حذر خبراء في مجال الأمن السيبراني من شراء سبائك الذهب عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، إذ أكدوا انتشار إعلانات مزيفة تستدرج الضحايا بإمكانية شراء الذهب والفضة بأسعار مغرية من خارج الدولة، مقابل تحويل مبلغ مالي كعربون حتى استلامه، مؤكدين أهمية التعامل مع البائعين المعتمدين فقط.
وأشاروا إلى انتشار وسائل احتيالية حديثة عبر الإنترنت أبرزها روبوتات التداول بالذكاء الاصطناعي، والذهب الرقمي أو الرموز المغطاة بالذهب، وهي عملات رقمية يدعي المحتال أنها مدعومة بالذهب الحقيقي برموز مزيّفة بالاسم نفسه تقريباً من غير أي تغطية حقيقية، إضافة إلى محافظ ذهب إلكترونية، تدعي قدرتها على شراء غرامات رقمية وحفظها، لكن أغلبها ليس لديه أي ذهب فعلي، ولكن مجرد أرقام في التطبيق.
وأكد الخبير في الأمن السيبراني أحمد الزرعوني، أن عملية النصب والاحتيال عبر وسائل التواصل الاجتماعي لم تعد تقتصر على الذهب، وإنما امتدت إلى الفضة والنحاس، والعديد من المعادن والسلع والخدمات، لافتاً إلى أن عصابات الاحتيال تستدرج الضحايا من خلال صفحات مزيفة تعرض الذهب والسبائك وسلعاً أخرى بأسعار مغرية وتوهم الضحايا بإمكانية جلبها لهم من خارج الدولة بأسعار أقل.
وأكد أهمية أن يعي المهتمون بشراء الذهب الابتعاد تماماً عن شرائه من خلال مواقع وحسابات التواصل الاجتماعي، لتجنب عمليات النصب والاحتيال، والتعامل فقط مع البائعين المعتمدين وجهاً لوجه.
من جانبه، رأى الخبير التقني عبدالنور سامي، أن حلم الثراء السريع هو الحيلة التي لا تندثر، إذ بدأ في رصدها منذ 2008 ولم يجد أن الوعي قد لامس الناس بقدر ما تلامسهم أيادي المحتالين المتجددة على مر العقود، وقد تطور الأمر الآن بوجود منصات متطورة شكلياً، فتوحي بالاحترافية والصفة القانونية.
وذكر أن حملات التداول ليست مقتصرة على الذهب بل أيضاً الأسهم، والفوركس، والعملات الرقمية، إلا أنها تستغل رواج الحديث عن الذهب في وسائل التواصل الاجتماعي ما يسهم في وصول إعلاناتها بشكل أفضل.
ولفت إلى أن هذه الحملات الاحتيالية تنشط بشكل أكبر مع انبثاق مجموعات عدة في «تليغرام» أو ظهور بث مباشر في «تيك توك» تستقطب ضحايا هذا التداول، إضافة إلى إعلانات مضللة مستهدفة تصل إلى الجمهور وهي إعلانات مدفوعة، كما أن بعض المحتالين يستغل المؤتمرات الاستثمارية في الدولة ويقوم بالتسجيل فيها ليتمكن من إرسال رسائل مباشرة إلى المسجلين في المؤتمر أو المعرض. ونبه إلى أنه للحد من هذه الهجمات الاحتيالية المستهدفة لابد من تصفية وإعادة ضبط الخوارزمية وذلك بإزالة الاهتمامات القديمة وبالأخص اهتمامات التداول وغيرها، وعند ظهور تلك الإعلانات أو بثوث الـ«تيك توك» فلابد من الإبلاغ عنها لكي لا تظهر مجدداً للمستخدم.
كما يجب الحذر من التسجيل في المنصات، والاقتصار على الاستثمار في السوق المالي للدولة فقط، وعدم إدخال البيانات البنكية في أي موقع إلكتروني، إذ إنه بمجرد حصول المحتالين على البطاقة سيتمكنون من سحب الأموال بشكل مستمر. ونصح بعدم شراء الذهب من الإنترنت، بل من الأسواق المحلية في الدولة، وفي حال رصد أي محتوى مضلل يوهم بالربح من خلال الذهب، فيجب إبلاغ الجهات المعنية.
من جانبه، أوضح خبير الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي، الدكتور محمد الفقي، أن هناك أساليب عدة للاحتيال في تداول الذهب، منها منصّات تداول وهمية، حيث ينشئ المحتال مواقع وتطبيقات مشابهة بنسبة 100% من المنصّات الكبيرة المشهورة، وبمجرد أن يودع الضحية ماله في المنصّة تختفي أو يُغلق الحساب، ويمكن اكتشافها من خلال التأكد من وجود رخصة للمنصة، وإذا كان هناك رقم ترخيص من دون رابط أو رابط لموقع آخر فهذا مؤشر خطير، ويجب الانتباه للمواقع التي تنتهي بـ(.live) أو (.trade) بدل (.com) إذ إنها غالباً نسخ مقلّدة.
