أعلنت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة في الإمارات أن عنوان خطبة الجمعة ليوم غد سيكون بعنوان  «عَهْدُ الِاتِّحَادِ ».

وفيما يلي نص خطاب خطبة الجمعة ليوم غد:

الخطبة الأولى:

الحمد لله الولي الحميد، أمر عباده بحفظ العهود، ونشهد أن لا إله إلا الله يفعل ما يريد، ونشهد أن سيدنا محمدا خاتم المرسلين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال جل في علاه: ﴿من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين﴾.

أيها المؤمنون: أمر إلهي كريم، وتوجيه رباني حكيم، من التزم به أكرمه الله وأثابه، ومن خالفه حوسب عليه وسئل عنه، قال تعالى: ﴿وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا﴾

نعم، إنه الوفاء بالعهد، ولم لا؟ فهو من المبادئ الرفيعة، والخصال الحميدة، وأصول المروءة، وعلامات الفطانة، ﴿إنما يتذكر أولو الألباب* الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق﴾،

أجل، فما أوفى بالعهد أناس إلا علا شأنهم، وسادت المحبة بينهم، وما نكثوا عهودهم إلا خرجت الثقة من بينهم، وسخط ربهم عليهم، فكيف ستشعر لو كان بينك وبين أحد عهد ووعد، ثم لم يف بعهدك، ولم يلتزم بوعدك، ألن يضيق صدرك، ويشتد غضبك إن ضاع حقك؟ من أجل ذلك حثنا ربنا على الوفاء بالعهود، ومدح به النبيين والمرسلين، فقال عن خليله إبراهيم: ﴿وإبراهيم الذي وفى﴾، ووصف به المؤمنين، فقال: ﴿والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون﴾،

فالوفاء بالعهد علامة على الإيمان والدين، قال خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم: «لا دين لمن لا عهد له»، تلك هي قيمة العهد، ومنزلة الوعد، وقوة الميثاق، وثقل الكلمة.

عباد الله: إن أوثق العهود وأعظمها، ما عاهدنا عليه ربنا، قال جل وعلا: ﴿وبعهد الله أوفوا﴾،

فمن تمسك بعهد الله ﴿فسيؤتيه أجرا عظيما﴾، وأما الخاسرون فهم ﴿الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه﴾،

فيا أيها الوفي بعهودك: انظر إلى عهدك في بيتك وأسرتك، وعهدك مع زوجتك، الذي وصفه ربك بقوله: ﴿وأخذن منكم ميثاقا غليظا﴾، وتفقد عهدك مع أولادك، أوف لهم بما وعدتهم، وحقق ما منيتهم، واحرص على الوفاء في عملك ووظيفتك؛ بأداء التزامات عقدك، وإنجاز مهامك، والوفاء للعاملين عندك؛ بأداء حقوقهم وأجورهم، وارع الوفاء بالعهود في الأموال؛ بأدائها إلى أصحابها، والحذر من إتلافها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها؛ أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها؛ أتلفه الله»،

فلنرسخ خلق الوفاء بالعهد في كل جوانب حياتنا، مع ربنا ووطننا ومجتمعنا،

﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.


الخطبة الثانية:


الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده.

أما بعد، فيا أيها الموفون بعهودكم: قال نبيكم وحبيبكم صلى الله عليه وسلم :«إن حسن العهد من الإيمان»،

وإن من أعظم العهود التي التأم عليها أهل هذه الأرض الطيبة؛ عهد الاتحاد، الذي وقعه الشيخ زايد -طيب الله ثراه- والآباء المؤسسون في مثل هذا اليوم، منذ خمسة وخمسين عاما،

وإننا حتى يومنا هذا لنستذكر ونقدر حرصهم على إعزاز شعبهم، وازدهار وطنهم، فقد جاء في عهد الاتحاد قولهم: رغبة منا في تحقيق رغبة شعبنا في الاتحاد، وتوحيد إرادتنا، وتوثيق الروابط التي تجمع بيننا… وسعيا لتحقيق الاستقرار والرخاء والعدالة في ربوعنا، وإيمانا منا بأن الاتحاد هو الطريق إلى العزة والمنعة، والقوة والخير، فإننا نعلن عن اتفاقنا على توحيد إماراتنا في دولة اتحادية واحدة، قادرة على الدفاع عن كيانها، وحماية أمنها، وتحقيق آمال شعبها، وتكريس مكانتها بين الأمم

نعم؛ أرادوا الخير وتعاهدوا عليه، فوفقهم الله إليه، وثبتنا عليه، ولقد كان أول عمل عمله الشيخ زايد بعد توقيعه عهد الاتحاد؛ أن سجد لربه حامدا، ولنعمه شاكرا،

فلنشكر الله تعالى على حكمة قيادتنا، ونعمة اتحادنا، ونرسخ مكانته في نفوس أولادنا وأحفادنا، وأن ندعو الله لمن أسسوه أن يرحمهم، وبالخير يجزيهم، وندعو لقيادتنا الحكيمة؛ التي قامت بمسؤولية الاتحاد خير قيام، ورعته حتى أضحى مثار إعجاب الأنام، ونعاهدهم دوما بأننا على عهد الاتحاد ماضون، وبقيمه متمسكون، وبوطننا بارون، فأهل البر والوفاء مدحهم الله بقوله: ﴿والموفون بعهدهم إذا عاهدوا﴾.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا دوما للوفاء بعهد الاتحاد، والحفاظ عليه، وأداء حقه. هذا وصلوا وسلموا على سيدنا ونبينا محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين.

اللهم اجعلنا بك مؤمنين، ولك عابدين، وبوالدينا بارين، وارحمهم كما ربونا صغارا يا أرحم الراحمين.

اللهم احفظ دولة الإمارات، وتولها برعايتك، وأحطها بعنايتك، يا رب العالمين.

اللهم احفظ بحفظك رئيس الدولة، الشيخ محمد بن زايد، وأدم عليه لباس السداد والحكمة، ووفقه ونوابه وإخوانه حكام الإمارات، وولي عهده الأمين؛ لما تحبه وترضاه.

اللهم ارحم الشيخ زايد، والشيخ راشد، وسائر شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، وأدخلهم بفضلك فسيح جناتك، واشمل شهداء الوطن برحمتك وغفرانك.

اللهم ارحم المسلمين والمسلمات: الأحياء منهم والأموات.  

عباد الله: اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم. وأقم الصلاة.

شاركها.