- حقل «الدرة» يقع بالكامل ضمن المناطق البحرية الكويتية وتعود ملكيته المشتركة إلى الكويت والسعودية
- المجلس الوزاري جدد تأكيده على مركزية القضية الفلسطينية وشدد على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 عاصمتها القدس الشرقية
- البديوي: التأشيرة الخليجية الموحدة في مراحلها الفنية.. ومجلس التعاون يرسّخ مكانته كمنصة عالمية للحوار والتكامل
أسامة دياب
عقدت أعمال اجتماع المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته الـ164 في الكويت أمس الاثنين بحضور وزراء خارجية ورؤساء وفود دول المجلس، وذلك في أجواء إيجابية اتسمت بالأخوة، وعبرت عن التزام دول المجلس المشترك بتعزيز مسيرة العمل الخليجي الموحد لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وتحقيق تطلعات شعوب المنطقة نحو الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة.
وأوضح المجلس في مؤتمر صحافي ختامي عقد بعد الاجتماع بحضور الأمين العام لمجلس التعاون جاسم محمد البديوي، أن الوزراء ناقشوا خلال هذه الدورة ملفات متعددة ذات طابع سياسي وأمني واقتصادي وإنساني، مؤكدا أن المواقف الخليجية اتسمت بالوضوح والثبات تجاه القضايا الأساسية في المنطقة.
القضية الفلسطينية أولوية ثابتة
وفي الشأن الفلسطيني، جدد المجلس الوزاري تأكيده على مركزية القضية الفلسطينية، مشددا على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، عاصمتها القدس الشرقية، مع دعوة المجتمع الدولي إلى استكمال اعترافه الرسمي بدولة فلسطين.
دعم الاستقرار في سورية
كما تطرق المجلس إلى الملف السوري، مشيدا بالزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الكويت، ولقائه صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، حيث تم بحث سبل دعم التعاون الثنائي وتعزيز الأمن والاستقرار في سورية. وأضاف المجلس أنه نسق جهود دوله لتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للشعب السوري، في إطار دعم تطلعاته واستقراره السياسي والاقتصادي.
ترسيم الحدود مع العراق: السيادة خط أحمر
وفيما يخص ملف ترسيم الحدود البحرية بين الكويت والعراق، شدد المجلس على ضرورة احترام العراق لسيادة الكويت ووحدة أراضيها، والالتزام الكامل بالاتفاقيات الثنائية والدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مؤكدا الرفض القاطع لأي محاولة للمساس بسيادة الكويت، بما في ذلك الجزر والمناطق البحرية.
وأشار إلى أن حقل «الدرة» يقع بالكامل ضمن المناطق البحرية الكويتية، وتعود ملكيته المشتركة إلى الكويت والسعودية، اللتين تملكان وحدهما حقوق استغلال الثروات الطبيعية في المنطقة، استنادا إلى الاتفاقيات الدولية.
تعزيز الشراكات الإستراتيجية والتكامل الاقتصادي
وفي سياق العلاقات الدولية، عبر «الوزاري الخليجي» عن ترحيب دول المجلس بنتائج القمم الخليجية الأخيرة، لاسيما القمة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والقمم المشتركة مع دول آسيان والصين، مشيدا بمخرجاتها التي تعكس متانة الشراكات الخليجية مع الأطراف الدولية الفاعلة.
كما أكد أن الاجتماع ناقش سبل دعم التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، وإقرار خطوات عملية نحو تحقيق التنمية الشاملة وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصادات الخليجية.
التأشيرة الخليجية الموحدة
من جهته، أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي، أن مشروع التأشيرة الخليجية الموحدة يسير في مساره الفني، مشيرا إلى وجود اتفاق سياسي وإجرائي شامل بين الدول الأعضاء بشأنها، فيما تتواصل أعمال اللجان الفنية المختصة من الجهات الست المعنية في كل دولة لإقرارها بشكل نهائي. وقال: «نتطلع إلى استكمال جميع الترتيبات الفنية والإعلان عن التأشيرة في أقرب وقت، ونأمل أن يتم اعتمادها قبل نهاية العام الحالي».
وعبر البديوي عن اعتزازه بالمنجزات التي تحققت خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن المجلس الوزاري ينعقد وسط تحديات إقليمية ودولية دقيقة، إلا أن مسيرة مجلس التعاون أثبتت صلابتها وتماسكها، لتغدو نموذجا فريدا للعمل الجماعي ومنصة يعول عليها في قضايا المنطقة والعالم.
وأضاف: «لقد رسخت دول المجلس مكانتها كوجهة موثوقة للتعاون الإقليمي والدولي، وهو ما تجلى بوضوح في سلسلة القمم الناجحة، من القمة الخليجية ـ الأوروبية، إلى القمة الخليجية ـ الأميركية، وقمة الخليج ـ الآسيان، وصولا إلى القمة الثلاثية مع جمهورية الصين الشعبية، ونتطلع إلى قمة مرتقبة مع دول آسيا الوسطى في مدينة سمرقند، في تأكيد على الأهمية المتنامية لدور المجلس عالميا».
تقدم اقتصادي وشراكات واعدة
وفي الشأن الاقتصادي، أعلن البديوي عن توقيع بيان مشترك بين مجلس التعاون وماليزيا لإطلاق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، في خطوة وصفها بالنوعية نحو توسيع الشراكات مع الأسواق الآسيوية الصاعدة، وتعزيز مصالح شعوب المنطقة.
