قال رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، الدكتور محمد الكويتي، إن المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي يمتلكون قدرة كبيرة على توجيه سلوك المتابعين، وهذه الميزة تجعلهم هدفاً جذاباً للجهات الخبيثة، كما أنهم قادرون على لعب دور محوري في تعزيز الأمن السيبراني، و«كشف محاولات التصيد»، والتحوّل من «ثغرة محتملة» إلى أدوات حماية وخط دفاع ضد الهجمات السيبرانية.

وأضاف الكويتي، لـ«الإمارات اليوم» على هامش «قمة الإعلام العربي 2025»، المنعقدة في دبي، أنه من الضروري التعاون مع هؤلاء المؤثرين، وتزويدهم بالأدوات اللازمة، لتعزيز أمان حساباتهم ومحتواهم، وتحويلهم من ثغرة محتملة إلى خط دفاع أول ضد الهجمات السيبرانية.

وتفصيلاً، قال الدكتور محمد الكويتي: «وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي أداة سريعة التأثير، خصوصاً من خلال قدرتها الكبيرة على نشر الأخبار بشكل آني، والوصول إلى جماهير واسعة في لحظات، كما أن الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي عزز من تداول الأخبار بشكل سريع من دون الاهتمام بالصدقية أو التحقق، فعند حدوث حدث ما، يتناقل الأفراد الأخبار عبر المنصات المختلفة قبل التحقق من صدقيتها، ما يخلق تأثيراً اجتماعياً أو سياسياً فورياً، مثل التأثير في الرأي العام وخلق حالة من القلق خاصة خلال الأزمات. في المقابل، تُظهر الهجمات السيبرانية سرعة تأثير مختلفة، فهي قادرة على تعطيل بنى تحتية حيوية، مثل المستشفيات أو أنظمة الطاقة والتحكم، أو تسريب بيانات الملايين في دقائق، مع تأثيرات مادية ملموسة قد تستمر لسنوات، حيث إن الهجمات السيبرانية تفرض أزمات واقعية تتطلب تدخلات عاجلة، ما يجعل تأثيرها (أعلى خطراً) وإن كان هذا التأثير ليس الأسرع دائماً».

وأضاف: «على الرغم من أن سرعة وسائل الإعلام الجديدة في نشر الأخبار قد تؤدي أحياناً إلى نشر الذعر أو المعلومات المضللة، فإن تبعاتها تكون في الأغلب أقل ضرراً وأسرع في تغييرها في حال نشر المعلومات الصحيحة، لكن الهجمات السيبرانية، التي قد تستغرق أياماً حتى تُكتشف، تفرض تبعات طويلة المدى، لذا يمكن القول إن الإعلام أسرع في سرعة التأثير النفسي والاجتماعي، بينما الهجمات السيبرانية أسرع في إحداث ضرر ملموس على المؤسسات والجهات، وفي كل الحالات فهناك تأثير لكل منهما، وقياس مدى التأثير يعتمد على السياق، فعلى سبيل المثال يكون الإعلام أكثر تأثيراً أثناء الأزمات، بينما في الحروب الاقتصادية، تكون الهجمات السيبرانية أكثر تدميراً وتأثيراً».

وتابع رئيس مجلس الأمن السيبراني: «يمتلك المؤثرون قدرة كبيرة على تشكيل الرأي العام وتوجيه سلوك المتابعين، وهذه الميزة تجعلهم هدفاً جذاباً للجهات الخبيثة، فاختراق حساب مؤثر مشهور، قد يُستخدم لنشر برامج ضارة أو التصيد الاحتيالي، أو حتى تصميم هجمات إلكترونية عبر روابط زائفة يُروج لها بشكل جذاب لاستهداف متابعيه، وعلى صعيد آخر، يُعدّ المؤثرون أنفسهم قوة محتملة يمكن استخدامها في حملات التوعية من الهجمات السيبرانية، وذلك من خلال إعدادهم بشكل جيد، ليكونوا قادرين على إيصال المعلومات الصحيحة للجمهور، واختيار عدد منهم كنماذج في حملات التوعية، لزيادة الوعي بقضايا الأمن السيبراني، مثل الخصوصية، ووسائل وخطوات الحماية المختلفة من الهجمات السيبرانية».

وأضاف: «المؤثرون قادرون على لعب دور محوري في تعزيز الأمن السيبراني عبر تثقيفهم وتوعيتهم، ليكونوا أدوات في إطار حملات التوعية، خاصة حملات مثل الدعوة إلى استخدام كلمات مرور قوية أو (كشف محاولات التصيد)، ومن خلال المؤثرين ستصل هذه الحملات إلى الملايين، وبالتالي يمكن تحويل المؤثرين من ثغرة محتملة إلى أدوات لتعزيز الحماية، لذا فمن الضروري التعاون مع هؤلاء المؤثرين، وتزويدهم بأدوات لتعزيز أمان حساباتهم ومحتواهم، ليصبحوا خط دفاع أول ضد الهجمات السيبرانية».

وفي ما يتعلق بكيفية إنتاج محتوى إعلامي يواكب وعي الأفراد سيبرانياً، قال: «من المهم نشر القصص الواقعية التي توضح تأثير الهجمات السيبرانية في الأفراد العاديين، مثل فقدان مدخرات حياتية بسبب احتيال سيبراني، أو تدمير سمعة شخصية عبر تسريب صور خاصة وغير ذلك من الوقائع، وهذه القصص تجعل التهديدات مجسدة واقعياً بدلاً من كونها مجردة أو دعوات إلى التوعية ومجرد نصائح وإرشادات، إضافة إلى العمل على تعزيز إنتاج المحتوى التفاعلي، مثل الفيديوهات القصيرة التي تُظهر كيف تحدث الهجمات خطوةً بخطوة (مثل اختراق كاميرا المراقبة المنزلية أو اختراق هاتف محمول عبر لينك غير مؤمن)، مع تقديم حلول وقائية بطريقة بصرية مبسطة، ويمكن أيضاً الاستفادة من «السرد الوقائي» كتخيل سيناريوهات مستقبلية لجرائم سيبرانية متطورة، مثل استغلال الذكاء الاصطناعي لانتحال الشخصيات وغير ذلك من أساليب الاحتيال، ما يجعل الأفراد أكثر وعياً بأمنهم السيبراني وكيفية الحفاظ عليه».

ونصح قائلاً: «من المهم أيضاً كشف العلاقة بين الحياة الرقمية اليومية والأمن السيبراني، مثل مخاطر مشاركة الأطفال الزائدة على الإنترنت، أو ربط الأجهزة الذكية في المنزل بالشبكات غير المؤمنة، وهنا يمكن تقديم محتوى يربط بين الممارسات اليومية البسيطة (كالتسوق عبر الإنترنت) وعواقبها الأمنية، وبالتالي يمكن على سبيل المثال عرض طرق وخطوات للتسوق الآمن، وإبراز دور العادات الرقمية السليمة خلال الممارسات اليومية، للتوعية بالمخاطر والتهديدات، إضافة إلى أنه يُنصح بالتعاون مع خبراء أمنيين، لتحليل حوادث حقيقية من دون تعقيد، مثل تفكيك هجوم إلكتروني على شركة محلية، وشرح كيفية تجنبه بلغة بسيطة يمكن أن تخاطب الفئات كافة، ويكون من السهل نشرها بشكل أوسع، لتحقيق أقصى استفادة ممكنة، والمحافظة على تحديث هذه الوسائل والرسائل بشكل دوري، لتغطي التطورات المتلاحقة في هذا المجال الحيوي».

شاركها.