أعلن مركز دبي للتوحد إطلاق خدمة تقييم التوحد لدى البالغين، اعتباراً من الشهر المقبل، وتهدف الخدمة، وهي الأولى من نوعها على مستوى الدولة، إلى سد فجوة مهمة في منظومة الرعاية والتأهيل، إلى جانب دعم جهود الدولة في تمكين الأشخاص ذوي التوحد من الاندماج في الحياة المهنية، ما ينسجم مع أهداف السياسة الوطنية للتوحد، والتوجهات الحكومية الرامية إلى بناء مجتمع شامل ومستدام.

وقال مدير عام المركز عضو مجلس إدارته، محمد العمادي، لـ«الإمارات اليوم»، إن ترسيخ مفهوم الدمج كجزء من ثقافة العمل المؤسسي في دبي يُشكّل إحدى الأولويات التي يعمل المركز عليها، انسجاماً مع رؤية القيادة الرشيدة لجعل الإمارة نموذجاً عالمياً في التمكين والاندماج الاجتماعي والمهني للأشخاص من ذوي التوحد.

وأضاف أن إطلاق هذه الخدمة يعكس التزام المركز بدوره الوطني في دعم تنفيذ السياسة الوطنية للتوحد، لاسيما في جانب الدمج المهني، من خلال تهيئة بيئة عمل شاملة تراعي احتياجات الأفراد، وتمنحهم فرصاً متكافئة للإسهام الفاعل في مسيرة التنمية المستدامة للدولة.

وقال الرئيس التنفيذي للبرامج في مركز دبي للتوحد، الدكتور نيكولاس أورلاند، إن اضطراب طيف التوحد يُعرف بأنه حالة تستمر مدى الحياة، وعلى الرغم من ذلك فإن خدمات التشخيص للبالغين لاتزال محدودة في المنطقة، وتابع: «لاحظنا على مدى السنوات الماضية زيادة في عدد البالغين وأسرهم الذين يسعون إلى فهم سمات التوحد لديهم، وهذه الخدمة الجديدة ستوفر لهم تقييماً شاملاً ودقيقاً، يُنفذ بأسلوب يحترم خصوصيتهم ويلبّي احتياجاتهم الفريدة».

وحول الأدوات المستخدمة في التقييم، بيّن أن العملية تستند إلى أدوات تشخيصية عالمية مكيَّفة للبالغين، تشمل مقابلات معمّقة، واستبانات ذاتية، وجمع بيانات نمائية وتاريخية، مع إشراك الأسرة، إن أمكن، وصولاً إلى إعداد تقرير تفصيلي يقدم صورة دقيقة، وترافقه توصيات وإرشادات عملية.

وشرحت رئيسة قسم علم النفس في المركز، سامانثا باركو، أن عملية التقييم تبدأ بمقابلة أولية لجمع التاريخ النمائي وتحديد أهداف التقييم، تليها مقابلات منتظمة، تستخدم فيها أدوات معيارية مكيّفة للبالغين، ينفّذها فريق متخصص يضم عادة أخصائي علم نفس إكلينيكي، ويتم إشراك أفراد الأسرة – متى أمكن ذلك – لتقديم صورة أشمل، وإعداد تقرير تفصيلي يقدم خلال جلسة نهائية تتضمن التوصيات المناسبة.

وأشارت إلى أن التشخيص الرسمي يمكن أن يُشكّل نقطة تحول في حياة البالغين، من خلال منحهم فهماً أوضح لذواتهم، بما يساعدهم في الحصول على التسهيلات الأكاديمية والمهنية، إضافة إلى فتح المجال أمامهم للوصول إلى خدمات علاجية وبرامج تدريب مهني ودعم نفسي ومجتمعي متكامل.

أعراض متنوعة.. وتشخيص متأخر

أكّد مساعد أخصائي نفسي في دبي للتوحد، عبدالعزيز حرزالله، أن تشخيص التوحد لدى البالغين يُعدّ أمراً شائعاً لأسباب متعددة، منها أن الأعراض تكون غير واضحة أو يتم تفسيرها بالخجل أو اختلاف في الشخصية، وبعض الأشخاص طوروا استراتيجيات للتأقلم وإخفاء الصعوبات دون ملاحظة من محيط الأسرة، إلى جانب أن قلة الوعي حول التوحد سابقاً جعلت الكثير من الحالات لا يتم تشخيصها مبكراً، وأحياناً يتم التشخيص بعد أن يبدأ الشخص بطلب تقييم إثر مواجهة تحديات في العمل أو العلاقات أو الصحة النفسية، وفي بعض الحالات يكتشف الشخص إصابته بالتوحد بعد تشخيص أحد أفراد عائلته، إذ يبدأ بمقارنة أعراضهم بالأعراض التي يعانيها، وعن أعراض التوحد لدى البالغين، أشار حرزالله إلى أنها تختلف من شخص لآخر نظراً إلى أن طيف التوحد يُعدّ واسعاً، وبعض الأعراض قد تظهر وتغيب من آنٍ إلى آخر، ومنها صعوبة في فهم الإشارات الاجتماعية والتواصل، وتفضيل الروتين والاهتمامات المحددة، وحساسية مفرطة أو منخفضة للمؤثرات (أصوات، أضواء..)، وإرهاق أو قلق من التفاعلات الاجتماعية، وشعور بالاختلاف أو الانعزال عن الآخرين.

تشخيص في «العقد الخامس»

ذكر مساعد أخصائي نفسي في دبي للتوحد، عبدالعزيز حرزالله، أن الإعلامية ميلاني سايكس أعلنت عن تشخيصها بالتوحد في سن 51 عاماً، مشيرة إلى أن ذلك ساعدها في فهم التحديات المهنية والشخصية التي واجهتها، ووصفت التشخيص بأنه «مغيّر للحياة»، وكذلك كشفت سارما ميلنغيلس، المعروفة في المسلسل الوثائقي Bad Vegan، عن تشخيصها بالتوحد في سن 51 عاماً، وأوضحت أن التشخيص ساعدها على فهم سلوكياتها ومشاعرها التي لاحظتها منذ فترة طويلة.

شاركها.
Exit mobile version