تواصل العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا نموها وازدهارها مدفوعة بالتزام ودعم متجددين من قبل القيادتين بهدف بناء علاقات استراتيجية مشتركة في العديد من المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية.
وترتكز العلاقات الثنائية بين الإمارات وكوريا على إمكانات اقتصادية هائلة تفتح المجال واسعاً أمام تنمية التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري والاستثماري إلى آفاق رحبة تستند إلى اتفاقيات حيوية ومذكرات تعاون تم توقيعها بين الجانبين في مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والفني والنقل الجوي وتجنب الازدواج الضريبي، وحماية وتشجيع الاستثمار.
وتمثل زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لكوريا اليوم محطة مهمة لدعم وترسيخ العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، ودفع الجهود المشتركة إلى مستويات أكثر قوة وفعالية في تنمية ودعم الشراكة الاستراتيجية وتطوير علاقات متينة مبنية على التعاون والثقة المتبادلة وفي مختلف المجالات خاصة في مجالات الطاقة النظيفة والنفط والصحة والاستثمارات المتبادلة والتجارة النشطة.
العلاقات الثنائية
وشهدت العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين تبادلاً واسعاً للزيارات بين كبار المسؤولين، في إطار سعي البلدين إلى تطوير العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون المشترك في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتعاون العلمي والتقني بالإضافة إلى بحث التطورات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط وتبادل وجهات النظر حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية الراهنة.
وقد تأسست العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وكوريا الجنوبية في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتميزت العلاقات الإماراتية الكورية بالاحترام المتبادل والتوافق في العديد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا بصورة رسمية في 18 يونيو 1980 تبعها افتتاح سفارة دولة الإمارات في العاصمة سيئول عام 1987، ومنذ ذلك التاريخ، ظلت العلاقات الثنائية بين البلدين تشهد تطوراً ملحوظاً، حيث تم ترفيع هذه العلاقات إلى «شراكة استراتيجية» في العام 2009، ثم إلى «شراكة استراتيجية خاصة» في العام 2018، وتوسعت هذه العلاقات لتشمل جميع مجالات التعاون على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، ويرجع الفضل في التطور النوعي الذي شهدته العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا لحرص القيادة في البلدين على دعم هذه العلاقات وتطويرها.
دور مهم
ولعبت الزيارات المتبادلة المتعددة التي تمت على مستوى القادة والمسؤولين رفيعي المستوى بين الجانبين دوراً مهماً في توطيد وتقوية هذه العلاقات، وكان أبرز الزيارات على مستوى القادة الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في يونيو 2006، ومايو 2010، ومارس 2012، وفبراير 2014، وفبراير 2019. ومن الجانب الكوري، فتمثلت أبرز زيارات القادة في زيارة الرئيس الأسبق «روه مو هيون» في مايو 2006، وزيارات الرئيس الأسبق «لي ميونغ باك» في ديسمبر 2009 ومارس 2011 وفبراير 2012 ونوفمبر 2012، وزيارات الرئيسة الكورية السابقة «بارك كون هيه» في مايو 2014 ومارس 2015، وزيارة الرئيس «مون جيه إن» في مارس 2018.
قنوات الحوار
وتم تعزيز هذه العلاقات من خلال قنوات الحوار والاجتماعات رفيعة المستوى بين الجانبين، ومنها الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية، واجتماع (2+2) بين وزارتي الخارجية والدفاع، والمشاورات رفيعة المستوى بشأن التعاون النووي، واجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة، وكذلك من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين في مختلف مجالات التعاون.
وترتبط الإمارات وكوريا بعلاقات اقتصادية واستثمارية متميزة، حيث بلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية مع جمهورية كوريا خلال العام الماضي 2023 حوالي 5.3 مليارات دولار تمثل نمواً بنسبة 12.5 % مقارنة بعام 2022، وتلامس استثمارات كوريا المباشرة في الدولة حاجز الـ 2.2 مليار دولار، بالمقابل بلغت قيمة استثمارات الإمارات المباشرة في كوريا 578 مليون دولار بنهاية عام 2022. ويعتبر النفط الخام أهم صادرات دولة الإمارات لجمهورية كوريا (حوالي 90 % من إجمالي الصادرات).
