أكد وزير الصحة اليمني الدكتور قاسم بحيبح، أنه في قلب الأزمات الإنسانية التي يواجهها أبناء الشعب اليمني، تبرز جهود المملكة كمنارة أمل. وقال لـ«عكاظ»: منذ اندلاع الحرب الانقلابية المدمرة التي عصفت بأكثر من نصف البنية التحتية للقطاع الصحي، سارع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، إلى إطلاق أكثر من 574 مشروعاً في القطاع الصحي، بكلفة إجمالية فاقت 986 مليون دولار؛ لتخفيف معاناة الشعب اليمني، ولم يكن البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن بعيداً عن هذه المشاريع والمبادرات، إذ نفذ 33 مشروعاً ومبادرة بكلفة تجاوزت 146 مليون دولار، عكست التزام المملكة، بدعم اليمن في أصعب ظروفه، وأوضح في حواره مع «عكاظ»، أن المملكة قدّمت دعماً متواصلاً على مدى سنوات سواء بشكل مباشر أو عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، وهذا الدعم مثّل ركيزة أساسية في تعزيز القطاع الصحي، وأعاد الأمل في حياة ملايين اليمنيين، فلم يتوقف هذا الدعم عند حدود الإغاثة الطارئة وحسب، بل شمل برامج طويلة الأمد تهدف إلى إعادة بناء وتعزيز البنية التحتية للقطاع الصحي، وتحسين جودة الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين.
وقال الوزير بحيبح: كان وما يزال لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، دور محوري في توفير الدعم العاجل والطارئ للمرافق الصحية في اليمن، فقد عمل المركز على دعم المستشفيات والمراكز الصحية في مختلف محافظات اليمن، بما في ذلك المناطق التي كانت تعاني من أوضاع إنسانية صعبة، إذ ساعد في توفير الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة، إضافة إلى تمويل العديد من مشاريع البنية التحتية للمرافق الصحية، وتجهيزها بأحدث المعدات الطبية المتطورة كما عمل على توفير العناية الطبية للمصابين في جبهات القتال، وكان له دور كبير في دعم المرافق الصحية في المناطق النائية التي تعاني من نقص حاد في الأطباء والمعدات الطبية، وأرسل قوافل إغاثة طبية متخصصة إلى المناطق المتضررة.
بناء وتجهيز المستشفيات والمراكز الصحية وأكد وزير الصحة اليمني، دور البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في تطوير القطاع الصحي، من خلال تنفيذ مشاريع صحية متكاملة تركز على تحسين مستوى الخدمات الصحية وتوسيع شبكة الرعاية الصحية في اليمن، وتنفيذ العديد من المشاريع التي ساعدت في بناء وتجهيز المستشفيات والمراكز الصحية، وتدريب الكوادر الطبية على أحدث التقنيات الطبية، وإنشاء مستشفيات جديدة، وتوفير الأجهزة والمعدات الطبية الحديثة، وإعادة تأهيل المستشفيات المتضررة، وهو ما ساهم في تحسين قدرة هذه المنشآت على استيعاب أعداد أكبر من المرضى، كذلك تم تنفيذ برامج تدريبية لمئات الأطباء والممرضين لتأهيل كوادر طبية يمنية، قادرة على التعامل مع الحالات الطارئة والطب الحديث.
علامة فارقة في مجال الرعاية الصحية
وقال الوزير اليمني في حواره لـ«عكاظ»، إن مستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن، أحد أهم المشاريع الرائدة التي تم تنفيذها بدعم من المملكة، ويعد من أكبر المستشفيات الحديثة في اليمن، ويمثل علامة فارقة في مجال الرعاية الصحية في اليمن، وهو نموذج للتعاون المثمر بين المملكة واليمن، وتم تجهيزه بأحدث الأجهزة الطبية ويضم العديد من الأقسام الطبية المتخصصة مثل جراحة القلب، والعناية المركزة، وطب الأطفال، والطب النفسي، والأورام ويقدم خدمات طبية متكاملة للمواطنين اليمنيين في عدن والمناطق المجاورة، وتقديم رعاية صحية متكاملة لمجموعة كبيرة من المرضى الذين كانوا يعانون من نقص في العلاج والتشخيص بسبب الظروف الراهنة، كما يستقبل العديد من الحالات المرضية التي لا يمكن علاجها في المستشفيات الأخرى، وفيه يتم إجراء عمليات جراحية معقدة تتطلب تقنيات طبية حديثة، وأصبح مرجعاً في تقديم الخدمات الطبية المتطورة، وقد أسهم الدعم السعودي في رفع مستوى الخدمات الصحية بشكل كبير في العاصمة المؤقتة عدن، ما يقلل من الحاجة للسفر إلى الخارج للعلاج.
