اختتمت وزارة المالية أعمال ملتقى ميزانية 2025 المصاحب لإعلان الميزانية العامة للدولة للعام المالي 1446-1447 (2025م)، بحضور عددٍ من أصحاب السمو والمعالي الوزراء والمسؤولين، وذلك في مدينة الرياض.
واستعرضت جلسات ملتقى ميزانية 2025 الأربع عددًا من المحاور، التي تناولت تأثير الإنفاق الحكومي في دعم المبادرات والمشروعات التي تسهم في توفير وتطوير الخدمات، وتحسين جودة حياة المواطنين، بالإضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص، وتحفيز البيئة الاستثمارية في المملكة، فضلًا عن إبراز المشاريع الإستراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة، واستعراض إنجازات الجهات الحكومية ضمن إطار الميزانية العامة.
وأكد معالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان، خلال مشاركته في الجلسة الأولى التي عقدت بعنوان “السياسة المالية لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام” أن الإنفاق المستدام مكّن المملكة من تقديم خدمات بجودة عالية ومواجهة متغيرات أسعار الطاقة، مضيفًا أن المالية العامة تركز على القطاعات ذات الأثر المباشر على التنمية الاقتصادية والتنوع الاقتصادي.
وأشار إلى أن إصلاحات رؤية المملكة 2030 الهيكلية تجاوزها الاقتصاد، والهدف منها دعم المالية للاقتصاد بشكل عام، حيث وصلت الإيرادات غير النفطية إلى 472 مليارًا بفضل التنوع الاقتصادي الكبير الذي وصلنا له.
من جانبه، أوضح معالي وزير الاقتصاد والتخطيط الأستاذ فيصل الإبراهيم أن النضج المؤسسي في المملكة ساعدها في أن تكون صوتًا على الساحة العالمية، لافتًا الانتباه إلى أن قيادة معالي وزير المالية الأستاذ محمد الجدعان للجنة السياسات النقدية والمالية في صندوق النقد الدولي تدل على ثقة المجتمع الدولي في قدرات المملكة المؤسسية.
وذكر أن المؤسسات القوية هي المحرك الخفي وهي الفرق بين تحقيق الأرقام وتحقيق أرقام تدل على مخرجات أو منتج أو نتيجة، مؤكدًا أن المملكة لديها فرصة ذهبية بسبب تركيبتها الديمغرافية صغر عمر سكانها، مبينًا أن الوقت الآن يعد مناسبًا لزيادة الاستثمار في القدرات البشرية وهو ما يتم في إطار رؤية المملكة 2030.
وفي الجلسة الثانية التي عقدت بعنوان “دور الميزانية في دعم الخدمات الأساسية”، قال معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية الأستاذ أحمد الراجحي: ” طموحنا بتوجيه سمو ولي العهد هو تحقيق نسبة بطالة 5% بحلول عام 2030م”، مضيفًا أن القطاع الخاص ساهم بـ 4 مليارات ريال عبر المنصة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية، مما ساعد في إطلاق مبادرات تنموية استفاد منها أكثر من 9 ملايين شخص، كما عملت الوزارة على تمكين 120 ألف مستفيد ضماني، بالإضافة إلى إطلاق عيادات التمكين في 7 مناطق على مستوى المملكة.
وبين أن الوزارة عملت وفق توجيهات القيادة الرشيدة على تمديد برنامج حساب المواطن لعام 2025م، كما تم صرف 41 مليار ريال خلال عام 2024م لدعم المواطنين في مواجهة غلاء المعيشة.
بدوره، أكد معالي وزير التعليم الأستاذ يوسف البنيان، أن قطاع التعليم في المملكة حقّق إنجازات نوعية خلال عام 2024، حيث تمَّ تصنيف 3 جامعات سعودية ضمن أفضل 200 جامعة على مستوى العالم؛ ما يعكس التطوّر الملحوظ في جودة التعليم العالي.
وأوضح أن الوزارة ركّزت على أربع ركائز أساسية خلال العام الجاري، كان من أبرزها إنشاء المركز الوطني لتطوير المناهج، وتعزيز دور المعهد المهني لتطوير المعلمين، مشيرًا إلى أن الوزارة استثمرت أكثر من مليارَي ريال لبناء وإعادة تأهيل أكثر من 580 مشروعًا تعليميًا، في إطار تحسين البيئة التعليمية على مستوى المملكة.
وفي الجلسة الثالثة التي حملت عنوان “التنمية المستدامة في الميزانية”، أشار معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله السواحه إلى أن المملكة تتجه في المرحلة المقبلة نحو تصدير التقنية بصفتها جزءًا من إستراتيجيتها المستقبلية لتعزيز الاقتصاد الرقمي.
