تعد منطقة «شمل» بإمارة رأس الخيمة مصيفاً مفضلاً للسياح والزوار منذ عقود طويلة، ولا سيما العائلات الإماراتية العريقة المحبة للأصالة، وللتقارب مع أهالي المنطقة التي تشتهر بوفرة المياه والمزارع، ولطالما كانت مقصداً للشخصيات الاعتبارية، وللعامة في الوقت ذاته، وخصوصاً من محبي «المقيض».

ومن أجمل ما يميز المنطقة، بيوت الطين التي احتضنت أهالي «شمل»، ويبلغ عمر بعضها نحو 200 عام، كما تضم المنطقة بقايا من قصر أثبتت البعثات الأثرية أنه قصر «الزباء – زنوبيا»، وتتميز هذه البيوت بالحجم الصغير والأسقف المنخفضة، لأن صيانتها كانت تتم يدوياً، وخاصة في موسم ما قبل هطول الأمطار، ولذلك في حال أراد الرجال اعتلاء أسقف البيوت، فإنهم لا يحتاجون للكثير من الجهد، رغم أن كل عمل في ذلك الوقت كان يحتاج جهداً مضنياً، ويفخر أهالي «شمل» بمحافظتهم على هذا الموروث لأجل أن تطلع عليه الأجيال جيلاً بعد جيل.

 

استدامة

عبدالله علي يوسف الشعرون الشميلي، لا يزال هو وأسرته يحتفظون بالمنزل الذي كان لأجدادهم، ويعملون على صيانته وتنظيفه كأن الأسرة لا تزال تقيم فيه، لتأكيد استدامة بيوت الطين التي يعملون على الحفاظ عليها، ويبلغ عمر بيتهم الطيني 120 عاماً، وبدأ الأهالي ببناء هذا النمط من البيوت قبل 200 عام، كما قامت الأسرة ببناء غرفة طبق الأصل قبل 60 عاماً.

وتتكون لبنة المنزل من طين خام ممزوج مع التبن، وهي مساكن لم يكن بإمكان أصحابها البقاء فيها في فترة الصيف بسبب عدم وجود أي وسائل للتبريد في ذلك الوقت، كما لم يكن الأهالي يفتحون مساحات كبيرة في البيوت لصنع نوافذ، وذلك لحماية أنفسهم من البرد الشديد.

 

صور تراثية

ويقول عبدالله الشميلي إن مهمتهم في الحفاظ على المنزل تعد جزءاً من مهمتهم في الحفاظ على الهوية الوطنية التي تتمثل في المحافظة على الآثار والتراث، ولذلك أبقوا كل الأدوات التي كانت تستخدم في مكانها، فهناك أطباق ثمينة ولا يرغبون في تقدير ثمنها لأنها ليست للبيع، ويبلغ عمر أحدها 80 عاماً، وهي من زمن الأجداد، ولا يزال المنزل يضم «خرساً» أو «زيراً» بشكله الأصلي، وهو يستخدم لحفظ الماء والحبوب، وخاصة أن أهالي المنطقة اشتهروا بزراعة الحبوب.

كما توجد غرفة معيشة تقضي فيها الأسرة وقتها تم بناؤها قبل 60 عاماً، وتضم العديد من الأشياء المتوارثة من الأجداد، ومن بينها سجادة صنعت من سعف النخيل لأجل الصلاة، وهي تعد بالنسبة لهم من الرموز التي تجعلهم على تواصل مع قصص الآباء والأجداد من خلال المكان الذي تفوح منه ذكريات الماضي.

وفي محيط بيت الطين، كانت الأسرة تهتم بأعمالها اليومية، ومنها الزراعة أو تربية المواشي باعتبارها مصدراً للعيش، حيث كانوا ينتجون منها العديد من الأغذية، وبذلك يعد بيت الطين شاهداً على نمط معيشة أهل المنطقة، ودليلاً على حرص الأهالي على صون تلك الصور التراثية الثمينة.

شاركها.
Exit mobile version