وقال الدكتور بحيبح: إن مستشفى الأمير محمد بن سلمان، يولي اهتماماً خاصاً لجراحات العناية المركزة والعمليات التي تتطلب تقنيات متقدمة، مثل جراحة القلب المفتوح، وجراحة الأعصاب، وزراعة الأعضاء، ويوفر رعاية طبية عالية الجودة في مجالات متخصصة ودقيقة، وبفضل التعاون السعودي، أصبحت لدينا القدرة على إجراء جراحات معقدة في مجال القلب والعظام والدماغ، وكانت تقتصر على المراكز الطبية العالمية في السابق، إذ يضم مستشفى الأمير محمد بن سلمان، قسماً للطوارئ مجهزاً بأحدث المعدات الطبية، ويتم استقبال الحالات العاجلة بشكل سريع ومباشر، ما يقلل من الضغط على المستشفيات الأخرى في المدينة والمناطق المجاورة، وهذا التعاون أسهم في إنقاذ حياة العديد من المرضى الذين كانوا في حاجة ماسة إلى علاج عاجل، كذلك يوفر المستشفى خدمات متكاملة لعلاج الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، إلى جانب تقديم رعاية متخصصة لمرضى السرطان، فيما تم تزويده بمختبرات طبية متقدمة لإجراء الفحوصات المخبرية والتشخيصية بدقة وسرعة، وخلال الأشهر الماضية شهد مستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن، إجراء عدد كبير من العمليات الجراحية الناجحة.
وبيّن وزير الصحة اليمني، أنه في أغسطس 2024م، نفذت جمعية «البلسم» للتدريب والتطوير الصحي حملة طبية لجراحة المخ والأعصاب في المستشفى، إذ أجرى الفريق الطبي عشرات العمليات الجراحية الناجحة وأجرى الفحوصات المجانية للمرضى، وقدم الرعاية الصحية اللازمة لهم. وفي أكتوبر 2024م، بدأت مرحلة جديدة من البرنامج الطبي التطوعي في المستشفى، شملت تخصصات جراحة القلب والقسطرة للأطفال، والأذن والأنف والحنجرة، بهدف خفض الاحتياج الإنساني في هذه المجالات.
وهذه المبادرات تسهم في توفير الرعاية الطبية المتخصصة للمحتاجين، ناهيك عن كونها تعد تدريباً عملياً للأطباء العاملين في المستشفى على أحدث التقنيات الجراحية والعلاجية، وتبادل الخبرات بين الأطباء السعوديين واليمنيين في إجراء العمليات الجراحية المعقدة.
وقال الوزير اليمني: إن البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن ينفذ في محافظة المهرة مدينة طبية تعليمية متكاملة، وهي مدينة الملك سلمان الطبية والتعليمية، كمشروع إستراتيجي بهدف تعزيز الخدمات الصحية والتعليمية في المنطقة، ويقع المشروع على مساحة مليون متر مربع، ما يجعله من أكبر المشاريع الخدمية في اليمن ويتضمن مستشفى بسعة 110 أسرّة، ومجهز بأحدث المعدات الطبية، ويتكون من غرف عمليات كبرى وعمليات قلب، إضافة إلى أقسام العناية المركزة للكبار والصغار وأقسام النساء والولادة، وقسم أشعة مجهز بالكامل، وعيادات خارجية في تخصصات متعددة، ومهبط للطائرات المروحية لعمليات الإخلاء الطبي، ومن المتوقع أن يُسهم هذا المشروع بشكل كبير في تحسين جودة الخدمات الطبية والتعليمية في محافظة المهرة والمناطق المجاورة، ما يعزز التنمية المستدامة في اليمن.
