بقلم: سميرة يوسف الكندري
الأسرة هي الوحدة الأساسية في المجتمع، وهي البيئة الأولى والحاضنة التي يتعلم فيها الأفراد الآداب والقيم، وتكتسب منها السلوكيات وفنون التعامل مع الآخرين.
إن التفاهم والاحترام بين أفراد الأسرة يعدان من العوامل الأساسية لتحقيق جو من الهدوء والسعادة والاستقرار، لذا يعتبر التواصل الفعال حجر الزاوية في بناء العلاقات الأسرية القوية القائمة على أسس صحيحة وصحية في آن واحد، الأمر الذي يجب معه أن يكون هناك مجال مفتوح للتحدث والاستماع بين جميع أفراد الأسرة، ومساحة متاحة من تبادل الأفكار والمشاعر الطيبة والأحاسيس الدافئة.
من المهم أن يشعر الجميع بأن أصواتهم مسموعة، وكياناتهم مصونة ومحل تقدير، وأن لديهم الفرصة للتعبير عن آرائهم ومشاعرهم، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تنظيم أوقات مخصصة للتحدث في جو من الألفة والراحة، بعيدا عن ضغوط الحياة اليومية التي تجابهنا جميعا.
وهنا تبرز قيم منظومة الاحترام باعتباره الأساس الذي تقوم عليه أي علاقة صحية يرتجى استمرارها، من هنا يجب أن يتعلم أفراد الأسرة كيفية احترام وجهات نظر بعضهم البعض، حتى وإن كانت متباينة، هذا يتطلب من الجميع أن يتحلى بالصبر والتسامح، وتعظيم قيم الخير والحق والجمال، وأن يتجنبوا السخرية والتنمر أو التقليل من شأن الآخرين، عندئذ يستشعر كل فرد بأنه مقدر ومحترم، فيكون أكثر استعدادا للتفهم والتقبل والاندماج المتكافئ مع جميع أفراد الأسرة.
ومما لا شك فيه أن ترسيم الحدود وفق منظومة وضوابط قيم المجتمع يساعد في الحفاظ على نظام الأسرة ويجنبها التوترات والتقلبات المزاجية غير المتوقعة، ويجب على أفراد الأسرة أن يعرف كل منهم حقوقه وواجباته، وأن يحترم كل من أفراد الأسرة المساحات الشخصية لبعضهم البعض، والتي من أهمها احترام خصوصية كل فرد ووقته الخاص، ما يعزز من الشعور بالراحة ويعزز الأمان في المنزل، وتتحقق معه واحة البراح الآمنة، ما يعود على المجتمع ككل بالمزيد من الظواهر الصحية في شتى مناحي الحياة.
مع الأخذ في الاعتبار أنه لا تخلو أي أسرة من النزاعات، أو التباين في وجهات النظر لكن الطريقة التي يتم بها التعامل مع هذه النزاعات هي ما يحدد مدى قوة العلاقات الأسرية ومدى هشاشتها، لذا ينبغي أن يتم حل الخلافات بطريقة بناءة وصحية، من خلال الحوار الهادئ والتواصل الإيجابي الفعال، وصولا إلى حلول ترضي جميع الأطراف، ولعلنا ندرك أنه من الأهمية بمكان تجنب التصعيد والتجريح، والتركيز على الحلول بدلا من لوم الآخرين، الذي يترتب عليه تفاقم الأزمات.
إن تقدير الجهود وتعظيم الإنجازات، مهما كانت صغيرة، يقوي من روح التعاون والاحترام داخل الأسرة الواحدة، ويعمق مفاهيم الترابط الاجتماعي، لذا، فإن تقديم الشكر والامتنان لأفراد الأسرة على ما يقومون به من أدوار يعزز من مشاعر الانتماء والتقدير، ويمكن أن تكون هذه التقديرات في شكل كلمات طيبة أو حتى أفعال صغيرة تعبر عن الامتنان.
كما أن قضاء بعض الوقت معا يعزز من الروابط الأسرية، ويوثق عرى الترابط الأسري من خلال تنظيم أنشطة مشتركة، مثل تناول وجبة جماعية، أو ممارسة الهوايات الترفيهية، أو الخروج في نزهات في أماكن مفتوحة تحقق البهجة للجميع، وتعمل على رأب الصدع الاجتماعي المتولد من ضغوطات الحياه، فهذه اللحظات تخلق ذكريات جميلة وتعزز التفاهم والاحترام والود بين أفراد الأسرة الواحدة.
الخلاصة: إن تعزيز مبدأي التفاهم والاحترام في البيت ليسا مجرد شعارات، أو عبارات جوفاء، بل هما أساس العلاقات الأسرية الناجحة والمستمرة. وتتعدد الآليات المحققة لذلك ومنها التواصل الفعال، وإيجاد الاحترام المتبادل، وتعيين الفواصل والحدود الآمنة التي تضمن جودة العلاقات وحل النزاعات بطريقة فعالة وبناءة، وتقدير الجهود المبذولة من الفرد للجماعة والعكس، وقضاء الوقت معا، ويمكن للأسرة أن تبني بيئة صحية ومليئة بالحب الدافئ والدعم اللامحدود.
في النهاية، تظل الأسرة هي الملاذ الآمن الذي نعود إليه، واليد الحنونة التي تدفع عنا ضغوطات الحياة، وبات من واجبنا أن نعمل جميعا على تعزيز مبادئ التفاهم والاحترام والتواصل بلغة حوار راقية، بغية الوصول إلى أسرة ترتقي بخطوات جدية نحو المثالية، ما يجعلها تتناغم لإيجاد مجتمع يخلو من أي تشوهات قد تطفو على السطح.
[email protected]