منذ أن ضرب الإعصار ألفريد السواحل الأسترالية في وقت سابق من هذا العام، تحولت أستراليا إلى ساحة معركة غير متوقعة ضد عدو صغير لكنه قاتل، وهو «نمل النار الأحمر» تلك الحشرة العدوانية التي تحمل الاسم العلمي «Solenopsis invicta»، والتي اجتاحت أكثر من 6 آلاف كيلو متر في شرق أستراليا بحلول مارس 2025، مما أثار حالة من الذعر بين السكان ودفع السلطات لاتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انتشارها.
لم يكن الإعصار وحده كافياً لتفسير هذا الانتشار السريع، لكن الخبراء يرجحون أن الظروف المناخية الرطبة والدافئة التي أعقبت العاصفة شكلت بيئة مثالية لتكاثر هذا النوع الغازي.
«النمل الناري»، الذي وصل إلى أستراليا لأول مرة في أوائل القرن الحادي والعشرين عن طريق الشحن البحري من أمريكا الجنوبية، بات الآن يشكل تهديداً متزايداً، حيث أُبلغ عن لسعاته المؤلمة التي أدخلت 23 شخصاً إلى المستشفى منذ بداية مارس، وفقاً لتقارير هيئة البث الأسترالية.
لسعات «نمل النار» ليست مجرد إزعاج عابر بل قد تكون قاتلة، حيث تحتوي سمومها على مواد كيميائية تسبب الحساسية الشديدة، وقد أودت بحياة عدد من الأشخاص حول العالم بسبب ردود الفعل التحسسية.
في أستراليا، تتجاوز الأضرار البشرية إلى الاقتصاد والبيئة، حيث يهاجم النمل المحاصيل الزراعية مثل القمح والذرة، ويدمر النظم البيئية المحلية بمهاجمة الحيوانات الصغيرة والطيور، وتُقدر الخسائر الاقتصادية المحتملة بمليارات الدولارات إذا لم يتم السيطرة على الوضع، خاصة في ولاية كوينزلاند التي تعد مركز الغزو.
أخبار ذات صلة
ورداً على هذا التهديد، أعلنت حكومة ولاية كوينزلاند أنها ستنفق 15 مليون دولار للقضاء على تلك الحشرة المُرعبة، كما أعلنت الحكومة الأسترالية عن تخصيص 400 مليون دولار إضافية لبرنامج مكافحة نمل النار الوطني في 28 مارس، تشمل الإجراءات رش المبيدات الحيوية عبر الطائرات في المناطق المتضررة، ونصب الفخاخ السامة، وتشديد الرقابة على حركة البضائع لمنع انتقال النمل إلى مناطق جديدة.
كما أطلقت السلطات حملات توعية لتعليم السكان كيفية التعامل مع الأعشاش، التي قد يصل ارتفاعها إلى 60 سم، وتحذيرهم من محاولات تدميرها دون مساعدة متخصصين لتجنب استفزاز النمل.
لكن التحديات لا تزال قائمة، حيث يرى بعض الخبراء أن الإجراءات الحالية ليست كافية لوقف المد المتسارع، خاصة مع تقارير عن ظهور مستعمرات جديدة في ضواحي سيدني وملبورن.
وفي ظل تغير المناخ الذي يزيد من تعقيد الوضع، يخشى المزارعون من موسم كارثي إذا لم تُحسم المعركة قريباً.