حذّر مجلس الأمن الدولي، خلال جلسة طارئة عقدها الجمعة في نيويورك، من التصعيد عقب تفجيرات أجهزة اتصال في لبنان والغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، داعيا جميع الأطراف إلى ضبط النفس، في حين حذر وزير الخارجية اللبناني مجلس الأمن من انفجار كبير يلوح في الأفق.
وبناء على طلب من الجزائر، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة استمع خلالها إلى إحاطتين من مسؤولين رفيعي المستوى بالأمم المتحدة حول التطورات الأخيرة في لبنان والمنطقة.
وفي وقت سابق أمس الجمعة، أعلن لبنان مقتل 14 وإصابة 66، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، وفق حصيلة غير نهائية لوزارة الصحة اللبنانية.
نذير بصراع أكبر
من جهتها، حثت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري آن ديكارلو جميع الدول التي لها نفوذ على إسرائيل وجماعة حزب الله على “استخدام ذلك النفوذ الآن”، لتجنب تصاعد العنف، وحذرت من أن استمرار العنف ينذر باندلاع صراع أكثر تدميرا مما نشهده الآن.
وقالت ديكارلو للمجلس المكون من 15 دولة “إننا نخاطر برؤية حريق قد يتضاءل أمامه الدمار والمعاناة التي شهدناها حتى الآن”. وأضافت “لم يفت الأوان لتجنب مثل هذه الحماقة. لا يزال هناك مجال للدبلوماسية. وأحث بشدة الدول الأعضاء التي لديها نفوذ على الأطراف الفاعلة باستخدامه فورا”.
جريمة حرب
كما أدان المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك بشدة سلسلة التفجيرات المميتة لأجهزة الاتصال في لبنان، وقال إن “القانون الدولي يحظر “تفخيخ” أجهزة مدنية الطابع.
واعتبر أن “ارتكاب أعمال عنف تهدف إلى نشر الرعب بين المدنيين يعد جريمة حرب”، مضيفا أن “الحرب لها قواعد”، مكررا دعوته إلى إجراء تحقيق “مستقل ودقيق وشفاف”.
وتابع تورك “إن استهداف آلاف الأفراد بشكل متزامن، سواء كانوا مدنيين أو أعضاء في جماعات مسلحة، دون معرفة من يحمل الأجهزة المعنية وموقعهم وبيئتهم وقت الهجوم، ينتهك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي حيثما ينطبق”.
أميركا تنتظر ظهور الحقائق
أما نائب المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن روبرت وود فقال “من الضروري حتى ظهور الحقائق حول الوقائع الأخيرة، والتي أكرر أن الولايات المتحدة لم تلعب أي دور فيها، أن تمتنع جميع الأطراف عن أي أعمال من شأنها أن تجر المنطقة إلى حرب مدمرة”.
وأضاف أن الولايات المتحدة تتوقع من جميع الأطراف الامتثال للقانون الدولي الإنساني، واتخاذ جميع الخطوات المعقولة لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان.
تحذير لبناني
من جهته، شدد وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب، الذي شارك في الاجتماع، على أن اللجوء إلى تفجير آلاف أجهزة الاتصال عن بُعد “بشكل جماعي وغادر دون اعتبار لمن يحملها أو لمن يوجد بالقرب منها، يعد أسلوبا قتاليا غير مسبوق في وحشيته وإرهابه”.
وأضاف أن استهداف آلاف الأشخاص من مختلف الفئات العمرية وفي مناطق واسعة أو مكتظة بالسكان تشمل كافة المناطق اللبنانية أثناء ممارستهم لحياتهم اليومية، في المنازل والشوارع وأماكن العمل ومراكز التسوق، هو الإرهاب بعينه، وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، ويصنف من دون أدنى شك جريمة حرب.
