في قلب منافسات كأس العالم للأندية 2025 في الولايات المتحدة، برز جناح فريق سياتل ساوندرز الأمريكي، الإيفواري جورجي مينونغو، ليس فقط بمهاراته الفنية وسرعته اللافتة، بل بقصة حياة ملهمة تتحدى المحن. اللاعب الشاب، الذي فقد بصره في عينه اليسرى إثر إصابة مؤلمة عام 2023، لم يسمح للإعاقة أن توقف مسيرته، بل كان دافعاً لتعزيز إرادته وتحقيق إنجازاته في ملاعب الكرة.
ولد مينونغو في كوت ديفوار عام 2002، حيث بدأ رحلته في لعب كرة القدم بشوارع وطنه، التي شهدت تطور مهاراته الفردية وقدرته على المراوغة والتغلب على المدافعين رغم بساطة الأجواء. لاحقاً، انتقل إلى أوروبا ليلعب مع نادي إم إف كيه فيشكوف التشيكي، ثم إلى فريق تاكوما ديفاينس، الرديف لسياتل ساوندرز، قبل أن يُوقع عقداً مع الفريق الأول في صيف 2024.
المحطة الأصعب في حياته كانت الإصابة التي ألمّت بعينه اليسرى خلال معسكر تدريبي في إسبانيا، حيث اضطر لإجراء عملية جراحية وفقد نعمة البصر فيها. في مواجهة هذه المحنة، عبّر مينونغو عن قوة إرادته قائلاً: «لم يكن الأمر سهلاً، لكن بفضل الله استمريت في اللعب وأحاول أن أكون أفضل من أولئك الذين يرون بعينين». أشاد به مدربوه وزملاؤه الذين شهدوا تضحياته وإصراره، حيث وصفه مساعد مدربه السابق بأنه «لاعب خاص» وبأن روحه الإيجابية تسهم في تخطي الصعاب. وتلقى دعماً معنوياً قوياً من زملائه مثل نوهو، الذي كان يزوره في المستشفى ويشجعه على عدم الاستسلام.
عاد مينونغو للملاعب مرتدياً نظارات داكنة، واضطر لتعديل أسلوب لعبه بإعادة تعلم كيفية التعامل مع الكرة والدفاع، لكن ذلك لم يمنعه من أن يثبت نفسه. خلال موسم 2024، شارك في 23 مباراة، سجل هدفاً وقدم ثماني تمريرات حاسمة، وأثبت أنه لاعب ديناميكي قادر على إشعال خط هجوم فريقه.
بعيداً عن الملعب، يشتهر مينونغو بابتسامته الدائمة وروحه المرحة التي تضيء غرف الملابس حتى في أصعب اللحظات، وهو ما يعكس فلسفته في الحياة: «أنا سعيد حتى في الأوقات الصعبة. الحياة مليئة بالمفاجآت، واليوم قد يكون صعباً وغداً قد يكون أفضل». رغم فقدان والده في الفترة الأخيرة، استمد القوة من إيمانه الذي زرعته والدته، والتي نشأ على قيمها الدينية. يحمل مينونغو رسالة أمل لكل من يواجه تحديات جسدية أو معنوية، مؤكداً أن الاستسلام ليس خياراً، وأن العمل الجاد والإيمان بالذات يمكن أن يحول الألم إلى قوة.
تتجلى قصة جورجي مينونغو كأيقونة حقيقية للإصرار والفرح، تضيء طريقه في عالم كرة القدم، وتُلهم جيل الشباب في مواجهة المحن بثقة وتفاؤل لا ينضبان.
أخبار ذات صلة