قضت محكمة استئناف عجمان الدائرة الثانية ببراءة امرأة خمسينية من تهمة الاحتيال الإلكتروني، بعد أن وجهت إليها تهمة الاستيلاء على مبلغ 5000 درهم من أحد المستخدمين، عبر رابط دفع مزيف أُرسل عقب إعلان عن بيع عربة أطفال على أحد تطبيقات الإعلانات الإلكترونية.

وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أن الأدلة المقدمة لم تبلغ حد الجزم واليقين، وأن الشك في نسبة الفعل إلى المتهمة يوجب الحكم بالبراءة، عملاً بمبدأ «اليقين لا يزاح بالشك» المنصوص عليه في قانون الإجراءات الجزائية.

وتعود تفاصيل القضية إلى تقدم شخص ببلاغ يفيد بتعرضه للاحتيال، بعد نشره إعلاناً لبيع عربة أطفال عبر تطبيق مختص بالإعلانات الإلكترونية، إذ تواصل معه شخص ادعى الرغبة في الشراء، وأرسل له رابطاً إلكترونياً زعم أنه للدفع أو استلام المبلغ، غير أن المشتكي فوجئ لاحقاً بخصم 5000 درهم من حسابه البنكي.

وبعد التحقيق، وجّهت النيابة العامة التهمة إلى امرأة، استناداً إلى بيانات رقم الهاتف المستخدم في العملية، التي أظهرت أن الرقم مسجل باسمها، فصدر بحقها حكم ابتدائي غيابي، قضى بحبسها سنة واحدة، وإلزامها بالرسوم القضائية.

واستأنفت المتهمة الحكم، وقدمت المحامية خديجة سهيل لائحة مطولة بأسباب المعارضة، دفعت فيها ببطلان الإعلان والإجراءات، مشيرة إلى أن إعلان موكلتها لم يتم وفق الأصول، إذ لم يثبت للمحكمة تحقق التبليغ القانوني، ما يجعل الحكم الغيابي باطلاً شكلاً، كما أكدت أن المعارضة قدمت خلال المدة القانونية بعد علم المتهمة بالحكم.

وأوضحت أن التحريات أغفلت وقائع جوهرية، أهمها أن رقم الهاتف المستخدم في الجريمة مسجل باسم رجل، وأنه أفاد في التحقيق بأنه سلم الشريحة لخادمته (من جنسية آسيوية)، وهي التي كانت تستخدم الهاتف، وتتحدث الإنجليزية بطلاقة، وهو ما يتفق مع وصف الشاكي، مضيفة أن الخادمة لم تستدع للتحقيق، على الرغم من أن إفادة صاحب الرقم تعد دليلاً حاسماً قد يغير وجه القضية.

وبيّنت المحامية أن تقرير الضبط القضائي لم يتضمن أي ربط مادي بين موكلتها والشريحة أو الهاتف المستخدم، ولم يثبت أنها أجرت مكالمات أو تسلمت مبالغ مالية في تاريخ الواقعة، ما يجعل الدليل الفني قاصراً وغير مكتمل العناصر.

واستندت إلى القاعدة الجنائية القائلة إن «الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والتخمين»، مؤكدة أن أركان الجريمة المادية والمعنوية لم تثبت بحق المتهمة، إذ لا علاقة لها بالفعل الجرمي، ولم يتحقق لديها القصد الجنائي.

كما ذكرت أن موكلتها تعاني مشكلات صحية مزمنة في المعدة، وكانت طريحة الفراش يوم الواقعة، وغير قادرة على الحركة.

وقدمت ما يثبت سفرها للعلاج خارج الدولة، موضحة أنها سيدة في منتصف الخمسينات من العمر، أم وجدة، وخالية السجل من أي سوابق جنائية، ما يجعل تصور ارتكابها الجريمة غير معقول منطقياً ولا واقعياً.

وأوضحت محكمة الاستئناف في قرارها أن الأوراق خلت من دليل يقيني يربط بين المستأنفة والواقعة محل الاتهام، وأن مجرد تسجيل رقم الهاتف باسمها لا يكفي لإثبات ارتكابها الجريمة، خصوصاً مع وجود طرف آخر محتمل الاستخدام للشريحة.

وأضافت المحكمة أن المبدأ المستقر في القضاء الجزائي يقضي بأن الأحكام تبنى على الجزم واليقين لا على الشك والاحتمال، وأنه متى تطرق الشك إلى الدليل وجب الحكم بالبراءة، مؤكدة أن مهمة المحكمة هي تمحيص الأدلة، وتحقيق العدالة، لا ملء فراغات الاتهام بالافتراضات.

وانتهت المحكمة إلى إلغاء الحكم الابتدائي الصادر بحق المتهمة، والقضاء مجدداً ببراءتها من التهمة المنسوبة إليها، تطبيقاً للمادة (211) من قانون الإجراءات الجزائية.

• الجدة تعاني مشكلات صحية مزمنة في المعدة، وكانت طريحة الفراش وغير قادرة على الحركة يوم الواقعة.

المحكمة:

• مجرد تسجيل رقم الهاتف باسم شخص ما لا يكفي لإثبات ارتكابه الجريمة، خصوصاً مع وجود طرف آخر يستخدمه.

شاركها.