وتتمثل أهم الصادرات الكورية لدولة الإمارات في المنتجات التكنولوجية كالسيارات وأجهزة الهواتف والسفن والأدوات الكهربائية وشاشات العرض، ووصل المبلغ الاجمالي للاستثمارات الكورية في دولة الإمارات 1.4 مليار دولار، مقابل 0.45 مليار دولار استثمارات للدولة في جمهورية كوريا بسبب التوسع في المشروعات المشتركة وارتفع عدد الشركات الكورية التي تعمل في الإمارات إلى 200 شركة، فيما تلعب الرحلات الجوية المباشرة للناقلات الوطنية للدولة من أبوظبي ودبي إلى سيؤول دوراً مهماً في دعم التعاون الاقتصادي بين البلدين.
ويمثل موقع براكة للطاقة النووية السلمية ثمرة التعاون البناء بين الإمارات العربية المتحدة وبين جمهورية كوريا، ففي عام 2009 وقع اختيار مؤسسة الإمارات للطاقة النووية على الشركة الكورية للطاقة الكهربائية «كيبكو» وهي أكبر شركة للطاقة النووية في كوريا لتكون المقاول الرئيسي لمحطات الطاقة النووية السلمية في الدولة وتتولى مسؤولية تصميم المحطات وإنشائها ثم المساعدة في تشغيلها.
وقد شهدت العلاقات الثنائية بين الإمارات وكوريا تطوراً كبيراً خلال السنوات العشر الأخيرة ونجح البلدان في عقد اللجنة الاقتصادية المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية كوريا – أعمال الدورة الثامنة في العاصمة الكورية سيؤول، واتفق الجانبان على توسيع وتنويع مظلة التعاون الاقتصادي في 11 قطاعاً استراتيجياً وتحفيز الاستثمارات المتبادلة بها خلال المرحلة المقبلة، بما يدعم تحقيق أهداف الأجندة التنموية للبلدين، ويدعم تحولهما نحو نموذج اقتصادي أكثر مرونة وتنافسية، يعتمد على قطاعات الاقتصاد الجديد.
وتعد دولة الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط تتمتع بشراكة استراتيجية خاصة مع جمهورية كوريا، وبرز هذا التعاون المشترك والتوافق في الرؤى من خلال الدور الذي تمارسه الجمهورية الكورية إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة في القضايا ذات الطابع الدولي ومنها على سبيل المثال قضايا الدفاع عن حقوق الإنسان والقضايا الإنسانية والمناخ وغيرها من الإسهامات في المشاريع الخيرية المشتركة.
ووقعت دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية كوريا عدداً من مذكرات التفاهم تهدف إلى تعزيز الشراكات الثنائية والتعاون بين البلدين وتطويرها إلى آفاق جديدة من العمل المشترك في مختلف القطاعات.
تطورات كبيرة
وأكدت سفارة الإمارات في سيئول أن العلاقات الثنائية بين البلدين شهدت خلال العقد الماضي تطورات كبيرة في مختلف المجالات، ووصلت إلى مستويات متقدمة، وتحولت إلى شراكة استراتيجية تشمل كل المجالات الحيوية، خاصة النفط والطاقة المتجددة والتعليم والتدريب وقطاعات التشييد والبناء والبيئة والرعاية الصحية وإنشاء وبناء المنصات البترولية البحرية، والمواصلات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والفضاء وغيرها.
وخلال السنوات الماضية تم التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم والتعاون بين الدولتين في برامج التقييم والترخيص الطبي، وإدارة المستشفيات وتبادل الخبرات الطبية، إضافة إلى مجالات تبادل الخبرات في التعليم، كما تمَّ توقيع عدد من مذكرات التفاهم بشأن التعاون في مجالات المشاريع الصغيرة والمتوسطة والابتكار، والتعاون في إعداد نظام متطور لإدارة البراءات في دولة الإمارات، إلى جانب التعاون في العلوم المتقدمة والتكنولوجيا والزراعة والبناء.