أي تغيّر جلدي غير معتاد أو ظهور أي بقع.
وتفصيلاً، أكّدت اختصاصية الأمراض الجلدية، الدكتورة أسماء الخطيب، أن الجلد لا يُعدّ مجرد غلاف خارجي للجسم، بل مرآة تعكس الحالة الصحية للأعضاء الداخلية، مشيرة إلى أن بعض التغيّرات الجلدية قد تكون بمثابة جرس إنذار لمشكلات باطنية أو أمراض مزمنة تستدعي تدخلاً طبياً عاجلاً.
وأوضحت أن هناك علامات جلدية قد تكشف عن وجود أمراض داخلية خطرة، تشمل اصفرار الجلد وبياض العينين، وهو ما قد يشير إلى مشكلات في الكبد أو انسداد القنوات الصفراوية، كما أن الشحوب الشديد أو الاصفرار الباهت للبشرة، قد يدلان على فقر الدم أو نقص بعض الفيتامينات والمعادن الأساسية، والطفح الجلدي المتكرر المصحوب بحكة شديدة، قد يكون مرتبطاً بأمراض مناعية أو حساسية غذائية مزمنة، وتغيّر لون الأطراف إلى الأزرق أو الأرجواني، ربما يكون مؤشراً محتملاً إلى اضطرابات في الدورة الدموية أو أمراض قلبية، ولفتت إلى أن التقرحات غير المُلتئمة، قد تكون علامة تحذيرية على الإصابة بالسكري أو أنواع معينة من السرطان الجلدي أو الباطني، كما أن تساقط الشعر المفرط، قد يكون ناتجاً عن اضطراب في نشاط الغدة الدرقية أو نقص الحديد، وأشارت إلى أن الجفاف والتشقق المستمر في الشفاه يرتبط أحياناً بالجفاف المزمن أو نقص فيتامينات مهمة، أما التغيّرات في الأظافر، مثل التقصف أو ظهور خطوط داكنة، فقد تدل على مشكلات في الكبد أو الرئة، أو تكون في بعض الحالات إنذاراً مبكراً لأورام خبيثة.
وأضافت: «كثيرون يستهينون ببعض الأعراض الجلدية الشائعة، رغم أنها قد تكون مؤشرات إلى مشكلات صحية أكثر خطورة»، مشددة على ضرورة الانتباه إلى مدة استمرار الأعراض الجلدية، وتطورها، وارتباطها بأعراض عامة، مثل فقدان الوزن غير المبرر، والتعب المزمن، والحمى، أو تغيّرات في الشهية، معتبرة أن هذه العوامل تُعدّ مؤشرات تستوجب مراجعة الطبيب المتخصص من دون تأخير.
وأكّدت أنها صادفت في عيادتها مريضة كانت تعاني حكة شديدة وبقعاً داكنة على الجلد.
وقالت: «بعد الفحص والتحاليل تبيّن أنها تعاني مشكلات في الكبد في مرحلة مبكرة، وتم علاجها قبل أن تتطور، كما استقبلت مريضاً بطفح جلدي متكرر، وبعد التشخيص ثبت أنه مصاب بمرض مناعي ذاتي في بدايته، وتم توجيهه إلى الرعاية اللازمة في الوقت المناسب».
وشددت على عدم إهمال أي تغيّرات جلدية، مشيرة إلى أن التشخيص المبكر يُحدِث فرقاً كبيراً، وقد ينقذ حياة المريض، داعية الجميع إلى مراجعة طبيب الأمراض الجلدية عند ظهور أي أعراض غير معتادة.
بدوره، أكّد استشاري الأورام الطبية، الدكتور عبدالرحمن آغا الكنج، أن الجلد نظام إنذار مبكر للأمراض الجهازية، مضيفاً أن بعض الأمراض الخطرة قد تُكتشف من خلال تغيّرات جلدية فقط، قبل أن تظهر أي أعراض أخرى، ما يجعل الوعي، والفحص المنتظم، والتقييم الطبي المبكر عوامل حاسمة في الوقاية والعلاج.
وقال إن سرطان الجلد يُعدّ أكثر أنواع السرطان شيوعاً، لكنه ليس النوع الوحيد الذي قد تظهر أعراضه على الجلد، مؤكداً أن السرطانات الداخلية، مثل سرطانات الثدي، والرئة، والكبد، والمعدة، قد تُسبب تغيّرات مرئية على الجلد، تتنوع بين طفح جلدي غير معتاد، وتغيّرات في اللون، وظهور عقيدات أو بقع سميكة.
وأوضح أن بعض أنواع السرطان تنتشر على الجلد مباشرة، بينما تُحدِث أنواع أخرى تغيّرات جلدية، بسبب ردود فعل الجهاز المناعي أو اختلالات هرمونية، وقد يكون الجلد – في بعض الحالات – أول مكان تظهر فيه علامات مرض داخلي.
وأضاف أن هناك علامات جلدية تستدعي زيارة الطبيب فوراً خوفاً من وجود سرطان، وتشمل بقعة جديدة تتغيّر في الحجم أو الشكل أو اللون، وقرحة لا تلتئم خلال أسابيع، وآفة جلدية تنزف، أو تسبب حكة مستمرة، أو تتقشر، أو تُصبح مؤلمة، واصفرار الجلد أو العينين (اليرقان)، وظهور كتل غير مبررة تحت الجلد أو عقيدات ظاهرة، وآفة جلدية تنمو بسرعة أو ذات لون داكن وغير طبيعي.
