توافد آلاف المتطوعين من مختلف الجنسيات والفئات العمرية، في مشهد إنساني نابض بالحياة، على مركز دبي للمعارض – إكسبو، صباح أمس، للمشاركة في تجهيز «سفينة محمد بن راشد الإنسانية» التي تضم سلالاً غذائية تحتوي على أكثر من 10 ملايين وجبة، ضمن مبادرة أطلقتها مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، بالتعاون مع عملية «الفارس الشهم 3»، التي أطلقتها دولة الإمارات لدعم الشعب الفلسطيني الشقيق وتلبية الاحتياجات العاجلة لأهالي قطاع غزة.

وبدأ العمل الميداني لتجهيز السلال الغذائية المخصصة لأهالي غزة في تمام الساعة التاسعة صباحاً، وانقسم المتطوعون إلى أربع ورديات يومية، ومجموعات متعددة، لتسهيل عملية العمل وإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن للمشاركة، وسط تنظيم دقيق وأجواء يسودها التعاون والحماس.

ومع انطلاق عملية التجهيز، امتلأت القاعات بأصوات الحركة والنشاط، حيث تراوحت أعمار المشاركين بين خمسة و70 عاماً، من الأطفال والشباب وكبار المواطنين، وشهدت المبادرة مشاركة فعّالة من ذوي الهمم، لتتحول القاعة إلى ورشة إنسانية نابضة بالحياة، تتحد فيها الأيادي والقلوب لتقديم العون لأهل غزة، وتعكس روح العطاء والتضامن التي يجسدها المجتمع الإماراتي بقيادته وشعبه.

وأعرب مسؤولون ومتطوعون مشاركون من مختلف الأعمار والجنسيات عن فخرهم بالمشاركة في مبادرة «سفينة محمد بن راشد الإنسانية»، مؤكدين أن ما شهدته قاعات التجهيز من تلاحم إنساني يجسد روح الإمارات التي تتقدم دائماً إلى حيث يكون الخير، مشيرين إلى أن هذه المبادرة لم تكن مجرد عملية تجهيز سلال غذائية، بل منصة حقيقية تجتمع فيها القيم النبيلة، وتلتقي فيها الأيادي على هدف واحد وهو «دعم غزة في محنتها وإرسال رسالة أمل لأهلها بأن العالم مازال بخير».

وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن دولة الإمارات تجسّد نموذجاً عالمياً في العمل الإنساني، وإن مبادراتها المتواصلة تجاه الشعب الفلسطيني تعكس قيم العطاء والرحمة الراسخة في المجتمع وقيادته الرشيدة، معربين عن شكرهم لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على منحهم الفرصة للإسهام في هذا الجهد النبيل.

وأكدوا أن هذه المبادرة ليست مجرد فعالية تطوعية، بل رسالة إنسانية تعبّر عن وقوف الإمارات قيادة وشعباً مع غزة، وتؤكد أن العمل الخيري جزء أساسي من هوية الدولة، وأن المشاركة فيها تمثل واجباً أخلاقياً وإنسانياً تجاه الشعب الفلسطيني.

مبادرات نوعية

وقال المتحدث الرسمي لعملية «الفارس الشهم 3»، محمد الشريف: «نتقدّم بجزيل الشكر إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على هذه المبادرة الإنسانية التي ليست بغريبة على سموه، فهو صاحب أيدٍ بيضاء في مختلف المواقف، وداعم دائم للمحتاجين، واليوم، يأتي تجهيز 10 ملايين وجبة في ظل الظروف الإنسانية التي يمر بها قطاع غزة ليشكّل دعماً حقيقياً وتخفيفاً لمعاناة أشقائنا الفلسطينيين، ونأمل أن تسهم سفينة محمد بن راشد الإنسانية في تقديم العون اللازم وتخفيف الألم عن أهلنا في غزة»، وأضاف لـ«الإمارات اليوم»: «بعد الانتهاء من تجهيز الوجبات، سيتم تحميلها على متن السفينة التي ستبحر خلال الأيام المقبلة لتقديم الدعم الميداني للأشقاء هناك»، مؤكداً أنه على مدار أكثر من عامين، تواصل دولة الإمارات تنفيذ العديد من المبادرات المتنوعة التي تتكيف مع احتياجات الشعب الفلسطيني، إذ نتمتع بالمرونة اللازمة لتلبية الأولويات حسب تطورات الوضع.

