يُعد الفنان السعودي هاني ناظر من الأسماء التي أسهمت في ترسيخ تجربة الدراما السعودية الحديثة، وامتدّ تأثيره إلى خارجها من خلال مشاركاته في أعمال عربية داخل مصر وسورية والخليج. وتميزت مسيرته بتطور تدريجي في الأداء، يعكس فهمه الواعي لطبيعة الشخصية الدرامية وأسلوب تمثيلها، دون إفراط أو افتعال.
بدأ ناظر مشواره في أواخر الثمانينات، في وقتٍ كانت الدراما المحلية تمر بمرحلة بناء وتشكيل. واستطاع منذ بداياته أن يلفت الانتباه عبر حضوره الهادئ وطريقته الطبيعية في التمثيل. وقد شكّل مسلسل «دمي ودموعي وابتسامتي» (1995) نقطة تحول في مسيرته، إذ أظهر من خلاله قدرته على التعبير عن المشاعر الإنسانية بصدقٍ بعيد عن المبالغة.
لاحقاً، خاض ناظر تجارب في الدراما العربية، مقدّماً نموذجاً للممثل السعودي القادر على الاندماج في بيئات إنتاجية مختلفة، سواء في مصر أو سورية أو الأردن أو الخليج، وهي خطوة عكست طموحاً مبكراً في الخروج من الإطار المحلي إلى فضاء أوسع. هذه المشاركات مكّنته من اكتساب تنوّع فني ومعرفي أضاف عمقاً إلى أسلوبه في الأداء، وأسهمت في تعزيز صورة الممثل السعودي ضمن المشهد العربي.
ورغم فترات الغياب التي مر بها، ظل ناظر يحتفظ بحضوره داخل المشهد الفني بوصفه ممثلاً جاداً، يختار أدواره بعناية ويدرك طبيعة الدور الذي يناسبه. هذا النهج القائم على الانتقاء الواعي منح تجربته صفة الاتزان والاستمرارية، ورسّخ صورته كفنانٍ يتعامل مع الفن باعتباره مسؤولية قبل أن يكون وسيلة للظهور.
من زاوية نقدية، تمثل تجربة هاني ناظر حالة من النضج الفني القائم على التراكم لا على الاندفاع. فقد حافظ على أسلوب متزن في الأداء، قائم على الهدوء والواقعية، وتجنّب المبالغة التي شابت كثيراً من الأعمال الخليجية في بداياتها. كما قدّم خلال مشواره شخصياتٍ متنوعةً تعكس اهتمامه بالمضمون الإنساني للنص أكثر من الشكل الخارجي للشخصية.
إن قراءة تجربة هاني ناظر ضمن تطور الدراما السعودية تكشف عن فنانٍ طموح منذ بداياته في ربط التجربة المحلية بالمحيط العربي، من خلال انفتاحه على المدارس الفنية المختلفة.
ومع ما تشهده الدراما السعودية من توسع نوعي اليوم، تبقى تجربته محطة مهنية جمعت بين الأصالة والانتشار، والالتزام والاحتراف في آنٍ واحد.
أخبار ذات صلة