وأكّد أن هذه العلامات قد تُشير إلى أمراض خطرة، وأن التقييم المبكر من قبل اختصاصي ضروري، لاسيما في حالات السرطان العدواني، مثل الورم الميلانيني، حيث إن التأخير في التشخيص قد يُقلل من فرص نجاح العلاج.
وعن أهمية الفحص المبكر، شدد على أن الكشف المبكر عن سرطان الجلد – خصوصاً الورم الميلانيني – يزيد بشكل كبير من فرص الشفاء، وفي كثير من الحالات يمكن الاكتفاء بعلاج بسيط، مثل الاستئصال الجراحي، لافتاً إلى أن الأطباء قد يكتشفون تغيّرات مقلقة أثناء الفحص الروتيني حتى قبل أن يلاحظها المريض، ما يُبرز أهمية الفحوص الدورية والفحص الذاتي.
وأوصى المرضى بفحص أنفسهم شهرياً عبر الوقوف أمام مرآة، وفحص الجسم بالكامل، بما في ذلك المناطق التي يصعب رؤيتها، مثل الظهر وفروة الرأس وخلف الأذنين وباطن القدمين، داعياً في حال رأى الشخص بقعة غير معتادة، أو بقعة تظهر فجأة، أن يتوجه إلى متخصص لفحصها بأسرع وقت.
وذكر حالة مريض ظهر فيها طفح جلدي داكن ومخملي في طيات الجلد (الشواك الأسود)، وكانت أول علامة على الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، ومريض آخر اشتكى من حكة شديدة مستمرة من دون طفح واضح، وبعد التشخيص تبين أنه مصاب بـ«لمفوما هودجكين»، وفي حالات أخرى كان الظهور المفاجئ لتقرّنات دهنية (Seborrheic Keratoses) مؤشراً إلى وجود أورام خبيثة داخلية في بعض المرضى، وهي حالة تُعرف بعلامة «ليزير-تريلات».
وشرحت اختصاصية طب الأسرة، الدكتورة علياء السويدي، أن هناك أمراضاً مزمنة شائعة تظهر على الجلد، وفي الأغلب تكون التغيّرات الجلدية أولى العلامات الظاهرة، وتشمل «الشواك الأسود» وهو تغيّر في لون الجلد وزيادة في سمكه، خصوصاً في مناطق الطيات، مثل الإبطين، والرقبة، والفخذ، ويرتبط بشكل وثيق بمقاومة الأنسولين، وبعض الأدوية، مثل الكورتيكوستيرويدات، والنياسين، أو حبوب منع الحمل، وأنواع معينة من السرطان، خصوصاً سرطانات المعدة، والكبد، والقولون.
وأوضحت أن حالة «الزانثلازما» تبدأ بنتوءات صفراء صغيرة تظهر على الجفون أو حولها، بسبب تراكم الكوليسترول تحت الجلد، ورغم أنها غير مؤذية في حد ذاتها، فإنها قد تُمثّل علامة مبكرة على ارتفاع الدهون في الدم، ومؤشراً إلى خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية، داعية إلى ضرورة إجراء الفحوص الدهنية عند ملاحظة هذه التغيّرات.
واستعرضت أمثلة حقيقية من ممارستها الطبية، منها ورم ميلانيني مبكر تم اكتشافه لدى مريض كان يشكو آفة داكنة على الساعد الأيسر، كانت تكبر ببطء مع مرور الوقت، وبعد إجراء خزعة، تم تأكيد الإصابة بـ«الورم الميلانيني السطحي المنتشر»، وهو أحد أنواع سرطان الجلد العدوانية، وحالة أخرى لرجل خمسيني حضر إلى قسم الطوارئ يعاني ألماً شديداً في الجزء العلوي من البطن مصحوب بغثيان وقيء، وُجدت علامات جلدية بارزة، شملت تلوناً أزرق أرجوانياً حول السرة (علامة كولين) وكدمات على الجانبين (علامة غراي تيرنر)، وهي علامات جلدية تشير إلى نزيف داخلي خلف الصفاق، وأثبتت الفحوص والتحاليل أنه يعاني التهاب بنكرياس نزفي حاد، وكانت التغيّرات الجلدية أول دليل خارجي على وجود حالة طارئة خطرة.
وشددت على أن الجلد قد يكون في بعض الأحيان أداة تشخيصية مبكرة للأمراض الباطنية والمزمنة، داعية إلى عدم إهمال التغيّرات الجلدية غير المبررة، وضرورة مراجعة الطبيب عند ملاحظتها، حتى إن بدت بسيطة أو غير مؤلمة.
• الجلد مرآة حيوية تعكس صحة الأعضاء الداخلية.. ورصد الأمراض يؤدي إلى الكشف المبكر وإنقاذ حياة المصاب.
• 10 علامات جلدية تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها قد تكون مؤشراً مبكراً إلى الإصابة بأمراض باطنية خطرة.