غادرت مريضة مستشفى الفجيرة، التابع لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، بعد خمسة أيام من تعافيها الكامل، رغم تعرضها لتوقف قلبي مطول تجاوز 30 دقيقة، وذلك بفضل تدخل طبي متقدم مدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي، مكّن الفريق الطبي من التشخيص السريع للانسداد الكامل في الشريان الأيمن، وزراعة دعامة قلبية وفق قياسات دقيقة أعادت تدفق الدم إلى القلب.

وبيّن رئيس قسم القلب في المستشفى، الدكتور ثائر خزيم، أن الذكاء الاصطناعي أدى دوراً محورياً في إنقاذ الحالة، من خلال كاميرا دقيقة عبر القسطرة القلبية أظهرت موقع الانسداد بدقة، ما أتاح للأطباء التدخل السريع ونجاح العملية من دون مضاعفات، مشيراً إلى أن هذه التجربة تؤكد أن دمج الذكاء الاصطناعي في الإجراءات القلبية لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة لإنقاذ الأرواح.

وجاء ذلك في الملتقى الأول للذكاء الاصطناعي، الذي نظمه مستشفى الفجيرة، التابع لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، تحت شعار «نمكن العقول ونرتقي بالمجتمع»، بحضور نخبة من الأطباء والمتخصصين، حيث جرى استعراض أبرز التجارب التطبيقية للتقنيات الذكية في القطاع الصحي، في خطوة تعكس التزام المؤسسة بتعزيز حضور الذكاء الاصطناعي في المنظومة الصحية، انسجاماً مع توجهات الدولة لتسريع تبني هذه التقنيات، وإعداد جيل من الكفاءات القادرة على استشراف المستقبل وتطوير خدمات أكثر كفاءة وابتكاراً.

وأضاف خزيم أن تقنيات الذكاء الاصطناعي أحدثت نقلة نوعية في التشخيص، إذ رفعت دقة الفحوص القلبية لدى الأطباء، فضلاً عن تمكنها من التنبؤ بالمخاطر وصياغة خطط علاجية دقيقة، ما يُعزّز فرص إنقاذ المرضى في الحالات الحرجة.

من جانبها، أوضحت استشارية الأشعة التداخلية للثدي رئيسة قسم الأشعة والطب النووي في المستشفى، الدكتورة أسماء خماس، أن دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة الرعاية الصحية أصبح خطوة استراتيجية لتحسين جودة الخدمات وكفاءتها، مشيرة إلى أن «الخوارزميات المتقدمة في تحليل الصور الطبية رفعت دقة التشخيص وسرعته، وقللت الأخطاء الطبية، ما جعل الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية لتطوير خدمات التصوير الطبي والأشعة».

وأضافت أن مستشفى الفجيرة اعتمد خريطة طريق لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، تمثّلت في تطبيق الكشف المبكر عن سرطان الثدي، الذي بدأ منذ عام 2020، حيث ارتفعت دقة النتائج من 85% إلى 98%، وانخفضت فترة التشخيص من 14 يوماً إلى خمسة أيام فقط، مع تقليص نسبة الاستدعاء بعد الفحص من 10 إلى 4% وتم الكشف المبكر عن 125 حالة سرطان ثدي في مرحلتها الأولى خلال العام الماضي.

وذكرت خماس أنه في عام 2021 بدأ الكشف المبكر عن أمراض الرئة والسل، من خلال مراكز الطب الوقائي عبر الذكاء الاصطناعي، ما رفع دقة النتائج إلى 99% وقلّص فترة التشخيص من 72 ساعة إلى أقل من 10 ساعات، وأسهم في عزل المصابين ومنع انتشار العدوى، مع تشخيص 2294 حالة سل العام الماضي، كما تم إدخال تقنيات للكشف عن الكسور وهشاشة العظام في 2024 و2025، باعتبارها من الأمراض «الصامتة» التي يصعب اكتشافها قبل وقوع الكسر.

وتضمن الملتقى محاضرات متخصصة وجلسة حوارية مفتوحة، تناولت موضوعات مهمة، مثل دور الذكاء الاصطناعي في تطوير أساليب علاج أمراض القلب، والأطر الأخلاقية والتشريعية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاع العام، واستخداماته المتنامية في مجال الأشعة التشخيصية، كما تطرقت النقاشات إلى سبل تمكين الكفاءات الشابة لمواكبة متطلبات المستقبل، كما تم تنظيم معرض على هامش الملتقى لاستعراض أبرز التجارب والمشاريع الرقمية في قطاع الرعاية الصحية والمجالات الأخرى.

من جانبه، أكّد مدير مستشفى الفجيرة، الدكتور أحمد الخديم، أن تنظيم ملتقى الذكاء الاصطناعي يأتي في سياق التوجه الوطني نحو تنفيذ استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031 التي رسّخت التقنيات الذكية ركيزةً للتنمية المستدامة، مضيفاً: «هدفنا مواصلة المسيرة في إرساء بيئة ذكية تجعل من البيانات والمعرفة أدوات لاتخاذ قرارات دقيقة، وتفتح المجال أمام الكفاءات الوطنية لتصميم حلول متقدمة تسهم في تحسين تجربة المريض وتعزيز جودة حياة أفراد المجتمع».

ويعكس تنظيم ملتقى الذكاء الاصطناعي حرص مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية على إطلاق منصات معرفية تفتح آفاقاً جديدة للتكامل بين الجهات المعنية وترفع تنافسية القطاع الصحي، من خلال تعزيز تبادل الخبرات وصياغة حلول عملية تدعم جهود تصفير البيروقراطية، بما يسهم في ترسيخ مكانة دولة الإمارات في مقدمة الدول الساعية إلى توظيف التقنيات المستقبلية لخدمة الإنسان والمجتمع.

الدكتور ثائر خزيم:

• هذه التجربة تؤكد أن دمج الذكاء الاصطناعي في الإجراءات القلبية لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة لإنقاذ الأرواح.

الدكتورة أسماء خماس:

• الخوارزميات المتقدمة في تحليل الصور الطبية رفعت دقة التشخيص وسرعته، وقللت الأخطاء الطبية.

شاركها.
Exit mobile version