أظهرت نتائج استطلاع أجرته «الإمارات اليوم»، خلال الأيام الثلاثة لمعرض نجاح أبوظبي للتعليم الجامعي، أن 66% من الطلبة يختارون تخصصهم الجامعي بناء على الرسوم الجامعية، وفرص الحصول على وظيفة عقب التخرج، فيما أكدت دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي وضع سياسة للإرشاد الجامعي، وحدّد خبراء تعليم أربعة تحديات تواجه اختيار الطالب للتخصص الجامعي، وقدّموا ستة مقترحات لربط الموهبة بالتخصص، والتوسّع في استقطاب الطلبة المتميزين إلى التخصصات المطلوبة في سوق العمل.

وتفصيلاً، شمل الاستطلاع، الذي شارك فيه نحو 120 طالباً وطالبة من جنسيات مختلفة، وتضمن أربعة خيارات تبرز العوامل المؤثرة في اختيار الطلبة لتخصصاتهم الجامعية، تضمنت: الاهتمامات العلمية والشغف، واسم الجامعة وسمعة برامجها الأكاديمية وترتيبها العالمي، والرسوم الجامعية (كُلفة الساعات المعتمدة للبرنامج الدراسي)، إضافة إلى فرص التوظيف عقب التخرج.

النتائج

وأظهرت الإجابات أن نسبة 34% من الطلبة تختار تخصصها الجامعي بعد المناقشة مع ذوي الطلبة بناء على الكلفة المالية لدراسة التخصص، ومدى إمكانية تحمل أسرهم لهذه الكُلفة على مدار سنوات الدراسة، يليها فرص الحصول على وظيفة داخل الدولة بنسبة 32%، فيما يضع 24% من الطلبة الاهتمامات العلمية والشغف التعليمي في المقام الأول عند اختيار التخصص الجامعي، ونحو 10% تضع اسم الجامعة وقوة برامجها الدراسية في المقام الأول.

مبرّرات الطلبة

وأكد طلبة في الصف الـ12، محمد غريب ويوسف رجب وعلي صالح وسعد عامر ومحمود مروان، أن القدرة المالية للأسرة تلعب دوراً رئيساً في استكمال الطالب لتعليمه الجامعي خصوصاً بين الأسر المقيمة، نتيجة ارتفاع كُلفة الساعات المعتمدة للبرامج الأكاديمية التي تطرحها الجامعات، لافتين إلى أن العديد من الطلبة يتوقف فترة بعد الحصول على الثانوية ويلتحق بعمل، وبعدها بعامين أو ثلاثة يستكمل دراسته الجامعية بجانب عمله حتى يستطيع تحمل كُلفة الدراسة الجامعية، فيما يتوقف البعض عند الدراسة الثانوية فقط، أو يسافر إلى دولته الأم للبحث عن جامعة برسوم منخفضة.

فيما أشارت الطالبات، رانيا سعيد وهاجر محمد وريماس الشاذلي ولارا صلاح وماريان سمير، إلى أن ارتفاع الرسوم الدراسية الجامعية يحدّ من قدرة الكثير من الطالبات على استكمال تعليمهن ما بعد المدرسي، خصوصاً أن فرص حصولهم على بدائل دراسية خارج الإمارات أقل من الطلبة الذكور، حيث يتخوف الكثير من الأسر من سفر بناتها للدراسة في دولة أخرى بعيدة عنها.

وأجمع الطلبة على أن اختيار التخصص يضعهم في معضلة كبيرة، نظراً لارتفاع كُلفة دراسة التخصصات الجديدة المطلوبة في سوق العمل، مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وأمن المعلومات، والطاقة المتجددة، إضافة إلى التخصصات الطبية، حيث تراوح الرسوم السنوية ما بين 70 و150 ألف درهم، ما يُعرقل طموح الكثير من الطلبة المتفوقين في استكمال دراستهم بالتخصصات الجديدة، ويحرم سوق العمل خريجين متميزين، ويُضاعف في الوقت ذاته من خريجي التخصصات التقليدية التي تتشبّع منها سوق العمل.

كُلفة الساعات المعتمدة

وأظهر متوسط رسوم الساعات الدراسية المعتمدة في الجامعات الإماراتية المشاركة في معرض نجاح أبوظبي، والمعلنة على مواقعها الرسمية، أن متوسط رسوم الساعة المعتمدة في برنامج بكالوريوس الطب والجراحة بلغ 3000 درهم وعدد ساعات البرنامج 244 ساعة دراسية معتمدة، وبلغت رسوم الساعة المعتمدة في برنامج بكالوريوس العلوم الصحية 2500 درهم، فيما بلغت رسوم الساعة المعتمدة في برنامج طب الأسنان 2000 درهم، وعدد ساعات البرنامج 201 ساعة، مقابل 1800 درهم لكل ساعة معتمدة في برامج بكالوريوس الصيدلة، وفي برنامج الطب البيطري بلغت كُلفة الساعة الدراسية المعتمدة 3000 درهم بإجمالي 152 ساعة، وبرنامج بكالوريوس علوم التغذية، ويبلغ عدد الساعات المعتمدة لكل برنامج 160 ساعة.

