يواصل النادي السعودي في بورنموث خلال الدورة الرابعة والأربعين أداء رسالته تجاه الطلبة السعوديين المبتعثين في المملكة المتحدة، مجسدًا حضورًا ثقافيًا واجتماعيًا ووطنيًا يليق بصورة المملكة وأبنائها. وقد تميز هذا العام بزخم استثنائي في الأنشطة وتنوعها وشمولها لكل شرائح المجتمع الطلابي، في تأكيدٍ على أن النادي ليس مجرد كيان تنظيمي، بل هو بيت يجمع السعوديين ويصنع لحياتهم معنى أعمق في المهجر. ومن خلال أكثر من 75 فعالية ممتدة على مدار العام، تمكن النادي من تحويل الغربة إلى مساحة أمان وذاكرة اجتماعية مفعمة بالهوية والدفء والتجارب الثرية. وفي هذا السياق، يشير رئيس النادي السعودي في بورنموث عبدالله بوحليّم إلى أن ما تحقق خلال هذه الدورة ليس وليد لحظة عابرة، بل هو امتداد طبيعي لمسارٍ رسّخته الإدارات السابقة بإخلاص وتفانٍ، مؤكدًا أن العمل في النادي مؤسسي ومنظم، يستند إلى رؤية واضحة واستراتيجية مستمرة لا تتوقف بانتهاء دورة أو تغيير إدارة. ويشدد بوحليم على أن جميع الجهود داخل النادي تطوعية بالكامل، يقدمها الأعضاء بدافع الانتماء الوطني والإيمان بأهمية دورهم تجاه مجتمعهم الطلابي، وأن النجاح لم تصنعه ميزانيات كبيرة أو فرق احترافية، بل همم طلابية مسؤولة وقلوب مخلصة قررت أن تبذل وقتها وجهدها دون انتظار مقابل. ويضيف أن قوة النادي الحقيقية تنبع من تكاتف أعضاءه وروح العمل الجماعي التي تميزهم، فكل فعالية تحمل بصمة مشاركة وحرص على تقديم صورة مشرّفة للمبتعث السعودي وقيمه وأخلاقه. ويختتم بوحليّم مؤكداً أن النادي ماضٍ في تطوير برامجه وتوسيع أثره، ليبقى دائمًا مصدر فخر وتمثيل حضاري لوطنه في الخارج.

المجتمع… مساحة دفء في قلب الغربة

منذ انطلاق الدورة، حافظ النادي على روح اللقاء والتقارب بين الطلبة، حيث شكّلت اللقاءات الرجالية واللقاءت النسائية حاضنة إنسانية تسمح للجميع بالتعارف وتكوين صداقات تمتد سنوات طويلة. وفي كل لقاء، كان النادي يعمل على تخفيف آثار الغربة وبناء شبكة دعم حقيقية تتشكل من تجارب مشتركة وطموحات متشابهة مصحوبة بألعاب ترفيهية تقرّب القلوب وتروّح عن الأنفس. حيث نجح النادي في جعل كل مبتعث يشعر أنه جزء من نسيج اجتماعي لا يتفكك أبدًا مهما طال البعد عن الوطن.

الرياضة… شغف متجدّد ولقاء يجمع القلوب

أعطى النادي الجانب الرياضي مساحة واسعة من الاهتمام، إدراكًا منه لأهمية الرياضة في تعزيز الصحة النفسية وبناء العلاقات. انتظمت تدريبات كرة القدم وكرة الطائرة طوال العام، فكانت الملاعب متنفسًا للطلاب وساحة تجمعهم في روح تنافسية راقية وأجواء من المرح والطاقة. ومع كل تمرين كان الحضور يتزايد، وكأن الرياضة أصبحت موعدًا أسبوعيًا لا يُستغنى عنه. ولم يقتصر النشاط الرياضي على الممارسة فقط، بل امتد إلى متابعة المباريات الكبرى حول العالم، في أجواء يختلط فيها الفخر الوطني بالحماسة الرياضية. كانت لحظات الالتفاف حول الشاشة في نهائيات آسيا وأبطال أوروبا، والدوري السعودي، وغيرها، لحظات تكرّس معنى أن يكون للانتماء وطن يحمله القلب أينما حل صاحبه.