وتابع: «نتوقع خلال الفترة المقبلة تنفيذ مجموعة من المشروعات الحيوية، من بينها محطات للطاقة الشمسية ومحطات لتحلية المياه داخل القطاع، إلى جانب دعم المحطات القائمة في رفح المصرية، فضلاً عن إنشاء مجمّع سكني مؤقت لتوفير المزيد من الحلول الإنسانية المستدامة».

إنسانية القيادة

وقال كبير المفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد: «نتوجه بجزيل الشكر إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على دعوته الكريمة لهذه المبادرة الإنسانية العظيمة، الهادفة إلى إغاثة إخواننا في غزة الذين يعيشون نكبة غير مسبوقة في التاريخ الحديث، وإن توجيه سموه بتجهيز هذا العدد الهائل من الوجبات الغذائية لإيصالها إلى المحتاجين هناك هو عمل جليل يعكس إنسانية القيادة ورحمتها».

وأضاف: «هذه المبادرة العظيمة تُشعرنا بأمرين مهمين أولهما أن قيادتنا الرشيدة تستشعر تماماً أن أهل غزة جزء لا يتجزأ منا، ولذلك لم تُقصّر في تقديم الغذاء والماء والرعاية الصحية، إضافة إلى المواقف السياسية النبيلة الداعمة لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقرة».

وتابع: «أما الأمر الثاني فهو أن دولة الإمارات بُنيت، منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على حب الخير وفعل الخير، وهو النهج الذي واصلته قيادتنا الحكيمة، فلم تتردد الدولة يوماً في دعم كل محتاج أينما كان، وأن مبادرة الفارس الشهم تجسّد هذا النهج الإماراتي الأصيل في مد يد العون للشعب الفلسطيني، كما تمنح الفرصة للمواطنين والمقيمين على أرض الإمارات الطيبة للمشاركة في العمل الإنساني، وتعزيز روح الخير والعطاء في نفوسهم».

تكاتف المجتمع

وأكّدت مديرة مؤسسة فرجان دبي، علياء الشملان، أن الإقبال الكبير للمشاركة في مبادرة «سفينة محمد بن راشد الإنسانية» لتجهيز السلال الغذائية الموجهة لأهالي غزة عكس روح العطاء الراسخة في المجتمع الإماراتي بكل فئاته، موضحة أن تنظيم العمل اعتمد على تقسيم المتطوعين إلى أربع ورديات يومية ومجموعات متعددة، بما أتاح الفرصة لأكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع للمشاركة في هذا الجهد الإنساني.

وبيّنت أن أعمار المتطوعين المشاركين تراوحت بين خمسة و70 عاماً، في مشهد إنساني يجسد وحدة الهدف وسمو الرسالة، كما شهدت المبادرة حضوراً مؤثراً من ذوي الهمم الذين حرصوا على أن يكون لهم دور فعّال في عملية تجهيز السلال.

وأضافت أن مشاهد العائلات التي جاءت بأطفالها، وحماس الشباب، وإصرار كبار المواطنين على المشاركة رغم تحديات العمر، تعكس قيم المجتمع الإماراتي القائمة على العطاء والتراحم، وتؤكد أن الإنسانية هي الرابط الذي يجمع جميع من يعيشون على أرض الإمارات.

وأكدت أن «فرجان دبي» ستواصل دعمها للمبادرات الإنسانية والمجتمعية، معتبرة أن المشاركة في هذه الجهود واجب وطني وأخلاقي يجسّد قيم الإمارات الراسخة وحرص قيادتها الرشيدة على مساندة الشعوب المتضررة ونشر الأمل في نفوس المحتاجين.

رسالة أمل

وأعرب عدد من المتطوعين المشاركين في تجهيز «سفينة محمد بن راشد الإنسانية» عن فخرهم بالانضمام إلى المبادرة الأكبر من نوعها.

وقال سلطان عبدالله المازمي إنه يشعر بأن مشاركته في إعداد السلال الغذائية هي أول خطوة له في طريق العمل الإنساني، مضيفاً: «شعرت بالفخر وأنا أساعد أهل غزة، وتعلمنا أن العمل الخيري ليس للكبار فقط، بل لنا نحن الأطفال أيضاً، أشكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لأنه سمح لنا أن نكون جزءاً من هذا الخير الكبير، واليوم أحس أني قدمت شيئاً مهماً ولو كان بسيطاً».