وبيّنت قوائم الرسوم الجامعية أن متوسط أسعار الساعات المعتمدة في برنامج بكالوريوس الهندسة 1700 درهم، وعدد ساعات البرنامج 160 ساعة، فيما جاء متوسط رسوم الساعة المعتمدة في برامج علوم الحاسب الآلي، وأمن الفضاء الإلكتروني، والذكاء الاصطناعي، 1500 درهم للساعة الدراسية المعتمدة.

تحديات

من جانبه، أوضح الأستاذ المساعد في قسم علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات بجامعة أبوظبي، الدكتور مراد الرجب، أن اختيار التخصص الجامعي يواجه أربعة تحديات رئيسة، تبدأ منذ وصول الطالب إلى المرحلة الثانوية وعدم تلقي الإرشاد الأكاديمي الكافي في المدرسة، وينتقل إلى الجامعة لمجرد استكمال دراسته ولا تكون لديه خطط أو تصورات قد قام باختيار تخصصه الجامعي بناء عليها، مرجعاً ذلك إلى غياب دور المدرسة في ثقل شخصية الطالب تجاه ميوله أو رغباته التعليمية ومساعدته على استكشاف مواهبه، ما يؤدي إلى اكتشاف الكثير من الطلبة بعد التحاقهم بالجامعة وجود برامج دراسية لم يكونوا على علم بها تناسب ميولهم ورغباتهم بشكل أكبر من التخصصات الملتحقين بها.

وقال: «من التحديات أيضاً وجود نسبة كبيرة من ذوي الطلبة بعيدة عن فهم التخصصات الجامعية خصوصاً التخصصات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وعلم الجينات، والتخصصات الصحية الدقيقة، وعلوم البيانات، والأمن السيبراني، حيث تقتصر معرفة ذويهم عن التخصصات الجامعية على التخصصات العامة والأسماء التقليدية كالطب والهندسة والقانون، دون الدخول في تفاصيل وتطور العلوم والمعارف واحتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية».

وأضاف الرجب: «إن ضعف التواصل بين المدارس والجامعات والاكتفاء بالمشاركة في بعض الفعاليات التعليمية التي لا تتيح الفرصة للجامعات في التعريف بشكل واضح وكامل عن برامجها أمام الطلبة وذويهم، من أبرز التحديات في اختيار التخصص الجامعي». ولفت إلى أن ارتفاع كُلفة التعليم الجامعي، يحكم أيضاً الكثير من الأسر، حيث تقارن بين وضعها المادي وقدرتها على تحمل الرسوم الجامعية، خصوصاً إذا كان لديها أكثر من ابن في المرحلة الجامعية، ما يضطرها إلى اختيار تخصصات منخفضة الرسوم.

مقترحات

من جانبها، قالت خبيرة القيادة التربوية، الدكتورة فاطمة المراشدة: «حين يتم اختيار التخصص بدافع الكُلفة لا الموهبة يفقد الطالب دافعيته للتعلم وقدرته تضعف على الإبداع، فتخرج الجامعات جيلاً يعرف المهنة لكنه لا يحبها، كما تتكوّن فجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل إذ تزداد أعداد خريجي التخصصات الأقل كلفة، بينما تندر الكفاءات في المجالات التقنية والعلمية الدقيقة التي تحتاج إليها الدولة لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة».

وأشارت إلى أن برامج المنح الدراسية الممولة بالكامل الموجودة حالياً تستقطب أعداداً محدودة من الطلبة، ما يستدعي حلولاً جديدة لاستقطاب المتميزين علمياً نحو التخصصات الحديثة كعلوم الفضاء، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والطاقة المتجددة.

وأضافت: «الاستثمار في العقول لا يجب أن يُقاس بالأرقام فقط، بل بالقدرة على اكتشاف الشغف ودعمه، فالوطن لا يحتاج إلى مزيد من الخريجين بقدر حاجته إلى خريجين يعشقون ما يدرسون، ويحوّلون علمهم إلى إنجازات، حينها فقط سنضمن أن الكلفة لم تسرق الموهبة.. وأن الحلم لايزال ممكناً لكل من يستحقه»

التوجيه الجامعي

من جانبها، أكّدت دائرة التعليم والمعرفة عملها، من خلال سياسة التوجيه المهني والجامعي، على مساعدة المدارس في وضع رؤية ونهج للتوجيه المهني والجامعي، تقوم على أساس تعزيز طموح الطلبة نحو التعليم ما بعد الثانوي والتعلم مدى الحياة في سن مبكرة، وتعزيز الوعي بالمفاهيم المهنية بصورتها الموسعة لدى طلبة الحلقة الثانية وتقديم الدعم اللازم لانتقالهم إلى الحلقة الثالثة، حيث يمكنهم استكشاف المسارات والمفاهيم المهنية بالتفصيل، والإعداد لمرحلة ما بعد الثانوية، وتطوير المهارات الشخصية اللازمة للعمل الوظيفي من خلال الأنشطة المدرسية أو برامج الإثراء والندوات الخارجية.

شاركها.
Exit mobile version