تم النشر في: 

تشهد إيران واحدة من أعقد وأخطر حروب الظل في تاريخها الحديث، بعد سلسلة من الضربات الأمنية والاغتيالات الدقيقة التي تُنسب إلى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، ما يطرح أسئلة حادة حول عمق الاختراق الأمني الذي تعاني منه الجمهورية الإسلامية.

اعتقالات في العمق الإيراني

أعلنت وكالة فارس الإيرانية، اليوم الأربعاء، أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على خمسة أشخاص في مدن خرم آباد، بروجرد، ودورود، بتهمة التعاون مع الموساد والتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية في مناطق مكتظة داخل العاصمة.

وفي موازاة ذلك، أكدت وكالة مهر وقوع اشتباك مسلح في مدينة ري جنوب طهران بين الأمن وعناصر مشتبه بانتمائهم لشبكة تجسس إسرائيلية.

إعدام جاسوس كبير

قبل أيام، نفذت طهران حكم الإعدام بحق إسماعيل فكري، الذي أُدين بالتجسس لصالح الموساد، ليكون ثالث شخص يُعدم خلال أسابيع على خلفية التخابر مع إسرائيل.

كما أعلنت السلطات اعتقال “جاسوس كبير” تابع للموساد أثناء محاولته الفرار من مدينة بانه الحدودية مع العراق.

شبكة متفجرات في الشمال

في إقليم البرز، ألقت الشرطة القبض على عضوين في خلية تابعة للموساد، عُثر بحوزتهما على متفجرات وأجهزة إلكترونية في مخبأ سري بمنطقة سافوجوبلا، وفق وكالة تسنيم شبه الرسمية.

تصفيات في قمة هرم السلطة

الأحداث لم تقف عند الحدود الأمنية، بل طالت القيادة العليا في البلاد:

* مقتل اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني، في ضربة جوية إسرائيلية دقيقة استهدفت مقر القيادة بطهران في 13 يونيو 2025.

* اغتيال اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، ثاني أعلى مسؤول عسكري بعد المرشد الأعلى، في ضربة إسرائيلية دقيقة استهدفت مركز القيادة في طهران.

  • اغتيال اللواء علي شادماني، رئيس هيئة أركان الحرب الجديد، بعد 4 أيام فقط من تعيينه، في عملية يُعتقد أنها من تدبير الموساد، نُفذت داخل العاصمة طهران.

  • مقتل اللواء غلام رشيد، الذي شغل المنصب نفسه قبله، خلال غارة استهدفت مقرًا قياديًا.

  • اغتيال العميد حسين محقّق، نائب رئيس استخبارات الحرس الثوري، في هجوم دقيق استهدف موقعًا سريًا وسط العاصمة.

  • مصرع عدد من كبار العلماء النوويين في عمليات متفرقة خلال أسبوع، في ظل صمت رسمي عن أسمائهم وأدوارهم.

  • حادثة غامضة أودت بحياة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في قلب طهران، في عملية وُصفت بأنها “أجرأ اختراق استخباراتي في العقود الأخيرة”.

اختراق أمني شامل

حذّر رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، من أن “العدو لم يعد يعتمد على السلاح فقط، بل تسلل إلى الداخل عبر خلايا نائمة وعناصر استخباراتية تنفذ أهدافه”.

وتشير مصادر أمنية إلى أن الموساد يُفعّل منذ شهور خلايا مركبة داخل إيران، تضم عملاء محليين وأجانب، جرى تجنيدهم على مراحل عبر منصات وهمية، وشبكات مالية معقدة.

إسرائيل تقلب المعادلة

تشير تقارير استخباراتية دولية إلى أن العملية الشاملة التي تُعرف باسم “Operation Rising Lion” بدأت منذ سنوات، عبر اختراق منظومات الدفاع، زرع جواسيس، والتخطيط لاغتيالات دقيقة.

ووصف خبراء أوروبيون العملية بأنها “حرب غير تقليدية”، استهدفت تدمير البنية التحتية العقلية للنظام، وليس فقط مواقعه العسكرية.

هل سقطت ورقة الأمن؟

الضربات المتكررة على مواقع استراتيجية، واغتيال القادة، تشير إلى انهيار أمني خطير داخل إيران، ورغم التصريحات المتكررة بالرد، إلا أن الأوساط الأمنية في طهران تعترف ضمنيًا أن توازن الردع تغير.

وبينما تنفذ إسرائيل عمليات دقيقة تستهدف العقول والمقار الحيوية، ردّت إيران هذا الأسبوع بسلسلة هجمات صاروخية وطائرات مسيّرة استهدفت مواقع داخل إسرائيل، في محاولة لاستعادة المبادرة وتثبيت معادلة ردع جديدة. لكن رغم هذا التصعيد، لا تزال طهران تواجه تحديًا داخليًا متفاقمًا يتمثل في اختراق أمني واسع، يهدد بتفكيك بنيتها الاستخباراتية من الداخل.”

ما يحدث ليس مجرد اغتيالات، بل حرب جواسيس مفتوحة.. طرفها الأول يُراقب ويُخطط ويضرب، وطرفها الآخر يُطارد في الداخل، ويُحاكم في الميادين، ويحاول الرد ورأب صدوع نظام يتهاوى.

ويبقى السؤال الأخطر الذي يطرحه الإيرانيون الآن “هل يستمر تأثير حرب الجواسيس في الحرب الجارية ومن القادم على لائحة الاغتيالات؟”.

شاركها.
Exit mobile version