22/2/2025–|آخر تحديث: 22/2/202504:39 م (توقيت مكة)
أغلق قرار كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- تسليم الأسير الإسرائيلي هشام السيد اليوم السبت في مدينة غزة شمالي القطاع دون إقامة مراسم رسمية ملف الأسير الإسرائيلي الثاني ممن كانوا في حوزة القسام قبل معركة طوفان الأقصى.
وحسب مصادر للجزيرة، فإن تسليم السيد سيتم بعد إنهاء إجراءات إطلاق سراح 3 أسرى آخرين في المنطقة الوسطى، على أن يتم نقله لاحقا عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وسط تجاهل إسرائيلي امتد لأكثر من 10 سنوات منذ وقوعه في الأسر.
وحسب مصادر في القسام، فإن عدم إقامة مراسم رسمية لتسليم السيد جاء احتراما لمشاعر الفلسطينيين في الداخل المحتل، الذين يعتبرون تجنيد أبنائهم في جيش الاحتلال ظاهرة مرفوضة.
كذلك ينسجم القرار -حسب مصدر في القسام- مع موقف حماس خلال “هبة الكرامة” عام 2021، حين شددت على أن “الوطن لأصحابه الفلسطينيين، وأن المستوطنين هم من يجب أن يرحلوا”.
وضع معقد
وفي هذا السياق، يرى الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية الدكتور سعيد زياد أن حالة هشام السيد تمثل سابقة مختلفة عن بقية الأسرى، إذ إنه فلسطيني من الداخل المحتل، لكنه كان مجندا في الجيش الإسرائيلي، مما يجعله في وضع معقد بين كونه فلسطينيا من جهة، وخائنا لقضية شعبه من جهة أخرى.
ويشير زياد إلى أن كتائب القسام تعمدت عدم إقامة مراسم رسمية لتسليم السيد، احتراما لمجتمع الداخل الفلسطيني الذي تسعى إسرائيل إلى طمس هويته الوطنية، بينما تحاول القسام ترسيخ هذه الهوية من خلال موقفها.
وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي يعمل على تقسيم المجتمع الفلسطيني إلى كيانات منفصلة؛ فهو يسعى لجعل فلسطينيي الداخل كيانا مستقلا عن الضفة وغزة والقدس، مما يساهم في تفتيت وحدة الشعب الفلسطيني وتحويله إلى مجموعات متفرقة.
إلا أن المقاومة الفلسطينية، وفقا لزياد، تسعى إلى التأكيد على وحدة المصير، وتذكير الجميع بأن فلسطينيي الداخل كانوا جزءا من معركة سيف القدس عام 2021، حين اندلعت احتجاجات واسعة في مدن الداخل تزامنا مع المواجهات في الشيخ جراح والضفة، ودعمتها غزة بعمل عسكري امتد 11 يومًا.
وفي ظل هذه المعطيات، يرى زياد أن رسالة القسام تحمل دلالات ثقيلة، إذ إنها تأتي من التنظيم الفلسطيني الأكثر تأثيرا في معادلة الصراع، والأكثر قدرة على أسر جنود الاحتلال ومواجهته ميدانيا.
ويضيف بأن هذه رسالة ليست موجهة فقط لإسرائيل، بل أيضا للمجتمع الفلسطيني بأسره، وخاصة في الداخل المحتل، وهي تؤكد أن المقاومة تنظر إلى فلسطين بوحدتها الجغرافية والشعبية، بعيدًا عن محاولات الاحتلال لتمزيقها.
ويعتقد زياد أن لهذا القرار تداعيات مستقبلية على الحراك الشعبي في الداخل، حيث بدأ بعض قادة الحراكات الشعبية في الداخل المحتل بالإشادة بموقف القسام، معتبرين أنه يحمل بعدا وطنيا مهما، ويؤكد أن الفلسطينيين -رغم الظروف
ظهور سابق
وكان السيد (36 سنة)، وهو من أصول بدوية، قد ظهر في تسجيل مصور بثته القسام يوم 28 يونيو/حزيران 2022، أعلنت خلاله عن “تدهور طرأ على صحة أحد أسرى العدو”، قبل أن تنشر لأول مرة مشاهد توثق حالته الصحية.
وتنحدر عائلة هشام السيد من قرية السيد غير المعترف بها في منطقة النقب المحتلة، حيث نشأ وترعرع في بيئة تهمّشت لعقود بفعل السياسات الإسرائيلية تجاه البدو في الداخل المحتل.
وقد وقع في الأسر بتاريخ 20 أبريل/نيسان 2015 بعد تسلله إلى قطاع غزة عبر ثغرة في السياج الأمني الفاصل.
وفي حين زعمت عائلته -في تصريحات إعلامية- أنه يعاني أمراضا نفسية وأن وضعه الصحي كان متدهورًا قبل وقوعه في الأسر، نفت ارتباطه بأي خدمة عسكرية إسرائيلية.
غير أن مصادر إسرائيلية أكدت أنه التحق بالخدمة العسكرية يوم 18 أغسطس/آب 2008، لكنه سرّح منها بعد أقل من 3 أشهر بدعوى “عدم ملاءمته لأسباب صحية ونفسية”.
ورغم مرور 10 سنوات على أسره، لم تكن قضية هشام السيد على أجندة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، إذ لم تمارس أي ضغوط جادة لاستعادته، خلافا لما حدث مع الجندي جلعاد شاليط الذي أُفرج عنه ضمن صفقة تبادل تاريخية عام 2011 شملت الإفراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني.
ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان قضية الأسير الإسرائيلي أفيرا منغيستو، الذي أطلقت القسام سراحه مؤخرا ضمن اتفاق تبادل الأسرى، بعد سنوات من الإهمال الإسرائيلي لقضيته بسبب أصوله الإثيوبية.
ويؤكد مراقبون أن هذا التمييز يعكس سياسة عنصرية إسرائيلية واضحة تجاه الجنود الأسرى الذين لا ينحدرون من أصول أوروبية، إذ تتفاوت الجهود المبذولة لاستعادتهم، وفقًا لأصولهم العرقية وأوضاعهم الاجتماعية.