بمشاركة نخبة من الوزراء الحاليين والسابقين وعدد من المسؤولين والخبراء، انعقدت جلسة «مسارات المعرفة من أجل مجتمعات مستدامة» ضمن فعاليات قمَّة المعرفة 2025، والتي ناقشت العلاقة المتنامية بين المعرفة والاستدامة في تطوير المجتمعات، حيث أظهرت مؤشِّرات المعرفة العالمية للعام الماضي وجود ترابط وثيق بين تقدم الدول في مجالات المعرفة ومستوى استدامتها، ما جعل من التجارب الدولية محوراً رئيساً في النقاش.

واتفق المشاركون على أن بناء مجتمعات مستدامة يتطلب استراتيجيات تكاملية تربط التعليم بالابتكار، والبيئة بالاقتصاد، والمجتمع بالمعرفة، ضمن منظومات قادرة على تحويل الأفكار إلى سياسات عملية، مؤكِّدين أن الطريق إلى الاستدامة يبدأ من الاستثمار في الإنسان، كونه المورد الأهم لصناعة المستقبل القائم على المعرفة.

وعرضت وزيرة التعليم والتعليم العالي في سيراليون، الدكتورة هاجر أمتول واري، تجربة بلادها في دمج المعرفة ضمن منظومتها التعليمية وفق رؤية مستقبلية تضع الاستدامة في صميم العملية التعليمية.

وأوضحت أن الجامعات السيراليونية تطبق ممارسات استدامة وتنسق عملياتها مع الأهداف الوطنية، عبر التركيز على المهارات الرقمية والاقتصادية، إضافة إلى توقيع شراكات دولية لاعتماد أحدث المنصات التعليمية ودعم القوى العاملة.

وأضافت أن بلادها تعمل على تعميم محو الأمية الرقمية وتوسيع نطاق الصفوف الذكية لضمان تعليم حديثٍ ومنصف، مشددةً على أن مفهوم الاستدامة أصبح جزءاً من الوعي المحلي وجزءاً من دور الجامعات في خدمة المجتمع.

واستعرضت وزيرة الشباب والثقافة في جيبوتي، الدكتورة هِبو مؤمن أسوسو، جهود بلادها في تسريع التحول الرقمي من خلال إنشاء مركز وطني للاتصالات يهدف إلى رقمنة الأرشيفات وحماية الوثائق. وأشارت إلى أن الحكومة أنشأت 45 مركزاً وطنياً لتطبيق استراتيجيات الاستدامة وتدريب الشباب، الذين يشكلون ثلثي السكان، على التقنيات الرقمية والابتكار وريادة الأعمال.

أما وزير التعليم العالي والبحث العلمي في تشاد، توم أرديمي، فاستعرض تجربة بلاده في توسيع التعليم الأكاديمي والمهني بإنشاء 20 مؤسسة تعليم عالٍ تغطي المحافظات كافة، مع التركيز على مواءمة البرامج مع احتياجات كل منطقة.

وشدد على إدخال الرقمنة والذكاء الاصطناعي في التعليم لضمان قدرة الشباب على مواكبة التحولات العالمية.

وأشاد وزير التعليم العالي في غامبيا، البروفيسور بيير غوميز، بجهود بلاده في تبني استراتيجية متعددة الجوانب تشمل التعليم الرقمي والاقتصاد الأخضر، موضحاً أن الوزارة تطور شبكة أبحاث وطنية وتنفذ مشروعات مشتركة مع البنك الدولي لدمج مفاهيم الاستدامة في المناهج الدراسية.

أما وزيرة التعليم وإصلاح النظام التربوي في موريتانيا، الدكتورة هدى باباه، فقدّمت نموذجاً عربياً في تطوير التعليم كمدخل لتحقيق الاستدامة، مشيرة إلى الإصلاحات التربوية الواسعة التي شملت إنشاء مدارس جمهورية جامعة ودعم الفئات الهشة عبر المنح الدراسية والكتب المجانية.

وركَّز وزير التعليم العالي المصري الأسبق، الدكتور معتز خورشيد، على أهمية رأس المال البشري كدعامة رئيسة لمجتمع المعرفة، داعياً إلى اعتماد استراتيجيات للتعلم مدى الحياة وغرس ثقافة البحث والتطوير منذ الطفولة.

وتحدث الوزير السابق والمستشار الاقتصادي في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الدكتور توفيق الراجحي، عن تعقيدات تحديات الاستدامة، مؤكداً أنها تتجاوز قدرات جهة واحدة على معالجتها. وأوضح أن التكامل بين الحكومات والجامعات والقطاع الخاص هو السبيل لتحقيق التوازن، مشيراً إلى أن الاستدامة ليست عبئاً اقتصادياً بل هي استثمار طويل الأمد في مستقبل مزدهر.

وتحدث المدير التنفيذي للمنظمة العربية للتنمية الإدارية، الدكتور ناصر القحطاني، عن جهود دعم التعليم والتمويل عبر مؤسسات مصرفية وتنموية في عدد من الدول الإفريقية، مبيناً أن إنشاء مركز عربي لتبادل المعرفة والتمويل يُعد من أبرز المبادرات التي ساعدت الدول على تسريع برامج التعليم والتدريب.

شاركها.
Exit mobile version