في تحول دراماتيكي يعكس انحدار مستوى الحوار السياسي العالمي، انتقلت «لغة الأم» -ذلك التعبير الشعبي الشهير الذي يُستخدم كإهانة فورية وغير رسمية- إلى قاعات البيت الأبيض والكونغرس، مرورا بتل أبيب.
هذا الانتشار الفيروسي، يُثير تساؤلات حول ما إذا كانت الدبلوماسية أصبحت عرضة للثقافة الشعبية الخشنة، أم أنها مجرد رد فعل على ضغوط الصحافة والمعارضة.
أزمة لقاء ترمب وبوتين
بدأت القصة الأمريكية الأخيرة بسؤال من مراسل صحيفة «هافينغتون بوست» S.V. Dáte، الذي سأل البيت الأبيض عن سبب اقتراح بودابست كموقع لقاء محتمل بين الرئيس دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. كان الاقتراح جزءا من جهود دبلوماسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لكنه أثار شكوكا بسبب علاقات المجر الودية مع موسكو.
وبدلا من إجابة موضوعية، ردت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفت ومدير الاتصالات ستيفن تشيونغ باختصار مذهل: «Your mum» – لـ«أمك»، في إشارة إلى التعبير المصري الذي يُستخدم للتهكم أو الرفض الساخر.
هذا الرد، الذي نشرته «هافينغتون بوست» في تقرير حصري، أثار موجة من السخرية على وسائل التواصل، مع مقارنات فورية بأسلوب مرتضى منصور، الذي اشتهر باستخدام «وحياة أمك» في مواجهاته الإعلامية، كما في حادثة اعتذاره المرفوض لباسم مرسي عام 2015، إذ قال: «أمك مين اللي اعتذر لها؟».
رد غريب على ربطة عنق وزير الدفاع الأمريكي
ولم يتوقف الأمر عند البيت الأبيض، بل في تطور متسلسل، واجه الصحفي نفسه المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل بسؤال آخر عن أصل ربطة عنق وزير الدفاع بيت هيغسيث، التي ارتداها أثناء زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للبيت الأبيض.
وكانت الربطة بألوان الأزرق والأبيض والأحمر، وتشبه تماما العلم الروسي، مما أثار اتهامات من الدعاية الكرملينية بأنها إشارة سرية.
ورد المتحدث كينغسلي ويلسون بنكتة فظة: «إذا كان حب الوطن من الرأس إلى القدمين جريمة في عيون المدونة اليسارية هافينغتون بوست، فاعتبر وزير هيغسيث مذنبا»، متبنيا نفس الطابع الساخر الذي يذكر بمنصور، الذي رد على سؤال عن مباراة الزمالك بـ«أمك هيلاعب أمك».
هذه الحادثة، التي وقعت في 21 أكتوبر 2025، أدت إلى إلغاء مؤقت للقاء ترمب-بوتين، إذ أعلن البيت الأبيض عدم وجود خطط «في المستقبل القريب»، مما يعكس كيف يمكن لكلمة واحدة أن تعرقل دبلوماسية دولية.
«بن غفير» ومتحدثات باسم حماس
وفي تل أبيب، وصلت «لغة الأم» إلى قبة الكنيست في صورة أكثر حدة، فخلال جلسة لجنة الأمن القومي يوم 27 أكتوبر 2025، هاجم وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير النواب المعارضين، متهما إياهم جميعا بأنهم «متحدثون باسم حماس». وكرر الاتهام تحديدا ضد النائبة ناما لازيمي من حزب العمل، قائلا: «اذهبي لتكوني متحدثة باسم حماس»، بعد أن اتهمته بأن تصريحاته حول معاملة السجناء الفلسطينيين أدت إلى تعذيب الرهائن الإسرائيليين في غزة.
وردت لازيمي بغضب، معتبرة الاتهام «تشهيرا سياسيا» يهدف إلى إسكات المعارضة، وأكدت أن تصريحات «بن غفير» -الذي حذرته الشاباك سابقا من آثارها على الرهائن- تُشجع حماس على العنف.
وتحولت الجلسة إلى شجار، مع اتهامات متبادلة بالخيانة، مما دفع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى إدانة «بن غفير» بشدة، واصفا إياه بـ«وزير الفوضى» الذي يقوض الوحدة الوطنية.
مرتضى منصور «أبو اللغة الشعبية»
يُعزى انتشار هذه الظاهرة إلى تأثير مرتضى منصور، الشخصية الرياضية المثيرة للجدل التي حولت «أمك» إلى ماركة مُسجلة، فمنذ سنوات، استخدم منصور التعبير في مواجهاته، كما في فيديوهاته الكوميدية أو هجومه على الصحفيين، مما جعله رمزا للردود التلقائية غير الرسمية.
أخبار ذات صلة
 
									 
					