الثقافة والهوية… ذاكرة الوطن لا تغيب

كان النادي حريصًا على أن تبقى المملكة حاضرة بقيمها وتاريخها ورموزها في وعي كل مبتعث بل وتمتد للمجتمع الخارجي. لذلك جاءت الفعاليات الوطنية حاضرة بقوة، بدءًا من احتفالات يوم التأسيس، مرورًا باحتفالَي عيد الفطر وعيد الأضحى بما حملاه من روحانية وتلاحم مجتمعي، وصولًا إلى احتفالين كبيرين باليوم الوطني جسّدا في تفاصيلهما مشاعر الاعتزاز والفخر بالوطن وقيادته ومنجزاته.

وبرز حضور النادي على المستوى الجامعي من خلال مشاركته في “يوم العالم” بجامعة بورنموث، حيث قدم الركن السعودي صورة حضارية متكاملة عن المملكة، تعكس تطورها وتنوع ثقافتها وثراء تاريخها وتطورها. كما دعم النادي الطلبة معرفيًا عبر لقاءات وورش عمل تساعدهم في طريقهم الأكاديمي وتفتح لهم آفاق الفرص والنجاح في رحلتهم العلمية. واللقاءات الحوارية التي تناولت التوازن النفسي في الابتعاث مثالاً على اهتمام النادي العميق بأن تكون التجربة التعليمية متكاملة، فيها الرفقة التي تُعين، والمجتمع الذي يحتضن، والصوت الذي يسمع.

الترفيه والرحلات… حياة تتسع للفرح والاستكشاف

لم تغب التجارب الترفيهية عن جدول النادي، بل كانت حاضرة كجزء أصيل من الحياة في الابتعاث. أتاحت الرحلات إلى مواقع ساحرة مثل لولورث كوف وSidmouth Sea Front ورحلة التزلج فرصًا للمغامرة والاستكشاف، وتكوين ذكريات تبقى راسخة في الذاكرة بعد سنوات طويلة من العودة للوطن. كما شكّلت جلسات الشاطئ وحفلات الشواء متنفسًا اجتماعيًا يُعيد للطلبة توازنهم بعيدًا عن ضغوط الدراسة وحياة المدن. حيث كان الترفيه هنا مقصودًا لذاته ومقصودًا لغيره، لأنه يصنع البهجة ويعيد الشغف، ويمنح الطالب قدرة أكبر على مواصلة رحلته الأكاديمية بروح مطمئنة.

الظهور الإعلامي… حضور يمتد خارج حدود بورنموث

لم يقتصر دور النادي على الأنشطة الداخلية فحسب، بل امتد أثره إلى فضاءات إعلامية أوسع، عكست حجم العمل وقوة تأثيره. فقد برز النادي من خلال محتوى تفاعلي غني عبر حسابه في منصة X، الذي أصبح نافذة تُعرّف المجتمع السعودي والخارجي بما يتحقق من منجزات وبما يعيشه الطلبة من تجربة وطنية مشرّفة.

وإلى جانب النشاط الرقمي، سجل النادي ظهورًا إعلاميًا مميزًا على مستوى القنوات والصحف، شملت ثلاث مشاركات تلفزيونية عبر قنوات مختلفة، إضافة إلى نشر تقارير صحفية رحبت بتسليط الضوء على هذا الحراك الطلابي الحيوي. وقد أسهم هذا الحضور الإعلامي في إبراز صورة المملكة من خلال أبنائها المبتعثين، وتأكيد أن صوت النادي يتجاوز جغرافيا المدينة ليصل إلى جمهور أوسع يرى في هذا العمل نموذجًا للتمثيل الراقي والمسؤول للوطن في الخارج.

هنا السعودية بحضورها وقيمها

لم يكن نجاح النادي السعودي في بورنموث خلال الدورة الـ44 وليد الصدفة، بل نتيجة جهد كبير امتد عبر عام كامل من العمل التطوعي المنظم، وروح الفريق التي جمعت إدارة النادي وأعضاءه ومتطوعيه لخدمة مجتمع المبتعثين. ومع كل فعالية، وكل لقاء، وكل لحظة، كانت المملكة حاضرة في القلوب والسلوك والصورة الجميلة التي يتركها أبناؤها في الخارج.

فهذه الدورة لم تكن مجرد أرقام، بل حكاية نجاح مكتملة الأركان، تنبض فخرًا وثقة بما يقدمه شباب الوطن في كل مكان. وحيث يكون السعودي… تكون الريادة، ويكون التأثير، وتكون الحكاية دائمًا أجمل.

شاركها.
Exit mobile version