تسبب خطأ طبي جسيم ارتكبته طبيبتان آسيويتان أثناء ولادة طفل في وضع حرج، تمثّل في إصابته بتلف دائم في الدماغ، أفقده القدرة على الأكل والمشي والكلام، وخلّف عاهة مستديمة بنسبة 100% في القدرات الذهنية، إضافة إلى عاهات في أجزاء أخرى من جسمه.

وانتهت اللجنة العليا للمسؤولية الطبية إلى أن العناية التي قدّمتها الطبيبتان لا تتوافق مع المعايير الطبية المتعارف عليها، فهناك خطأ جسيم يتمثّل في الجهل الفادح بالأصول الطبية المتعارف عليها، تمثّل في عدم القدرة على قراءة تخطيط قلب الجنين أثناء الولادة، ما دفع والدي الطفل إلى إقامة دعوى مدنية أمام محاكم دبي التي قضت لهما بتعويض قيمته 700 ألف درهم.

وتفصيلاً، أقام أب وأم من جنسية آسيوية دعوى قضائية مدنية، طالبا فيها بإلزام طبيبتين آسيويتين والمستشفى الذي تعملان فيه بسداد 30 مليون درهم تعويضاً، مع الفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ الدعوى، عن الضرر الذي لحق بالأم ورضيعها، جراء خطأ طبي جسيم ارتكبته المدعى عليهما الأولى والثانية.

وقال المدعي الأول (الأب) في بيان الدعوى، إن زوجته وضعت مولودهما في المستشفى المدعى عليه على يد الطبيبتين، ووُلد الطفل بضرر جسيم في دماغه وأعصابه، أفقده القدرة على المشي والكلام والجلوس، وخدمة نفسه مستقبلاً أو القيام بأي نشاط آخر.

وأضاف أنه شكا إلى هيئة الصحة في دبي التي أحالت الشكوى إلى لجنة المسؤولية الطبية، وانتهت الأخيرة بعد فحص الحالة إلى وجود خطأ طبي جسيم من المدعى عليهما، تمثّل في الجهل الفادح بالأصول الطبية المتعارف عليها، وفق درجة وتخصص مزاولة المهنة، وقدرت مسؤولية طبيبة النساء الأولى بنسبة 75%، والطبيبة الثانية (ممارس عام) بنسبة 25%.

من جهتهما، تظلمت المدعى عليهما أمام اللجنة العليا للمسؤولية الطبية التي أيدت تقرير اللجنة الأولى، مبينة أن خطأ الطبيبتين تمثّل في عدم القدرة على قراءة تخطيط قلب الجنين بشكل صحيح ومنهجي، أدى إلى عدم إدراك الخطورة التي تعرّض لها الجنين أثناء المخاض، ما تسبب في إصابته باختناق شديد نتج عنه اعتلال حاد في دماغه، ومضاعفات أخرى، كما لم تبذلا العناية الكافية للمريضة، ومتابعة مراحل تقدّمها في الولادة، فضلاً عن التأخر في اتخاذ القرار المناسب عند حدوث هبوط في تخطيط قلب الجنين.

وأوضح التقرير أن المدعى عليهما أساءتا تقييم وضع المريضة خلال مراحل الولادة، إضافة إلى التدخل غير اللازم من تحفيز الولادة دون وجود أسباب واضحة تستدعي ذلك الإجراء.

وأفاد بأن الخطأ الذي ارتكبته المدعى عليهما نتج عنه تلف شديد ودائم في دماغ الطفل، أفقده القدرات الدماغية والذهنية نتيجة نقص حاد في ضخ الأكسجين إلى خلايا الدماغ، ما يعدّ عاهة مستديمة بنسبة 100%، تفقده القدرة على تناول الطعام والمشروبات، إضافة إلى عاهة تفقده القدرة على الكلام بنسبة 100%، وشلل تشنجي في الطرفين العلويين، وعاهات أخرى جميعها بنسبة 100%.

وقال والد الطفل في مذكرة الدعوى، إنه باع كل ما يمتلك واستدان لعلاج ابنه الذي يحتاج إلى مراكز متخصصة وعلى مستوى مهني عالٍ وتبلغ كلفتها سنوياً نحو مليوني درهم، فضلاً عن الحاجة إلى توفير شخص متخصص لإطعام الطفل ورعايته بما لا يقل عن 100 ألف درهم سنوياً، وكلفة طعامه وحده 300 ألف درهم سنوياً مدى الحياة، ومن ثم طالب بتعويض قيمته 10 ملايين درهم، إضافة إلى تعويض 20 مليون درهم عن الأضرار النفسية والمعنوية والمادية التي لحقت بالأسرة.

وأفاد بأنه تزوج أم الطفل حديثاً، وكانت الأخيرة تمنّي النفس بحياة هادئة مستقرة، تعمل وتعين زوجها وتربي أطفالها بهدوء وسلام، لكنها أصيبت بصدمة نفسية بسبب ما حل بها، وتعيش في حالة حزن دائم وهي ترى طفلها عاجزاً عن القيام بأي حركة، ويعاني الآلام والأوجاع المستمرة.

وبعد نظر الدعوى انتهت المحكمة إلى أن ما تعرض له الطفل كان بسبب عدم قدرة الطبيبتين على التعامل مع حالة الجنين بشكل سليم أثناء الولادة. وهذا الإهمال أدى إلى حدوث اختناق حاد للطفل، ما تسبب في تلف دائم في دماغه، وفقدان القدرة على التحكم في بعض الوظائف الحيوية، مثل الكلام والمشي والأكل.

وأكدت أن الخطأ الطبي الذي ارتكبته الطبيبتان كان جسيماً وأدى إلى إصابات خطرة للطفل، وهو ما يترتب عليه تعويض مادي ومعنوي للمدعيين. كما أن المحكمة أيدت تقرير لجنة المسؤولية الطبية ورفضت الطعن في تقريرها، وقضت بإلزام المدعى عليهم (الطبيبتان والمستشفى) بأداء تعويض قيمته 700 ألف درهم إلى والدي الطفل، إضافة إلى الفائدة القانونية من تاريخ صدور الحكم وحتى السداد التام.

• الطبيبتان أظهرتا جهلاً فادحاً بالأصول الطبية أثناء ولادة الطفل، وفق درجة وتخصص مزاولة المهنة.

شاركها.
Exit mobile version