أيّدت المحكمة الاتحادية العليا طعن امرأة ضد حكم استئناف، قضى بإدانتها في تهمة ارتكاب جريمة من جرائم العنف الأسري، إذ وجهت لزوجها عبارة «ما برحمك والله»، عبر رسالة بعثتها له من خلال برنامج «واتس أب».

وأكدت المحكمة أن أوراق الدعوى خلت من أي دليل يمكن التعويل عليه في إدانتها، مقررة إلغاء الحكم الصادر ضدها، والقضاء ببراءتها مما أسند إليها.

كما أكدت في حيثيات حكمها أن اللفظ الذي وجهته الزوجة لزوجها، لا يرقى بذاته إلى التهديد المعاقب عليه، موضحة أن «العُنف الأسري يُقصد به كُل فعل أو امتناع عن فعل أو قول أو التهديد بأيّ منها، أو الإهمال أو الاستغلال الجنسي أو الاقتصادي الذي يرتكبه فرد أو عدد من أفراد الأسرة أو يُسهم فيه ضد فرد آخر منها متجاوزاً ما له من ولاية أو وصاية أو سلطة أو مسؤولية، وينتج عنه أو يكون الهدف منه إلحاق أذى أو ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي»، حسب نص المادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم 13 لسنة 2024 بشأن العنف الأسري.

وفي التفاصيل، أسندت النيابة العامة إلى امرأة ارتكاب جريمة من جرائم العنف الأسري، بأن هددت المجني عليه (زوجها) عبر رسالة بعثتها له عبر برنامج «واتس أب» بأن قالت له «ما برحمك والله»، مطالبة بعقابها بمواد المرسوم بقانون اتحادي رقم 13 لسنة 2024 في شأن الحماية من العنف الأسري.

وقضت محكمة أول درجة حضورياً بإدانتها وإلزامها حفظ ما تيسر من القرآن الكريم خلال شهر من تاريخه، باعتباره من أعمال الخدمة المجتمعية، عن تهمة ارتكاب جريمة من جرائم العنف الأسري، بأن هددت زوجها عبر رسالة بعثتها له عبر برنامج «واتس أب» المنسوب إليها، وإلزامها بدورة تأهيل ضد العنف في مراكز متخصصة، وسداد رسوم الدعوى الجزائية.

ولم ترتض المحكوم عليها هذا الحكم، فطعنت عليه بالاستئناف، وقضت محكمة الاستئناف حضورياً برفضه، فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض، كما قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن.

وقال دفاع المحكوم عليها في الطعن إن الحكم دانها، رغم انتفاء أركان الجريمة المسندة إليها، لاسيما القصد الجنائي فيها، ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

من جانبها، أيّدت المحكمة الاتحادية العليا، طعنها، إذ أكدت أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الحكم يجب أن يتضمن في ذاته ما يطمئن المطلع عليه بما ينبئ عن إلمام المحكمة بعناصر الدعوى، وكان الشارع قد أوجب في المادة 217 من قانون الإجراءات الجزائية، أن يشتمل كل حُكم بالإدانة على الأسباب التي بُني عليها، وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبنى عليها والمنتجة له، سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان مفصل جلي، بحيث يُستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحُكم في عبارات عامة أو وضعه في صورة مجملة، فلا يتحقق به مراد الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة، كما صار إثباتها في الحُكم.

وبينت أن الحُكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه قد اكتفى في ثبوت التهمة في حق الطاعنة بعبارات عامة مجملة، لا يبين منها حقيقة مقصده في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان.

وأشارت إلى أنه كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن العبرة في تحري حقيقة معنى اللفظ في اللغة هي بسياقه الذي ورد فيه، ولمّا كان لفظ «ما برحمك والله» لا يرقى بذاته إلى التهديد المعاقب عليه – على النحو المار بيانه في المادة – لاسيما إن كان بين زوجين دبّت بينهما الخلافات الزوجية المعتادة، وكان صرف الحكم هذا اللفظ إلى التهديد – في خصوصية هذه الواقعة – دون بيان لكون الهدف منه إلحاق الأذى أو الضرر على النحو الذي أوردته المادة الرابعة من قانون الحماية من العنف الأسري سالفة الذكر – يكون تحميلاً للفظ أكثر من معناه، ما ينهار معه الركن المادي للجريمة المنسوبة إلى الطاعنة، فضلاً عن أن الأوراق قصرت عن توافر القصد الجنائي لديها، ولا يقدح في ذلك أن تكون الطاعنة (الزوجة) قد أقرت بصدور اللفظ منها، طالما لم يشكل التهديد الذي تقوم به الجريمة، الأمر الذي تكون معه الدعوى قد خلت من أي دليل يقيم الاتهام في حق الطاعنة، ولما كانت محكمة الاستئناف قد خالفت هذا النظر، فإن حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله.

المحكمة أكدت أن اللفظ الذي وجهته الزوجة لا يرقى إلى التهديد المعاقب عليه.

شاركها.