ونبه إلى نوع آخر من الاحتيال وهو محافظ الذهب الإلكترونية، وهي تطبيقات جديدة تدعي أنها (محفظة إلكترونية للذهب) تستطيع شراء غرامات رقمية وتحفظها، لكن أغلبها ليس لديه أي ذهب فعلي، ولكن مجرد أرقام في التطبيق. ونصح الأفراد لتفادي الاحتيال، بعدم تصديق أي وعد بربح سريع أو مضمون، وعدم التعامل مع منصّة غير مرخّصة رسمياً، والبحث عن اسم الشركة في غوغل + كلمة (Scam) قبل تحويل أي أموال، والاستثمار بمبلغ صغير أولاً كاختبار، فيما حذّرت شرطة أبوظبي من طرق جديدة يبتكرها المحتالون للإيقاع بضحاياهم، إذ يستغلون ارتفاعات أسعار الذهب عالمياً، وإقبال بعضهم على شرائه خلال الفترة الحالية، للنصب والاحتيال، عبر عروض وهمية وبأسعار مغرية وذهب مزيف.
وذكرت شرطة أبوظبي أنه «كل يوم يبتكر المحتالون طرقاً جديدة للإيقاع بضحاياهم، وقد تصلك مكالمة تطلب منك تحويلاً مالياً عاجلاً، أو رسالة بنكية مزيفة تحمل رابطاً خطراً، وقد يغريك إعلان عن استثمار وهمي يَعِدك بأرباح خيالية، أو عرض بيع ذهب مزيف بأسعار مغرية، بل حتى حجز شاليهات فاخرة بأسعار منخفضة جداً، لتكتشف في النهاية أنك دفعت أموالك بلا مقابل».
وقال رئيس قسم مكافحة الجرائم الإلكترونية، المقدم علي فارس النعيمي لـ«الإمارات اليوم»، إن أساليب الاحتيال متطورة ومتجددة، ويركز فيها المحتالون على الأحداث والأمور التي تقع في دائرة اهتمامات أفراد الجمهور من أجل تنفيذ عملياتهم الإجرامية، مشيراً إلى أنه «من هذه الأساليب استغلال ارتفاع أسعار الذهب عالمياً من خلال ترويج إعلانات مزيفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لاصطياد الضحايا المهتمين بشراء الذهب بأسعار مغرية، أو يتم الاحتيال عليهم عبر بيعهم ذهباً مزيفاً».
وأكد النعيمي أهمية أن يأخذ أفراد الجمهور حذرهم في معاملاتهم المالية، والشراء من المواقع والأماكن الموثوقة والمرخصة في الدولة، والابتعاد تماماً عن شراء مثل هذه المقتنيات الثمينة من مصادر مجهولة عبر الإنترنت، أو تحويل أموال للمحتالين.
ولفت إلى أهمية عدم تصديق الإعلانات الوهمية المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تعرض سلعاً ومنتجات أو خدمات بأسعار مغرية، إذ تستهدف بشكل رئيس الاستيلاء على أموال الأفراد، والنصب والاحتيال عليهم.
وأكد المقدم علي فارس النعيمي، أن شرطة أبوظبي تعمل بشكل متواصل على تطوير مبادرات نوعية تواكب التطورات التقنية المتسارعة، وتدعم منظومة الأمن الرقمي من خلال مركز المعلومات الجنائية لمكافحة الجرائم الإلكترونية الذي يُعنى برصد وتحليل الجرائم الإلكترونية المستحدثة، واتخاذ الإجراءات الاستباقية للحد من انتشارها.
وأشار إلى أن مركز تواصل يُجسّد مفهوم الشراكة الفاعلة بين القطاعين الأمني والمالي، ويُعدّ إحدى المبادرات الرائدة التي تعكس التزام شرطة أبوظبي بتعزيز منظومة الأمان الرقمي والمالي، كما شدد على أهمية دور أفراد المجتمع في سرعة الإبلاغ، لما له من تأثير مباشر في نجاح عمليات الاسترداد والتدخل المبكر.
الإبلاغ الفوري
دعت شرطة أبوظبي الجمهور إلى الإبلاغ الفوري عن أي محاولة احتيال إلكتروني من خلال خدمة «أمان» المتاحة على مدار الساعة عبر الرقم 8002626، أو الرسائل النصية القصيرة 2828، أو عبر البريد الإلكتروني aman@adpolice.gov.ae، مؤكدة أن وعي الجمهور هو خط الدفاع الأول في مواجهة الجرائم الإلكترونية.