وأضاف، أنه في مجال الأطراف الصناعية عملت المملكة العربية السعودية، عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والاعمال الإنسانية، على دعم برامج الأطراف الصناعية وإعادة التأهيل، ففي ديسمبر 2024م، دشّن مركز الملك سلمان للإغاثة برنامجاً يستهدف أربع محافظات؛ عدن، ومأرب، وتعز، وحضرموت، بهدف تقديم خدمات صحية مجانية لذوي الإعاقات الحركية، بما في ذلك تصنيع وتركيب الأطراف الصناعية والتأهيل البدني وتقديم جلسات علاج طبيعي، وكذلك في مركز الأطراف الصناعية بسيئون في محافظة حضرموت.
وأشار وزير الصحة اليمني، إلى تواصل المملكة في دعم القطاع الصحي اليمني من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لمراكز «الغسيل الكلوي»، إذ يقوم بتمويل تشغيل هذه المراكز وتوفير الخدمات الطبية والعلاجية لمرضى الكلى بصورة مجانية، في وقت أنشأ البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن مركز «الغسيل الكلوي» في الغيضة بمحافظة المهرة، وجهّزه بالكامل، ويقدم الآلاف من جلسات «غسيل الكلى»، ما يخفف من معاناة المرضى في المحافظات والمناطق المحررة.
التدريب وتأهيل الكوادر الطبية
وبيّن الوزير بحيبح، أن الدعم السعودي لم يقتصر على بناء المستشفيات وتوفير المعدات الطبية وحسب، بل شمل العيادات المتنقلة التي تتنقل بين المناطق النائية، وتصل إلى أولئك الذين يعانون من صعوبة الوصول إلى المراكز الصحية، فالمملكة قدمت مئات الملايين من الدولارات في شكل مساعدات طبية من أدوية ومستلزمات طبية، ما ساهم في تحسين الوضع الصحي في اليمن. ومن خلال التعاون مع المملكة، تم إرسال العديد من الأطباء اليمنيين إلى السعودية والدول الشقيقة ليتدربوا على أفضل الأساليب العلاجية والطبية الحديثة، ما يسهم في تحسين مستوى الرعاية الصحية المقدمة للمرضى، وتحسين الخدمات الصحية في اليمن.
اتفاقيتا تعاون خلال «منتدى الرياض»
وأوضح الوزير اليمني، أن «منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع» المنعقد في فبراير الماضي، كان له دور بالغ الأهمية في تعزيز التعاون الدولي والإقليمي لدعم القطاع الصحي في اليمن، إذ شهد المنتدى الذي شاركنا فيه بوفد من وزارة الصحة توقيع اتفاقيات مهمة مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بهدف تعزيز البنية التحتية الصحية في اليمن وتحسين مستوى الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين، وشملت الاتفاقيات الموقعة دعماً مالياً بقيمة 21 مليون دولار، سيتم خلالها توفير الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة، إلى جانب برامج تدريب وتأهيل الكوادر الصحية اليمنية، فضلاً عن تحسين المنشآت الصحية المتضررة من الحرب.
التحديات المستقبلية وخطط الوزارة
وأشار إلى أن وزارة الصحة في اليمن، تعمل على خطة شاملة لإعادة تأهيل جميع المرافق الصحية في مختلف أنحاء البلاد، وتوفير الرعاية الصحية المتكاملة لجميع المواطنين وتوسيع نطاق مشاريع التعاون مع المملكة في المجال الصحي، بما يضمن تقديم الخدمات الصحية لأكبر عدد ممكن من المواطنين، «ونحن ممتنون للغاية من أجل ذلك للمملكة على الدعم الكبير الذي تقدمه في جميع المجالات، فالمملكة العربية السعودية تظل، كما كانت دائماً، الحليف الإستراتيجي لليمن في سبيل بناء مستقبل صحي أفضل لليمنيين».
دعم المملكة سخي
وتوجه وزير الصحة اليمني، بالشكر والامتنان للمملكة العربية السعودية على الدعم المتواصل والمستمر، وقال: الشعب اليمني لا ينسى المواقف الإنسانية والتعاون الأخوي الذي تبديه المملكة في كل مرحلة من مراحل الأزمة في بلادنا، وهذا الدعم السخي كان له أكبر الأثر في تخفيف معاناة الشعب اليمني، ونحن نعتبره شاهداً على الأخوّة الصادقة بين بلدينا الشقيقين، فعلاقتنا مع المملكة علاقة تاريخية وإستراتيجية، لذا تظل المملكة هي الشريك الأول في دعم القطاع الصحي اليمني.
أخبار ذات صلة