رفضت محكمة اتحادية دعوى أقامها أب طالب فيها بإسقاط حضانة أربعة من أطفاله من والدتهم، مدعياً تراجع مستواهم الدراسي وإهمال أمهم في متابعتهم، بينما أكدت الأم أنها متفرغة لرعايتهم ولم تتزوج بعد الطلاق، وأن الادعاءات الموجهة إليها «خالية من أي دليل».
وتفصيلاً، بدأت القضية عندما رفعت الأم دعوى أصلية لطلب زيادة النفقات المقررة للأبناء، استناداً إلى أحكام سابقة صدرت في ملفات أحوال شخصية متعددة، موضحة أن المبالغ المحكوم بها قبل سنوات لم تعد تلبي الاحتياجات المعيشية المتزايدة للأطفال بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على فرضها.
وقدمت للمحكمة حافظة مستندات تضم نسخة من عقد إيجار مسكن الحضانة باسمها، بقيمة إيجارية تتجاوز 40 ألف درهم سنوياً، وصوراً من الأحكام السابقة الخاصة بالنفقة ومسكن الحضانة، موضحة في لائحة دعواها أن الأبناء الأربعة يكبرون وقد ازدادت احتياجاتهم اليومية والتعليمية، وأن التكاليف الفعلية للخدمات الأساسية ومنها الكهرباء والمياه والإنترنت قد ارتفعت على نحو يجعل المبلغ المحكوم به سابقاً غير كافٍ.
كما استندت إلى ما ذكره الأب بنفسه، أمام المحكمة، في جلسات التقاضي، حين أقر بأن دخله الوظيفي من جهة عمله يتجاوز 65 ألف درهم شهرياً، وهو مبلغ يفوق دخله وقت صدور الأحكام السابقة، معتبرة أن ذلك يشكل مبرراً قانونياً لطلب زيادة بعض النفقات المرتبطة بالأطفال، خصوصاً بدل مسكن الحضانة ونفقات الخدمات الأساسية.
وفي المقابل، رفع الأب دعوى متقابلة طالب فيها بإسقاط حضانة الأم عن الأبناء الأربعة وضمهم إليه، مستنداً في طلبه إلى ما أورده في صحيفة دعواه من اتهامات مباشرة للأم بالإهمال في تربية الأطفال ورعايتهم في هذه المرحلة العمرية، موضحاً أن بعض الأبناء يعانون من تدني مستواهم التعليمي نتيجة ضعف المتابعة، معتبراً أن الأم أصبحت غير أمينة عليهم، وأن بقاء الأطفال معها لم يعد يحقق مصلحتهم.
وبيّن الأب أن بعض الأبناء بلغ أو اقترب من بلوغ سن الحضانة القصوى المنصوص عليها قانوناً، وهو ما دفعه إلى المطالبة بضمهم إليه، مؤكداً أنه الأقدر على رعايتهم وتعليمهم وتوجيههم في هذه المرحلة، وأنه يستطيع، بحسب تعبيره، «أن يعلمهم طريقة الحياة» ويتابع شؤونهم التعليمية والسلوكية بصورة أفضل.
غير أن المحكمة، بعد دراسة ملفات الدعوى وسماع أقوال الطرفين، خلصت إلى أن الأم لاتزال مستوفية لجميع شروط الحضانة المنصوص عليها قانوناً، مبينة أن الأم لم تتزوج منذ وقوع الطلاق، وظلت متفرغة لرعاية أطفالها والاهتمام بشؤونهم، معتبرة أن هذا السلوك يعكس حرصها عليهم لا إهمالها لهم.
وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها أن مسؤولية الأبناء، رغم انتهاء العلاقة الزوجية، لا تقع على الحاضنة وحدها، بل هي مسؤولية مشتركة بين الأب والأم، مؤكدة أن الجانب الأكبر من هذه المسؤولية يتحمله الأب، باعتباره صاحب الولاية على نفس الصغير وماله.
وبينت المحكمة أن الأب يجب أن يكون «المسيطر والمهيمن على شؤون أبنائه من حيث الرقابة والتوجيه والتثقيف، والأخذ بيدهم إلى الطريق الصحيح»، سواء كانوا في يد الحاضنة أم لا، باعتبار أن دوره التربوي والأخلاقي لا يسقط بمجرد انتقال الحضانة.
وأضافت المحكمة أن الحضانة تقوم دائماً على الصلاح والقدرة، وأنه لم يثبت من خلال أوراق الدعوى ما يفيد فقدان الأم لأي شرط من شروط الحضانة المقررة قانوناً أو ما يتعارض مع مصلحة الأبناء ويستوجب نقل الحضانة منها، مشيرة إلى أن ما ذكره الأب بشأن عدم قدرة الأم على التربية، وإهمالها، وتدني المستوى التعليمي للأطفال، لا يعدو كونه أقوالاً مرسلة لا يساندها أي دليل، إذ ادعى حقاً خالياً من قيمته لعدم إقامة الدليل عليه.
وانتهت المحكمة إلى أن الحاضنة لاتزال أهلاً لحضانة الأبناء، وتتمتع بكامل الشروط المطلوبة، وعلى رأسها القدرة والأمانة، مؤكدة أن الأبناء مازالوا في سن يحتاجون فيها إلى حنان الأم وعطفها، وهو ما لا يعادله أحد مهما كانت درجة قرابته.
وبذلك رأت المحكمة أن طلب الأب إسقاط حضانة الأطفال أصبح هدفاً بعيد المنال لمخالفته صحيح الواقع والقانون، فقضت برفضه، وزيادة بدل مسكن الحضانة إلى 45 ألف درهم سنوياً ورفع نفقات الكهرباء والمياه والإنترنت إلى 1000 درهم شهرياً ورفض زيادة نفقة الأبناء ورفض زيادة أجرة الحضانة، ورفض طلب بدل أثاث إضافي لمسكن الحضانة.
• المحكمة قضت بزيادة بدل مسكن الحضانة إلى 45 ألف درهم سنوياً، ورفع نفقات الكهرباء والمياه والإنترنت إلى 1000 درهم شهرياً.
