فتحت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي باب التسجيل لبرنامج الابتعاث للطلبة المواطنين لربيع 2026، حتى السابع من نوفمبر المقبل، حيث يُعدّ البرنامج إحدى الأدوات الاستراتيجية، التي تعكس التزام الدولة بالاستثمار في رأس المال البشري، باعتباره محرك مسيرة التنمية الشاملة المستدامة، وركيزة لتأكيد مكانة دولة الإمارات مركزاً عالمياً للعلم والمعرفة.
وقال وكيل الوزارة المساعد لقطاع عمليات التعليم العالي بالإنابة الدكتور فيصل العلي، في بيان صحافي صادر عن الوزارة أمس: «إن برنامج الابتعاث يُمثّل أكثر من مجرد إمكانية تحصيل شهادة علمية من جامعات خارج الدولة، فهو مشروع وطني استراتيجي لصناعة قادة الغد، وإعداد جيل من الشباب الإماراتي القادر على الارتقاء بسوق العمل الوطني، وتعزيز تنافسيته العالمية، وهو كذلك فرصة للتبادل الثقافي والتواصل الحضاري بين الشباب الإماراتي ونظرائهم من أنحاء العالم».
وأشار إلى أن عدد الطلبة المبتعثين الجدد خلال العام الجاري وصل إلى 184 طالباً وطالبة، يدرسون في أكثر من 60 جامعة مُصنّفة ضمن أفضل المراتب عالمياً. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، بلغ عدد خريجي البرنامج 1388 طالباً وطالبة، أنهوا دراستهم ضمن مختلف المراحل الجامعية، في أكثر من 200 جامعة موزعة على ما يزيد على 25 دولة. ولا تقتصر هذه الجامعات على توفير بيئة تعليمية متقدمة فحسب، بل تفتح أمام الطلبة آفاقاً واسعة للمشاركة في أبحاث رائدة والتفاعل مع مجتمعات أكاديمية متكاملة.
ويركز برنامج الابتعاث على تخصصات ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأولويات الوطنية واحتياجات سوق العمل، مثل (الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، والهندسة المتقدمة، والطاقة المتجددة، والعلوم الطبية والصحية)، كما يشمل مجالات إدارة الأعمال والاقتصاد والعلوم الاجتماعية، التي تدعم بناء مجتمع معرفي متقدم، وتُبرز هذه الأرقام التوجه النوعي للبرنامج، حيث يتم التركيز على الجودة الأكاديمية، باعتبارها معياراً للنجاح، كما يواصل البرنامج توجيه الطلبة نحو التخصصات المستقبلية التي ستقود التحولات الاقتصادية والاجتماعية في العقود المقبلة، وتُعزّز دور الدولة في مجالات الاقتصاد المعرفي، والحياد المناخي، والتحول الرقمي.
وأكّدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن يكون الابتعاث رافعة مباشرة لسوق العمل الوطني، ولهذا أبرمت شراكات استراتيجية مع مؤسسات وطنية رائدة داخل الدولة، وتمتد هذه الشراكات إلى قطاعات حيوية، مثل (الطاقة، والطيران، والصناعات الثقيلة، والموارد البشرية)، وبموجبها يحصل المبتعثون بعد تخرجهم على فرص توظيف مباشرة أو مسارات تدريبية مؤهلة في جهات عدة، منها: (هيئة كهرباء ومياه دبي، ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية، وطيران الإمارات، وطيران الاتحاد، والإمارات العالمية للألمنيوم، ووزارة الموارد البشرية والتوطين، وجامعة الإمارات العربية المتحدة).
وأشادت الوزارة بحرص القطاعات الاقتصادية الوطنية على دعم وتعزيز البرنامج، لافتة إلى أن نهاية رحلة الابتعاث والحصول على المؤهل الأكاديمي هي بداية مسار مهني ناجح ومتميّز للطالب، يسهم عبره في دفع عجلة الاقتصاد الوطني، معتبرة التعاون مع قطاعات التوظيف جسراً يربط بين قاعات الدراسة ومواقع العمل والإنتاج.
وأوضحت الوزارة «على امتداد السنوات والعقود الماضية، أثبت الطلبة الإماراتيون المبتعثون قدرتهم على أن يكونوا خير سفراء للعلم والمعرفة، وقدموا قصص نجاح مُلهِمة داخل الوطن وخارجه. وبرزت من بينهم نماذج مشرفة علمياً وأكاديمياً، مثل نور آل علي، طالبة الماجستير في طب الجينوم بجامعة ملبورن، التي مثّلت الإمارات في محافل دولية وأسهمت في أبحاث متقدمة تُعزّز مكانة الدولة في مجال العلوم الصحية، وزهرة سلمان الباحثة في مجال العلوم البيئية العالمية في جامعة كيوتو اليابانية، فيما يقدم منصور علي الكعبي، المتخصص في العلوم الاكتوارية والاقتصاد نموذجاً آخر لشاب إماراتي اختار مساراً مهنياً نوعياً في القطاع الخاص، حيث يُسخر خبراته لدعم نمو أحد أبرز القطاعات الحيوية المستقبلية».
وأضافت: «تُجسّد هذه النماذج، وغيرها الكثير، القيمة الحقيقية لبرنامج الابتعاث، باعتباره استثماراً وطنياً مستداماً، يسهم في تخريج كوادر بشرية مؤهلة، تحمل معها المعرفة العالمية والخبرة العملية، وتضع بصمتها في مسيرة التنمية الشاملة للدولة».
ويأتي التطوير المتواصل لبرنامج الابتعاث ضمن منظومة تحولية أشمل تقودها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بهدف تعزيز تنافسية الدولة، وتأكيد دور التعليم ركيزةً للاقتصاد المعرفي، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية «نحن الإمارات 2031» ومئوية الإمارات 2071، من خلال إعداد جيل قادر على قيادة المستقبل، ومؤهل للتعامل مع المتغيّرات العالمية وتسخير التكنولوجيا والابتكار لمصلحة الوطن.
وتواصل الوزارة تطوير سياسات الابتعاث وتحديثها، بما يتماشى مع المتغيّرات العالمية، على اعتبار أن الابتعاث في جوهره مسؤولية وطنية، هدفه ليس فقط تمكين الطلبة من التعلم، بل تزويدهم بالأدوات اللازمة ليصبحوا قادة ومبتكرين ومؤثرين في مستقبل الوطن.
• 1572 طالباً مبتعثاً في 200 جامعة عالمية.
