14/12/2024–|آخر تحديث: 14/12/202402:57 م (بتوقيت مكة المكرمة)
روى اللبناني معاذ مرعب، قصصا صادمة ومرعبة لما عاشه خلال 18 عاما في السجون السورية قبل تحريره منها عقب سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد وإطلاق سراح آلاف المعتقلين من أقبية نظامه.
واعتُقل مرعب (50 عاما) الذي وصل إلى بلده الأربعاء، عام 2006 حين كان متزوجا ولديه طفل (5 سنوات) وطفلة (6 سنوات)، وها هو اليوم يعود إلى مدينته طرابلس شمالي لبنان، بعدما أصبح جدا لحفيد.
وأعلن وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي، خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء، عن وصول 9 مواطنين كانوا معتقلين في السجون السورية إلى البلاد، بعد إطلاق سراحهم إثر سيطرة فصائل المعارضة على العاصمة دمشق.
الدولاب والكبل الرباعي
وقال مرعب في مقابلة مع الأناضول إنه اعتُقل عام 2006 في مدينة دوما بمحافظة ريف دمشق، أثناء عودته من العراق حيث كان يعمل في مجال الصحافة خلال الغزو الأميركي.
ووصف تجربته المؤلمة قائلا: “تعرضنا لأشكال متعددة من التعذيب على أيدي المحققين والسجانين، بدءا من الضرب والتعرية إلى استخدام أساليب الترهيب والإذلال، إضافة إلى الإهانات والشتائم”.
وأشار إلى أن من بين أدوات التعذيب المستخدمة كان ما يسمى بالكبل الرباعي، وهو كبل كهربائي يتم لفه لتصبح قوته مضاعفة عند ضرب السجناء به، حيث إن كل ضربة منه “كانت تنتزع معها اللحم والدم من أجسادنا”.
وأضاف أن طريقة التعذيب المسماة بالدولاب كانت تُستخدم أيضا، حيث يوضع جسد المعتقل داخل دولاب سيارة كبيرة، وتُرفع قدميه ليبدأ الضرب المبرح عليهما.
وقال إن كل ما يسمعه الناس عن التعذيب في سجون النظام المخلوع حقيقي، حتى إن المعتقل يصل إلى مرحلة يقبل فيها أي تهمة تُوجه إليه بسبب شدة العذاب.
وتحدث مرعب عن مراحل اعتقاله القاسية، مشيرا إلى أنه في بداية اعتقاله نُقل إلى سجن أمن الدولة في منطقة كفر سوسة بدمشق، ثم إلى فرع فلسطين بدمشق أيضا، وهو أحد المراكز الأمنية التابعة للاستخبارات العسكرية السورية، ويشتهر بسمعته السيئة نتيجة التعذيب الوحشي وظروف الاحتجاز غير الإنسانية.
وأضاف أنه تم لاحقا ترحيله إلى سجن صيدنايا بريف دمشق المعروف باسم “المسلخ البشري”، لكونه شهد عمليات تعذيب وإعدام ممنهجة لأعداد كبيرة من المعتقلين، حيث قضى بهذا السجن 5 سنوات.
وأوضح أنه مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، تم نقله إلى سجن عدرا المركزي بريف دمشق.
صيدنايا المسلخ البشري
ووصف مرعب التعذيب في سجن صيدنايا بأنه “وحشي وغير إنساني”، مشبها السجن بمسلخ بشري. وأضاف: في هذا السجن يموت أشخاص يوميا تحت التعذيب، ويتم سلخ جلود بعض المعتقلين من شدة التعذيب.
وكشف مرعب عن إجبار المعتقلين على التوقيع أو البصم على أوراق “اعترافات وتهم” من دون أن يُسمح لهم بقراءتها. وأوضح أن “من يرفض البصم قد يتعرض لقطع إصبعه”.
كما تحدث عن الظروف المأساوية في المهجع، حيث كان يحتجز حوالي 60 شخصا في غرفة لا تتجاوز مساحتها 7 أمتار. وكان الطعام محدودا للغاية، ويقتصر على كميات قليلة من الخبز أو البرغل.
وروى مرعب قصة صادمة من داخل السجن، حيث تكررت حوادث كان يقوم فيها “شاويش” السجن، وهو أحد المعتقلين المدانين بجرائم جنائية، بقتل زملاء له من المعتقلين للاستيلاء على حصصهم من الطعام. وقال إن الضحايا غالبا ما يكونون من الضعفاء أو المرضى.
وخلال فترة الوجود السوري في لبنان التي استمرت 29 عاما (1976-2005)، اعتُقل مئات اللبنانيين ونُقلوا إلى السجون السورية لأسباب عدة، بينها الانتماء إلى أحزاب معارضة لهذا الوجود، أو الاشتباه في التعاون مع جهات “معادية” للنظام السوري.
إضافة إلى ذلك، تعرّض بعض اللبنانيين للاختفاء القسري من دون معرفة الأسباب الحقيقية وراء اعتقالهم، لا سيما في فترة الحرب اللبنانية الأهلية (1975-1990).
وخلال فترات سابقة، أفرج النظام السوري عن لبنانيين معتقلين لديه على دفعتين، الأولى عام 1998 شملت 121 لبنانيا، والثانية عام 2000 شملت 54 لبنانيا، لكن جمعيات لبنانية قالت إنه ما زال مئات اللبنانيين موجودين في السجون السورية، في حين نفت دمشق ذلك.
ووفق جمعية “المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية” (غير حكومية)، فإن عدد اللبنانيين المختفين قسرا في السجون السورية يبلغ 622.
وفجر الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري، سيطرت فصائل المعارضة السورية على العاصمة دمشق وأعلنت سقوط نظام بشار الأسد الذي فر إلى روسيا لتنتهي فترة حكم آل الأسد للبلاد التي استمرت نحو 55 عاما.