وقال “إما أن يجبر هذا المجلس إسرائيل على وقف عدوانها.. أو سنبقى شهودا صامتين على الانفجار الكبير الذي يلوح في الأفق اليوم”، وأكد أن “هذا الانفجار لن يستثني الشرق ولا الغرب، وسيعيدنا إلى العصور المظلمة”.
وطالب بوحبيب بـ”إدانة الهجمات الإسرائيلية الإرهابية بصورة واضحة”.
إدانة جزائرية
من ناحيته، قال مندوب الجزائر عمار بن جامع إن غارة اليوم (الجمعة) على الضاحية الجنوبية لبيروت تؤكد أن “الاحتلال الإسرائيلي غير معني بالسلام”. وأنه “يدفع المنطقة نحو الحرب وتوسيع انتهاكاته للأراضي اللبنانية”.
وأضاف أن” الغارات الصهيونية على لبنان تعكس عدم التزام الاحتلال بالقوانين الدولية، مؤكدا على ضرورة إعلاء مبادئ ومواثيق الأمم المتحدة”.
وأضاف “ندين بأشد العبارات الاعتداءات الإسرائيلية في لبنان” مشددا على أن “إنهاء الاحتلال الصهيوني يمهّد الطريق للسلم الدائم والاستقرار بالمنطقة”.
تهديد إسرائيلي
بدوره، لم يستبعد سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون في كلمته لمجلس الأمن الدولي أن تشن إسرائيل هجمات جديدة على حزب الله، وقال “لن نسمح لحزب الله بمواصلة استفزازاته”، مشيرا إلى أن حزب الله أطلق منذ هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول أكثر من 8 آلاف صاروخ على إسرائيل، وأن “عشرات الأشخاص قُتلوا ونزح عشرات الآلاف”.
وهدد أمام مجلس الأمن بأنه “إذا لم ينسحب حزب الله من منطقة الحدود ويعود لشمال نهر الليطاني عبر القنوات الدبلوماسية، فإن إسرائيل ستستخدم كل الوسائل للدفاع عن مواطنيها”، و”ستقوم بما يلزم لإعادة الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال”.
ومع ذلك اعتبر دانون أن “إسرائيل لا تسعى إلى توسيع الصراع”، وقال مخاطبا وزير الخارجية اللبناني “نعلم أن المشكلة الحقيقية ليست لبنان. المشكلة الحقيقية هي حزب الله”، وعرض تقديم المساعدة للتوصل إلى نوع من التسوية.
إيران وضبط النفس
من ناحيته، قال سفير إيران لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرافاني لمجلس الأمن إن إيران “حذرت مرارا وتكرارا من العواقب الخطيرة للأنشطة الخبيثة” التي تقوم بها إسرائيل في المنطقة.
وقال إن “إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء، وإن طهران ستعاقب المعتدين على سفيرها في لبنان”. وكان سفير إيران لدى لبنان أُصيب في تفجيرات أجهزة الاتصال في لبنان.
وأضاف أن إيران دأبت “على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس من أجل السلام والأمن بالمنطقة، ومن أجل ما تسمى بمحادثات وقف إطلاق النار (في غزة)”.
الصين وفرنسا وروسيا
ودعا مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة فو تسونغ إلى إجراء تحقيق لمحاسبة المسؤولين عن تفجيرات أجهزة اتصال في لبنان، باعتبارها أفعالا “همجية ومروعة”.
وفي معرض تعليقه على التفجيرات بلبنان، قال مندوب فرنسا نيكولا دي ريفيير إن “خطر اندلاع حرب مفتوحة آثارها كارثية يزداد يوميا، وعلى جميع الأطراف العمل لتحقيق التهدئة”.
بدوره، شدد مندوب روسيا فاسيلي نيبينزيا على أن “الحرب الشاملة في الشرق الأوسط لن تخدم أي طرف”، واعتبر أن تفجيرات أجهزة اتصال بلبنان “عملا إرهابيا، يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، وله عواقب لا يمكن التنبؤ بها على الشرق الأوسط بأكمله”.