وعبّر عيسى عبدالله عن سعادته وفخره قائلاً: «هذا أول عمل تطوعي أشارك فيه، وكان شعوراً جميلاً أن أساعد في تجهيز الوجبات، وأحب أن أشكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لأنه منحنا الفرصة لنساعد إخواننا في غزة، وأقل ما نقدمه لهم هو هذا الجهد البسيط الذي يفرح قلوبنا قبل قلوبهم».

وأكد مطر بن غدير الكتبي، من أصحاب الهمم، أن حضوره يحمل رسالة قوية: «مشاركتي اليوم تُثبت أن أصحاب الهمم قادرون على العطاء في كل الظروف، ودولة الإمارات تمنح الفرص للجميع، وشعرت بالفخر لأنني أقف مع إخواننا في غزة في وقت حاجتهم، هذا واجبنا الإنساني الذي تربينا عليه».

فيما قال ملهم درويش، من أصحاب الهمم، إن هذا اليوم كان مختلفاً بالنسبة له: «الحضور الكبير دفعني للعمل بطاقة أكبر، نحن أصحاب الهمم نبحث دائماً عن الفرص لرد الجميل للمجتمع والإمارات، وهذه المبادرة منحتنا ذلك، ومشاركة بسيطة لكنها تحمل حباً ودعماً لأهل غزة».

وتحدثت ميسون عزام، من فلسطين، بإحساس عميق مليء بالامتنان خلال مشاركتها في تجهيز الوجبات: «نشأت في دولة الإمارات وتربيت على مبادئ المغفور له الشيخ زايد، الذي غرس فينا حب الخير، وأبناء الإمارات أحبّوا فلسطين من حب الشيخ زايد لها، ودعم الدولة لم يتوقف يوماً، وعندما تعرضت غزة للقصف، كانت الإمارات أول الداعمين.

وأضافت: «ما نراه اليوم استمرار لمسيرة لا تنتهي من الإنسانية التي تقدمها دولة الإمارات للعالم في تقديم المساعدات ومد يد العون لكل محتاج، شكراً دولة الإمارات قيادة وشعباً على كل ما يقدم لدعم الشعب الفلسطيني في كل الأوقات والأزمات».

وقالت راما مبيض، من سورية، إن مشاركتها كانت بدافع وجداني خالص، وأضافت: «هذه المبادرة شعرت بها من القلب، وأردت أن أقف مع أهلنا في غزة ولو بجزء صغير جداً، ورسالتي لهم اصبروا، فالأيام الصعبة تمر، ومشاركتي اليوم محاولة بسيطة للتخفيف عنهم ولو بقدر قليل».

وأضاف طلجت كوكنفا، من كازاخستان، أن مشاركته في المبادرة جاءت مدفوعة بروح العطاء التي يشاهدها في الإمارات قائلاً: «سعدت أن أكون جزءاً من هذا الجهد الإنساني، والإمارات تجمع الناس من كل العالم على هدف واحد وهو مساعدة المحتاجين، ومشاركتي رسالة محبة من شعب كازاخستان للشعب الفلسطيني».

وروت رندة مهنا، من سورية، تجربتها الطويلة في العمل الإنساني قائلة: «بدأت رحلتي في التطوع خلال زلزال سورية وتركيا، ومنذ ذلك الوقت أصبحت المبادرات الإنسانية جزءاً من حياتي، واليوم شعرت بسعادة كبيرة، خصوصاً مع العمل جنب أصحاب الهمم، والإمارات بلدي، وأقل ما أقدمه لها هو هذا العمل، ولأهل غزة الذين يستحقون كل دعم».

وأضاف أشرف صلاح، من مصر، أنه لم يتردد ولو لحظة للتسجيل والمبادرة في المشاركة مع المتطوعين لدعم الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن دولة الإمارات كانت ولاتزال سبّاقة في الخير والعمل الإنساني النبيل، معرباً عن امتنانه لإتاحة الفرصة له للمشاركة في هذه المبادرة والمساهمة في دعم غزة.

أكد عبدالله سفار، من الجزائر، أن العمل التطوعي أصبح جزءاً من حياته، قائلاً: «شاركت في مبادرات كثيرة ومنها الفارس الشهم سابقاً، وكل مرة أشعر أن واجبنا تجاه غزة أكبر من أي جهد، ولو نستطيع أن نقدم أكثر لفعلنا، فهم أهلنا وأرواحنا فداهم، ووجودي اليوم هنا فخر كبير لي».

شاركها.