كما رحب بالفعاليات الاستثمارية الخليجية المقبلة، ومنها منتدى الاستثمار الخليجي مع دول آسيا الوسطى في قرغيزستان نهاية يونيو، ومنتدى التعاون الاقتصادي مع المغرب في الدار البيضاء، إضافة إلى منتدى الاستثمار الخليجي ـ المصري في القاهرة في نوفمبر المقبل، بمشاركة واسعة من كبار المسؤولين والقطاع الخاص، بما يسهم في توسيع آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري.
وفي هذا السياق، كشف عن ما توصل إليه اجتماع لجنة التعاون المالي والاقتصادي، الذي اختتم مؤخرا في مدينة الكويت، من توافقات مهمة حول عدد من السياسات المالية والاقتصادية ذات الأثر المباشر على تحقيق التنوع الاقتصادي وتعزيز النمو في دول المجلس. كما أطلقت خلال الاجتماع الحملة الإعلامية للسوق الخليجية المشتركة تحت شعار: «كل الخليج وطن».
فلسطين في صدارة الأولويات
وجدد البديوي موقف مجلس التعاون الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، مشددا على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وثمن مبادرة المملكة العربية السعودية بتشكيل «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، واصفا إياها بأنها تمثل نقلة نوعية في تفعيل الإجماع الدولي. كما رحب بالمؤتمر الدولي رفيع المستوى المزمع عقده في نيويورك خلال الفترة من 17 إلى 20 يونيو الجاري، برعاية سعودية – فرنسية مشتركة، معربا عن أمله في أن يسهم المؤتمر في إعادة الزخم لجهود السلام العادل والدائم.
كما أشاد بالدور المحوري الذي لعبته دولة قطر في جهود التهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدا أن وساطتها الفاعلة حظيت بتقدير دولي واسع وأسهمت في تخفيف التوترات وتعزيز فرص السلام.
ديبلوماسية فعالة ووحدة متجذرة
وأشار البديوي إلى أن دول مجلس التعاون أثبتت قدرة مميزة في نزع فتيل الأزمات وتعزيز الأمن الجماعي، عبر ديبلوماسية مسؤولة ووساطات ناجحة استثمرت فيها مصداقيتها وعلاقاتها المتوازنة، ما أسهم في تقريب وجهات النظر في العديد من الملفات الإقليمية والدولية المعقدة.
وأضاف: «لقد احتفلنا مؤخرا بمرور 44 عاما على تأسيس مجلس التعاون، ونمضي قدما، مسترشدين بتوجيهات أصحاب الجلالة والسمو ـ قادة دول المجلس ـ حفظهم الله، في مواصلة مسيرة التكامل والوحدة التي بدأها الآباء المؤسسون، بعزم أكبر ورؤية أوسع نحو مستقبل مزدهر».
البيان الختامي: دعم لفلسطين وتأكيد على وحدة الصف والتكامل الاقتصادي
اختتم وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أمس أعمال الدورة الرابعة والستين بعد المائة (164) للمجلس الوزاري في الكويت، وبحضور وزراء الخارجية وممثليهم، إلى جانب الأمين العام للمجلس جاسم البديوي.
وقد ناقش المجلس في اجتماعه أبرز تطورات القضايا الإقليمية والدولية، وسبل تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك، وسط تأكيد جماعي على ضرورة الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، بناء على مبادرة خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله. وتم تكليف اللجان المختصة بمواصلة الإجراءات اللازمة لرفع التوصيات في الدورة المقبلة.
وأكد الوزراء حرص دول المجلس على وحدة الصف وتماسك المنظومة الخليجية، وتعزيز التنسيق والتكامل في مختلف المجالات، بما يستجيب لتطلعات مواطني دول الخليج. كما أقر المجلس مهام اللجنة التنسيقية العليا المعنية بالصناديق السيادية، واعتمد إطارا اقتصاديا مشتركا لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في مجال الإسكان.
حازت تطورات الأوضاع في قطاع غزة على حيز واسع من النقاش، حيث جدد المجلس مواقفه الثابتة والداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، مدينا بشدة الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القطاع، والتي وصفها بـ«جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».
وطالب المجلس برفع الحصار عن غزة، وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود، داعيا إلى حماية المدنيين ووقف كافة أشكال الاستهداف. كما رفض محاولات التهجير القسري، وندد بإنشاء وكالة إسرائيلية تهدف إلى تفريغ غزة من سكانها.
ودعا المجلس المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى اتخاذ موقف حازم، مطالبا بإصدار قرار تحت الفصل السابع لإيقاف العدوان، وتأمين وصول المساعدات، وضمان العودة الكريمة للنازحين، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
وأشاد المجلس بجهود الوساطة التي تقودها دولة قطر، بالتعاون مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأميركية، لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات. كما أثنى على التحركات الديبلوماسية للجنة الوزارية العربية برئاسة المملكة العربية السعودية، والبيانات الدولية الداعمة الصادرة عن دول مثل فرنسا والمملكة المتحدة وكندا.
كما حيا المجلس الجهود الإنسانية والدعم المقدم من دول مجلس التعاون عبر المساعدات والإغاثة وحملات التبرع الشعبي.
وأكد المجلس تمسكه بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، خاصة القرارات 2735، 2712، و2720، إضافة إلى قرار الجمعية العامة الصادر في ديسمبر 2024، مشددا على أهمية وقف فوري لإطلاق النار، وعودة الحياة إلى طبيعتها في القطاع.