أولت المملكة الطرق اهتمامًا بالغًا، فهي شريان مهم للحركة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتسهل إيصال جميع الخدمات، وتسهم في تنمية البلد وتعزز تطور جميع القطعات الخدمية، وتصل بين أرجاء المملكة المتباعدة؛ لينعم سكانها بسهولة التنقل في الأسفار بلا صعوبات أو مشقة في أمن وطمأنينة.

وبدأ قِطاع الطرق انطلاقته مع توحيد المملكة، عندما أدرك الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- بحكمته وبعد نظره أهمية الطرق في المدن والمناطق بصفتها شرايين حياتها ونموها وتطورها، وأن الطرق والمسالك المعبدة وسيلة للتنمية والازدهار، وتيسر نقل الخدمات بين المناطق والمدن والمرافق وتربط أجزاء المملكة ببعضها، جعل إنشاء وإصلاح الطرق وحمايتها وأمنها من أهم إستراتيجياته، ليفتتح أول طريق بين مكة المكرمة والمدينة المنورة خدمة لحجاج بيت الله الحرام، بطول (75) كم مرصوف بالحجر والجير، ليكون أول طريق في عهد الدولة السعودية الحديثة؛ بهدف تحقيق الأمن لضيوف الرحمن وتمكينهم من أداء مناسكهم بيسر وطمأنينة.

وعمل الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- على تأسيس أول جهاز لأمن الطرق عام 1345هـ، وتابعت الدولة اهتمامها بقطاع الطرق من خلال إنشاء مصلحة للأشغال العامة والمعادن في عام 1355هـ تتبع لوزارة المالية والاقتصاد الوطني، إذ أوكل لها العناية بالشؤون الأشغال العامة بما في ذلك الطرق، لتتوسع دائرة الاهتمام عبر تأسيس وزارة المواصلات في 1372هـ، التي كان أولى مهامها إنشاء شبكة من الطرق الرئيسة المعبدة لربط المناطق الرئيسة ببعضها، كما تخدم أكبر قدر ممكن من المدن والقرى والتجمعات السكنية في مختلف أنحاء المملكة.

وتتابع الاهتمام بقطاع الطرق، منذ عهد الملك سعود -رحمه الله-، وصولًا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- إذ صدر في عهدهما الزاهر قرار مجلس الوزراء في 2 أغسطس 2022 بإنشاء الهيئة العامة للطرق، لتتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة، والاستقلال المالي والإداري، ولتكون الجهة المسؤولة عن تشريع وتنظيم قطاع الطرق ومتابعة الامتثال فيه للرفع من السلامة المرورية والجودة، من خلال تطوير وتوحيد المعايير والسياسات وإيجاد الحلول المبتكرة والمستدامة.

وبعد أقل من 7 أشهر على تأسيس “هيئة الطرق” صدرت الموفقة على إستراتيجية قطاع الطرق، وتتمثل في تعزيز السلامة، واستدامة قطاع الطرق بقيادة كفاءات وطنية، إضافة إلى الرفع من جودة شبكة الطرق وتجربة مستخدميها، والتشجيع على الابتكار، فيما تشمل محاورها (الجودة، السلامة، الكثافة المرورية)، تهدف إلى رفع مؤشر جودة الطرق للتصنيف السادس عالميًا، وخفض الوفيات على الطرق لأقل من (5) حالات لكل (100) ألف نسمة، وتغطية شبكة الطرق بعوامل السلامة حسب تصنيف IRAP، فضلًا عن المحافظة على مستويات خدمة متقدمة للطاقة الاستيعابية لشبكة الطرق، كما ستسهم الإستراتيجية بـ(74) مليار ريال في الناتج المحلي.

وتسعى “هيئة الطرق” إلى إحداث نقلة نوعية في قطاع الطرق من خلال وضع الخطط الإستراتيجية الخاصة بقطاع الطرق، ووضع السياسات العامة المتعلقة بالطرق وصيانتها من خلال اعتماد مرجع فني للجهات المسؤولة عن الطرق في المملكة بجميع مستوياتها، مثل الوزرات وهيئات التطوير في المناطق، وهيئات تطوير المدن، وأمانات المناطق، وبلديات المدن والمحافظات وغيرها، لتمكين الجهات من الوصول للمعلومات اللازمة لتخطيط وتصميم وتنفيذ وتشغيل وصيانة الطرق بجميع تصانيفها في المملكة، بهدف تحقيق الحد الأدنى المقبول من مستويات (الجودة، السلامة والأمان، الكفاءة الاقتصادية، البيئة، الاستدامة).

وتملك “هيئة الطرق” أضخم أسطول للمسح والتقييم على مستوى العالم، إذ يعمل على تحليل ورصد الملاحظات على الطرق باستخدام الذكاء الاصطناعي، من ضمنها معدة مسح الأضرار على أسطح الطرق، ومعدة قياس مقاومة الانزلاق، ومعدة قياس الانحراف في طبقات الطريق، ومعدة قياس معامل الوعورة العالمي، ومعدة قياس سماكة الطرق، إضافة إلى تقنية الدرون، كما ستُسْتَخْدَم تقنية قياس الدهانات الأرضية كأول مرة، لتعمل على قياس جودة الدهانات الأرضية على الطرق في وقت قصير وجهد أقل، مما أسهم بشكلٍ مباشر في رفع تصنيف جودة البنية التحتية للطرق في المملكة في التصنيف العالمي إلى (5.7)، وفقًا للتقرير الصادر مؤخرًا من المنتدى الاقتصادي العالمي، وحصول المملكة على المركز الرابع على مستوى دول الـG20، حصول المملكة على المرتبة الأولى عالميًا في مؤشر ترابط الطرق.

شاركها.
Exit mobile version