وأكد على التحول الرقمي السريع في المملكة، مشيرًا إلى أن البنية التحتية الداعمة للبيانات تطورت بشكل ملحوظ، حيث زاد عدد المنازل المجهزة من مليون إلى أربعة ملايين منزل خلال أقل من سبع سنوات.
وأوضح أن «البرنامج الوطني لتنمية التقنية»، الذي اُعتمُد بالتعاون مع وزارة المالية أسهم في جذب استثمارات رأس المال الجريء بقيمة 13 مليار ريال، مع التركيز على مكتسبات سريعة ونوعية في المرحلة الأولى.
من جانبه، أوضح معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية الأستاذ بندر الخريّف أن الإستراتيجية الصناعية أسهمت في زيادة إقبال المستثمرين الدوليين على الاستثمار في القطاع الصناعي السعودي، مبيّنًا أن الصادرات غير النفطية نمت خلال عام 2024م من 458 مليار ريال إلى 528 مليار ريال بنسبة زيادة 15%.
وأشار إلى أن الصندوق الصناعي اعتمد خلال عام 2024م قروضًا بقيمة 12 مليار ريال لمشاريع بلغ إجمالي استثماراتها 60 مليار ريال، منوهًا إلى أن أكبر المكاسب التي حققتها الوزارة أن الصناعة ومصالحها في أجندة كل الوزارات والجهات الحكومية.
فيما شدد معالي وزير النقل والخدمات اللوجستية المهندس صالح الجاسر على أن انخفاض الحوادث والوفيات والإصابات في الطرق هو نجاح لكثير من الجهات التي عملت لتحقيق هذا الهدف الوطني، مشيرًا إلى أن قطاع النقل والخدمات اللوجستية ساهم بما مقداره 97.6 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023م، مبينًا أن هذا الرقم يمثل نموًا بمقدار 17% مقارنة بعام 2021م.
وأضاف أن المملكة تقدمت 14 مرتبة في مؤشر الربط الجوي الصادر عن اتحاد النقل الجوي الدولي، موضحًا أن إجمالي الاستثمارات في القطاع اللوجستي بلغ 11.3 مليار ريال على مساحة تتجاوز 6.6 ملايين متر مربع.
وفي جلسة الملتقى الرابعة والأخيرة، أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة أن الوزارة قطعت شوطًا كبيرًا في موضوع تخصيص الأندية الرياضية مع المركز الوطني للتخصيص، مضيفًا أن لديها طلبات من 25 شركة للاستثمار في الأندية، مؤكدًا أن الوزارة تستهدف الوصول إلى 500 مليون ريال في مجالات الاستثمار الرياضي بحلول عام 2030م، كما تسعى إلى توفير 130 ألف وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر بحلول العام 2030م.
وبين أنه تم الترخيص لـ 2000 أكاديمية و500 نادٍ رياضي عبر منصة نافس، حيث بدأ العمل حاليًا في نحو 1500 أكاديمية منها و250 ناديًا، مشيرًا إلى أن عوائد رابطة الدوري السعودي للمحترفين ارتفعت بنسبة 33% غير العوائد المالية للأندية.
بينما أشار معالي وزير السياحة الأستاذ أحمد الخطيب إلى أن قطاع السياحة هدف بالمساهمة بـ 5% من الاقتصاد، ووصل لها اليوم، كما كان يستهدف 100 مليون سائح ووصل إلى 109 ملايين، لافتًا النظر إلى أن تحقيق ذلك دعا صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى التوجيه برفع المستهدفات للقطاع السياحي.
ونوّه إلى نمو السياح الوافدين إلى المملكة من الخارج لغرض الترفيه خلال العام الماضي مقارنة بالعام 2018م بنسبة 600%، مفيدًا أن القطاع وفّر 960 ألف وظيفة خلال العام 2024م، موضحًا أن فائض بند السفر في ميزان المدفوعات شهد فائضًا بمقدار 41 مليار ريال خلال النصف الأول من العام 2024م بعد أن كان العجز يصل إلى 10 مليارات ريال خلال العام 2018م.
وتضمنت أجندة الملتقى لهذا العام مبادرة “قصة مشروع” التي تمثلت بمساحة تفاعلية يظهر بها ممثلو الهيئات أو المؤسسات الحكومية أو قيادات الصف الأول في الوزارات مع عرض إحصائيات أثرهم وإنجازات أجهزتهم، لمشاركة قصة نجاح أبرز المشروعات والمبادرات الكبرى للجهات الحكومية التي تسهم في تعزيز جودة الحياة للمواطنين، وتمكين القطاع الخاص وتحفيز البيئة الاستثمارية في المملكة.
