لم تعد الألعاب والرياضات الإلكترونية مجرد وسيلة للترفيه، بل تحولت إلى ثقافة مؤثرة واقتصاد رقمي متكامل، يشمل صناعة المحتوى، ودعم الفِرق الاحترافية.

كما ساهمت هذه الرياضات في إعادة تشكيل العلاقة بين المستهلك والعلامات التجارية، حيث أصبحت القيم مثل المشاركة المجتمعية والشفافية عناصر أساسية في بناء الثقة، ضمن بيئة ديناميكية تحتضن الإبداع وتدعم التحول الرقمي.

ولم تقتصر التغييرات التي فرضتها الرياضات الإلكترونية على حدود الترفيه، بل امتدت لتشمل أنماط الاستهلاك المرتبطة بها، من المعدات، والإضاءة، والمقاعد، إلى ساعات اللعب. ما أنشأ سوقًا جديدة تستجيب لاحتياجات متنوعة، ورسّخ أهمية القيم المجتمعية والمشاركة في تعزيز العلاقة بين العلامة التجارية والجمهور.

في ذات السياق، تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا لافتًا في مشهد الألعاب والرياضات الإلكترونية، إذ عززت مكانتها كأحد أبرز مراكز صناعة الألعاب عالميًا، بفضل الدعم الحكومي غير المسبوق، والاستثمارات الاستراتيجية، والتفاعل المتنامي من القطاع الخاص. وقد أصبح المشهد السعودي نموذجًا عالميًا متقدمًا في هذه الصناعة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى تحويل الرياضات الإلكترونية من مجرد وسيلة ترفيه إلى اقتصاد رقمي حيوي، ومصدر جديد للفرص الوظيفية والاستثمارية.

ففي العام 2022، أطلقت المملكة الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، ضمن مستهدفات رؤية 20230، بهدف رفع جودة الحياة من خلال تحسين تجربة اللاعبين وتوفير فرص ترفيهية جديدة، وتحقيق أثر اقتصادي بالمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 50 مليار ريال بشكل مباشر وغير مباشر؛ إلى جانب استحداث فرص عمل جديدة تصل إلى أكثر من 39 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة بحلول عام 2030، وتوفير البيئة التأسيسية لتطوير الكفاءات.

كما تسعى المملكة إلى إنتاج أكثر من 30 لعبة تنافس عالميًا من داخل استوديوهات محلية، من أجل الوصول إلى مصاف الدول الثلاث الأولى في عدد اللاعبين المحترفين، وهو ما يعكس رؤية طموحة تقود الريادة في هذا القطاع الحيوي.

وتشير الأرقام إلى أن الألعاب والرياضات الإلكترونية لم تعد مجرد نشاط ترفيهي، بل اقتصاد رقمي متكامل. إذ تجاوز عدد اللاعبين عالميًا 3.4 مليار، فيما وصل عدد مشاهدي المنافسات الإلكترونية إلى أكثر من 574 مليون مشاهد في عام 2024، مع توقعات بتجاوز 640 مليوناً بحلول 2027. أما حجم السوق، فيتجه نحو 5.27 مليار دولار بحلول 2029، بمعدل نمو سنوي يفوق 20%.

وقد كان الشباب السعودي في قلب هذا التحول. ووفق التقارير الرسمية، يُمارس نحو 67% من سكان المملكة الألعاب والرياضات الإلكترونية بانتظام، ما يجعلها من أعلى النسب التي تعكس تجذر الثقافة الرقمية بين فئة الشباب عالميًا، وتمنح المملكة قاعدة جماهيرية قوية لبناء بيئة تنافسية واحترافية مستدامة.

وإلى جانب ارتفاع عدد اللاعبين، سجلت المنافسات الإلكترونية في المملكة حضورًا جماهيريًا ضخمًا في السنوات الأخيرة، خصوصًا في بطولات مثل “Gamers8” و”كأس العالم للرياضات الإلكترونية”، ما رسّخ مكانة المملكة كمضيف رئيسي على خارطة الفعاليات الكبرى عالميًا.

وشهدت السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا في مساهمات القطاع الخاص لدعم الألعاب والرياضات الإلكترونية في المملكة، وذلك عبر شراكات استراتيجية مع جهات رياضية حكومية، وإطلاق بطولات جماهيرية، وتنفيذ برامج مجتمعية متنوعة.

وفي هذا السياق، برزت شركة بيبسيكو، التي تجمعها علاقة ممتدة رفيعة مع الشباب والرياضة، كإحدى الشركات الرائدة التي دخلت في عدد من الشراكات مع جهات رياضية سعودية، حيث قدّمت دعمًا لفعاليات كبرى مثل “ماراثون الرياض” و”دوري روشن السعودي”، بالإضافة إلى شراكتها مع “الدوري الممتاز للسيدات”.

ولم يقتصر حضور الشركة على ذلك فحسب، بل كانت ضمن رعاة كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025، من خلال منصات جماهيرية وتفاعلية داخل مناطق الفعالية، بهدف تعزيز تجربة الجمهور الحيّة، وربط العلامة التجارية بالمشهد الرقمي المتجدد. وتأتي هذه المبادرات منسجمة مع التوجه العام الذي تشهده المملكة نحو تفعيل دور القطاع الخاص في دعم الرياضة المجتمعية والاحترافية، وتمكين فئات أوسع من المشاركة، وتوسيع القاعدة الجماهيرية.

ويقول نائب الرئيس الأول ومدير عام شركة بيبسيكو في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لقطاع المشروبات الأستاذ محمد شلباية: “يحظى الشباب والرياضة بمكانة ثابتة على أجندة بيبسيكو، ليس من خلال برامج الرعاية فحسب، بل عبر مبادرات المسؤولية الاجتماعية، ومتابعة توجهات المستهلكين أيضًا. ولدينا مراكز متخصصة تعمل باستمرار على ابتكار وتطوير المنتجات والنكهات بما يواكب الاحتياجات المتجددة لعملائنا. ونحرص دائمًا على تقديم منتجات عالية الجودة تلائم مختلف الأذواق، وتلبي تطلعات الأسواق الناشئة”.

يشكّل هذا التفاعل المتنامي بين القطاعين العام والخاص امتدادًا طبيعيًا للحراك الوطني الشامل الذي تشهده المملكة في قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية. ويمثل هذا الحضور المتنامي للقطاع الخاص جزءًا من مشهد وطني متكامل، تتعاون فيه الجهات الحكومية والمجتمعية والخاصة لرسم مستقبل هذه الصناعة.

ومع استمرار هذا الزخم المتسارع، تواصل المملكة تعزيز حضورها كقوة عالمية صاعدة في صناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية. فبدعم حكومي سخي، وتفاعل مجتمعي واسع، وشراكات نوعية مع القطاع الخاص، أصبحت السعودية اليوم لاعبًا رئيسيًا في رسم ملامح مستقبل هذه الصناعة على مستوى العالم.

إن ما تشهده المملكة ليس مجرد تطور في قطاع ترفيهي، بل هو قصة نجاح يكتبها الشباب، وطموح يتحول إلى واقع ملموس، ومشهد رقمي جديد تقوده السعودية بثقة وريادة.

شاركها.
Exit mobile version