بعض الغيابات تأتي كجرحٍ لا يندمل، تفاجئنا على حين غرة، فتترك في القلب فجوة لا تُسدّ. كان محمد الجيلي، واحداً من هؤلاء الذين لم يكن رحيلهم مجرد خبرٍ عابر، بل صدمة هزّت كل من عرفوه وأحبوه. ابن السودان الجميل، والمخرج العبقري، الذي أضاء «عكاظ»، بحضوره وإبداعه، رحل فجأة، تاركاً وراءه حزناً لا تكفيه الكلمات.
كان (العكاظيون) يترقبون عودته من إجازته، يعدّون الأيام حتى يملأ المكان بصوته وحضوره الدافئ، لكن الموت كان أسرع، خطفه في حادث أليم، لم يترك فرصةً لوداعٍ أو لقاء أخير. لم يكن أحدٌ مستعداً لهذا الفقد، لم يكن أحدٌ يتخيّل أن يعود خبر رحيله بدلاً من عودته، ويخيم الحزن حيث كان الفرح بانتظاره.
كان محمد الجيلي، أكثر من مجرد مخرج، كان روحاً مبدعة لا تهدأ، عقلاً مشغولاً بالتفاصيل، وقلباً مفعماً بالمحبة. كان فناناً حقيقياً، لا يرى عمله مجرد مهنة، بل رسالة، يضع فيها كل شغفه وإحساسه. لم يكن العمل معه مجرد تجربة مهنية، بل رحلة مليئة بالودّ والابتكار والضحكات الصافية. كان صديقاً قبل أن يكون زميلاً، وكان للكل أخاً قبل أن يكون مخرجاً.
اليوم، يخلو المكان من خطاه، لكن صوته لا يزال يتردد في الذاكرة، وأعماله شاهدة على عبقريته. رحل محمد الجيلي، لكنه لم يغب، لأن من يترك أثراً جميلاً لا يختفي، بل يظل جزءاً من كل من عرفوه وأحبوه. في قلوب (العكاظيين)، سيبقى حاضراً، تماماً كما كان دائماً، مخرجاً ماهراً، وإنساناً نادراً، وأخاً لن يُنسى.
أخبار ذات صلة