أكد رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد، أن الإعلام المسؤول هو الشريان الحيوي الذي يغذي قيم التلاحم المجتمعي، والحصن المنيع الذي يحمي كيان الأسرة من تحديات العصر.

وقال عبدالله آل حامد إن الكلمة الصادقة والمحتوى الهادف هما اللبنة الأولى في بناء استقرار البيوت، وأن الإعلام الواعي شريك حقيقي في تشكيل الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء، من خلال تسليط الضوء على القصص الملهمة والنماذج الإيجابية التي تجسد قيم التراحم والترابط والتضامن الأسري.

جاء ذلك خلال جلسة حوارية نظمها ملتقى أبوظبي الأسري الخامس بعنوان “دور الإعلام والمؤثرين في تعزيز تماسك الأسرة وبناء الصورة الإيجابية للوطن”، حاوره فيها الإعلامي أحمد اليماحي.

وسلطت الجلسة الضوء على العلاقة الوثيقة بين الرسالة الإعلامية والتماسك الأسري، وكيف يمكن للكلمة أن تكون جسراً يربط الأجيال ويحافظ على الموروث القيمي في ظل تحديات العصر المتوالية.

وشدد رئيس المكتب الوطني للإعلام في مستهل الجلسة على أن دولة الإمارات تعتبر الإعلام شريكاً أصيلاً في العملية التربوية وصمام أمان لمجتمعنا، منوهاً بأن تحصين الأسرة يبدأ من صناعة محتوى إعلامي يتحدث بلسان قيمنا، ويخاطب عقول أبنائنا بمسؤولية، فالكلمة الطيبة هي البذرة الأولى لاستقرار البيوت.

وأكد عبدالله آل حامد أن الأسرة في فكر قيادتنا الرشيدة تمثل نواة المشروع الوطني وأساس استدامته، فمنها يبدأ الاستقرار، وبها يصان الوعي، ومن خلال تماسكها تبنى دولة تعرف كيف تتقدم دون أن تفقد بوصلتها القيمية والإنسانية، مشدداً على أن للإعلام والمؤثرين دوراً محورياً في دعم هذا التوجه، عبر تقديم خطاب مسؤول يعزز القيم الأسرية، ويكرس نماذج إيجابية تعكس صورة الوطن الحقيقية، وتسهم في بناء وعي مجتمعي متماسك قادر على مواجهة التحديات بثقة واتزان.

وثمن عبدالله آل حامد الجهود الكبيرة التي تبذلها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، في سبيل تمكين الأسرة، مشيراً إلى أنه وبفضل مدرسة العطاء الراسخة لسموها أصبح تمكين الأسرة نهجاً حضارياً طويل المدى، أعاد للأسرة توازنها، وللمرأة دورها، وللطفولة حقها في تنشئة واعية تصنع مجتمعاً واثقاً بجذوره، قادراً على صون قيمه وهو يتجه بثبات نحو المستقبل.

وأشار عبدالله آل حامد إلى أن الإعلام والمؤثرين باتوا اليوم يتحملون مسؤولية مباشرة في تشكيل صورة الوطن وبناء التماسك الأسري، باعتبارهم صناع الانطباع الأول عن الدولة داخلياً وخارجياً، مؤكداً أن الخطاب الإعلامي المتوازن لا ينعكس فقط على صورة الوطن، بل يسهم في تعزيز الثقة داخل الأسرة وتقوية استقرار المجتمع.

وأضاف أن صورة الوطن أصبحت نتاجاً مباشراً لطريقة رواية قصصنا عبر الشاشات والمنصات، مشدداً على أن كل محتوى ينشر يمثل إسهاماً إما في ترسيخ الانتماء وتعزيز الهوية، أو في إضعافهما، وهو ما يفرض على الإعلاميين والمؤثرين مسؤولية وطنية لا تقبل التهاون.

وتطرق عبدالله آل حامد إلى الكيفية التي تؤثر بها وسائل التواصل الاجتماعي على تشكيل الاتجاهات وتغيير السلوك، لافتاً إلى أن هذه المنصات باتت المصدر الأول لتشكيل السلوك لدى الأجيال الجديدة وأن أثرها يمتد بشكل مباشر إلى صورة الأسرة، وأنماط التفكير داخلها، وما يتطلبه ذلك من وعي إعلامي يحمي المجتمع ولا يتركه رهينة للتأثير العابر.

وأوضح أن بناء سمعة وطنية إيجابية عبر الإعلام يتطلب إستراتيجيات فعالة تنقل الإعلام من موقع رد الفعل إلى موقع المبادرة، عبر سردٍ وطني يقود النقاش ولا يكتفي بملاحقته وهو ما يعمل على ترسيخه الآن المكتب الوطني للإعلام، مشدداً على أهمية الاستثمار في محتوى وطني ملهم يستند إلى القصص الإنسانية والإنجازات الواقعية، إلى جانب تطوير شبكات من المؤثرين القادرين على العمل ضمن منظومة إعلامية إيجابية موحدة تعكس قيم المجتمع وتخدم أولوياته.

ونصح عبدالله آل حامد المؤثرين بعدم الانسياق وراء بريق الشهرة وملاحقة “الترند” على حساب القيم الأصيلة، مؤكداً أن السعي وراء التفاعل اللحظي أو “الكومنت” لا يبرر تبني سلوكيات أو عادات مصطنعة تتنافى مع سنعنا وتقاليدنا، مشدداً على أننا جميعاً أبناء الشيخ زايد “طيب الله ثراه” نشأنا على منظومة راسخة من القيم والاحترام والاعتدال، وأن الحفاظ على هذه القيم مسؤولية أخلاقية ووطنية يجب أن تنعكس بوضوح في المحتوى الإعلامي، لا أن تفرط بها من أجل انتشار عابر.

واختتم عبدالله آل حامد الجلسة بالتأكيد على أن الإعلام المسؤول والمؤثرين يشكلون خط الدفاع الأول عن الهوية الوطنية، والشريك الأقوى للأسرة في مواجهة تحديات العصر، متوجهاً بحديثه إلى المؤثرين قائلاً: إنهم يمثلون القوة الناعمة للوطن، وأن الكلمة التي يطلقونها أمانة ومسؤولية، داعياً إياهم إلى تحويل منصاتهم لمنابر للبناء لا معاول للهدم، تعزز الترابط المجتمعي وتذود عن الموروث الأصيل، بما يقدم للعالم نموذجاً إماراتياً ملهماً لأسرة متجذرة في هويتها ومنفتحة بوعي على مستقبلها.

 

شاركها.