نقلت وكالة بلومبيرغ عن مصادر وصفتها بالمطلعة، أن الولايات المتحدة مستعدة للاعتراف بالسيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم الأوكرانية كجزء من اتفاقية سلام أوسع بين موسكو وكييف.
ويُعد هذا الاعتراف المحتمل أحدث إشارة إلى رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الكبيرة في ترسيخ اتفاق وقف إطلاق النار بين البلدين في أسرع وقت، ويأتي كذلك في وقت أشار فيه هو ووزير الخارجية ماركو روبيو يوم الجمعة إلى أن الإدارة مستعدة للتخلي عن جهودها في الوساطة من أجل السلام ما لم يتم إحراز تقدم سريع.
وكانت روسيا استولت على شبه جزيرة القرم في عام 2014، وقد قاوم المجتمع الدولي الاعتراف بشبه الجزيرة كأرض روسية لتجنب إضفاء الشرعية على ما اعتبره ضما غير قانوني.
وصرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرارا وتكرارا، أنه لن يتنازل عن أي أراض لموسكو، لذلك فإن مثل هذه الخطوة الأميركية -إن حدثت- ستكون بمثابة نعمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي سعى منذ فترة طويلة إلى الاعتراف الدولي بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم، بحسب تقرير بلومبيرغ.
وأفادت المصادر، أنه لم يُتخذ قرار نهائي بشأن هذه المسألة بعد. وقالت بلومبيرغ إن البيت الأبيض ووزارة الخارجية لم يستجيبا لطلب التعليق. كما امتنع مسؤول أميركي مطلع على المفاوضات عن التعليق على تفاصيل المحادثات عندما سئل عن إمكانية الاعتراف بشبه جزيرة القرم.
مقترحات أميركية
وفي وقت سابق ذكرت بلومبيرغ أن الولايات المتحدة قدمت لحلفائها مقترحات لتمكين التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا في باريس يوم الخميس، بما في ذلك مخطط شروط إنهاء القتال وتخفيف العقوبات على موسكو في حال التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم.
وأضافت المصادر أن المقترح من شأنه أن يُجمّد بشكل عام خط المواجهة، مع بقاء معظم الأراضي الأوكرانية الأخرى التي تحتلها روسيا حاليا تحت سيطرة موسكو فعليا. كما أن طموحات كييف في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) ستكون غير مطروحة.
ولم تشر المصادر إلى مزيد من التفاصيل بسبب الطبيعة السرية للمناقشات، لكن محادثات باريس تضمنت اجتماعا بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف، إضافة إلى مناقشات بين روبيو ومستشاري الأمن القومي والمفاوضين من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وأوكرانيا.
ومع ذلك، أبدى ترامب نفاد صبره أمس الجمعة في البيت الأبيض، قائلًا إنه بينما كان يأمل، أن يتفق الجانبان على المضي قدما في وقف إطلاق النار، فإن الولايات المتحدة مستعدة للانسحاب إذا شعر أن أيًا من الجانبين يفتقر إلى الالتزام بالعملية.
وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي: “إذا صعّب أحد الطرفين الأمر، لسبب ما، فسنقول: أنتم أغبياء، أنتم حمقى، أنتم أشخاص سيئون، وسنتجاهل الأمر. لكن نأمل ألا نضطر إلى ذلك”.

وسيحتاج اقتراح ترامب إلى مزيد من المناقشة في أوروبا وأوكرانيا، التي قد ترفض التنازلات التي حددها ترامب.
وصرح أحد المسؤولين أن الخطط الأميركية، التي تحتاج إلى مزيد من النقاش مع كييف، لن تُشكّل تسوية نهائية، وأن الحلفاء الأوروبيين لن يعترفوا بأي أراضٍ محتلة على أنها روسية.
وأكد المسؤولون أن المحادثات ستكون بلا جدوى إذا لم يوافق الكرملين على وقف القتال، وأن توفير ضمانات أمنية لأوكرانيا لضمان صمود الاتفاق يُعدّ أيضا جزءا أساسيا من أي اتفاق.
وقال مصدر مطلع لبلومبيرغ إن كييف وافقت فعلا على وقف إطلاق النار، وإن موقفها هو أن على موسكو الموافقة على وقف إطلاق نار أيضا قبل مناقشة مسائل أخرى. وأضاف المصدر أن مهمة الوفد الأوكراني في باريس كانت مناقشة كيفية مراقبة أي وقف لإطلاق النار، إضافة إلى نشر قوة لحفظ السلام.
من ناحية أخرى، قد يُمثل رفع العقوبات في ظل استمرار احتلال روسيا مساحات واسعة من أوكرانيا مشكلة للعديد من حلفاء كييف. ويتطلب رفع قيود الاتحاد الأوروبي، بما فيها فك تجميد الأصول المجمدة، دعم جميع الدول الأعضاء.
وكان ويتكوف، الذي التقى بوتين ثلاث مرات، صرح لشبكة فوكس نيوز قبل أيام أن مفتاح التوصل إلى اتفاق شامل يتمحور حول “خمس مناطق”، دون تقديم مزيد من التفاصيل. وتُصرّ روسيا على ضرورة الاعتراف -في أي اتفاق- بسيطرتها العسكرية على أجزاء من أوكرانيا منذ عام 2014، بما فيها شبه جزيرة القرم ومساحات واسعة من أربع مناطق – زاباروجيا، وخيرسون، ولوغانسك، ودونيتسك.
وفي حديثه للصحفيين في كييف الخميس الماضي، انتقد زيلينسكي ويتكوف بشدة “على تبنيه الإستراتيجية الروسية”، وقال إن مبعوث ترامب ليس لديه “تفويضٌ لمناقشة الأراضي الأوكرانية، لأن هذه الأراضي ملكٌ لشعبنا”.