وكشف نائب وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس منصور المشيطي عن تحقيق تقدُّمٍ ملحوظٍ في قطاع المياه بالمملكة، موضحًا أن الخزن الإستراتيجي للأمن المائي تضاعف من 13 مليون متر مكعب في عام 2016 إلى 25 مليون متر مكعب عام 2024؛ ما يعكس الجهود الكبيرة لتعزيز الاستدامة المائية.
وأشار إلى أن الوزارة نجحت في تحسين كفاءة محطات إنتاج تحلية مياه البحر بنسبة 80%؛ مما أسهم في خفض التكلفة بنسبة تصل إلى 50%، كما أكّد أن قطاع تحلية المياه شهد طفرة كبيرة خلال السنوات الثماني الماضية، حيث تمّ بناء قدرات إنتاجية تعادل 6 ملايين متر مكعب يوميًا، وهو ما يوازي ما تمّ تحقيقه خلال أربعة عقود سابقة.
واستعرض معالي الرئيس العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية الدكتور رميح بن محمد الرميح، قصة مشروع التحول في قطاع النقل العام، مؤكدًا أن هذا التحول يمثل استثمارًا في مستقبل الإنسان وجودة حياته، من خلال توفير خدمات نقل متنوعة، وتعزيز السلامة، والحد من التلوث البيئي.
وأشار إلى أن أثر النقل العام، منذ انطلاق رؤية المملكة 2030، امتد ليشمل 19 مدينة ومحافظة، حيث شُغل النقل العام في 14 منها، واعتمدت الخطط لـ 5 مدن أخرى، لافتًا الانتباه إلى أن هذه الجهود أسهمت في خفض الحوادث داخل المدن بنسبة تصل إلى 80%.
بدوره، استعرض معالي نائب وزير الصحة المهندس عبدالعزيز الرميح قصة مشروع “مستشفى صحة الافتراضي”، الذي يعد من أبرز المشاريع الابتكارية التي تنفذها وزارة الصحة في إطار تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، والهادف إلى تعزيز جودة الحياة وتوفيرخدمات صحية شاملة وسهلة الوصول لجميع المواطنين والمقيمين في المملكة.
وأوضح أن المستشفى يقدم خدماته لأكثر من 200 مستشفى في المملكة وأكثر من 2000 مركز صحي، مما يسهم في تعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية، خاصة في المناطق النائية والصعبة الوصول، مبينًا أنه من خلال تطبيق ‘صحتي’، يستطيع المستفيدون الحصول على استشارات فورية ومواعيد افتراضية، حيث لا يتجاوز وقت الانتظار في المتوسط دقيقة واحدة، لافتًا النظر إلى أن المستشفى قدم أكثر من 51 مليون موعد واستشارة فورية، مما أسهم في توفير الجهد والوقت للمواطنين والمقيمين.
وتحدث معالي مدير مركز المعلومات الوطني الدكتور عصام الوقيت عن قصة مشروع النفاذ الوطني الموحد “نفاذ”، مشيرًا إلى أنه تم التوسع في مفهوم الهوية الرقمية عبر إضافة خدمات أخرى تتمثل في السمات الحيوية، مما أسهم في تعزيز الأمن السيبراني، من خلال تقليل انتحال الهويات وزيادة الأمن في التعاملات الإلكترونية.
ونوه إلى أنه من آثار منظومة النفاذ الوطني الموحد، حيث تم توفير أكثر من ملياري ريال للجهات الحكومية نتيجة توفير وسيلة موحدة للوصول، كما تم توفير 800 مليون ريال على الأفراد، من خلال تمكينهم من الوصول للخدمات الإلكترونية بكل سلاسة عن طريق النفاذ الوطني الموحد، وكذلك أكثر من 220 مليون ريال تم تخفيضها على الجهات نتيجة تقليل الاعتمادية على الأجهزة الذاتية أو المقرات الحكومية، إضافة إلى توفير أكثر من 640 مليون ريال على الجهات، من خلال الاستغناء عن العنصر البشري لتقديم الخدمات بشكل إلكتروني.
يذكر أن ملتقى ميزانية 2025 المصاحب لإعلان الميزانية العامة للدولة للعام المالي 1446-1447 (2025م) تضمن إقامة معرض تفاعلي لإبراز إنجازات المملكة التي تمت خلال السنوات الماضية وأبرز المستهدفات للعام 2025م.