الحمد لله الذي ما تزال عوائده الحسنة وأفضاله العظيمة تتجدد علينا في بلادنا المباركة عامًا بعد عام، لتعاودنا هذه الأيام ذكرى اليوم الوطني الخامس والتسعين للمملكة العربية السعودية. إنها ليست مجرد محطة تاريخية نحتفي فيها بالذكريات، بل لحظة للتأمل والتفكر، نستعيد فيها الجذور التي قامت عليها دولتنا، ونستحضر الأسس التي شكّلت هويتنا الوطنية.. قوة الإيمان، وسلامة المعتقد، ووضوح المنهج، وصدق الانتماء، ومتانة التلاحم، ووحدة الكلمة، واجتماع الصف، وأصالة الطباع، وكرم الأخلاق، وسمو القيم. وهي المقومات التي اقتضت سنن الله الثابتة أن تكون سببًا للنصر والعز والتمكين.

إن شعار اليوم الوطني لهذا العام «عزّنا بطبعنا» ليس مجرد عبارة عابرة، بل فلسفة وطنية عميقة ورسالة عزيزة؛ مفادها أن ما نعيشه من عزٍّ اليوم هو بفضل الله أولًا، ثم ثمرة الإيمان والإخلاص والعمل والكفاح، وحصاد القيم الأصيلة والمبادئ الراسخة التي تأسست عليها بلادنا منذ توحيدها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – وسار على نهجه الملوك من بعده، رجال أوفياء بذلوا الغالي والنفيس لبناء دولة راسخة الأركان، قوية المؤسسات، متماسكة المجتمع، ماضية في نهضتها الشاملة.

إن سر تميز وطننا يكمن في قدرته على صناعة توازن فريد بين ثنائيات تبدو متباعدة، لكنها في الحقيقة متكاملة: فالماضي بكل ما يحمله من قيم وتضحيات هو الأساس الذي يمدنا بالثقة والثبات، والمستقبل بما يحمله من طموحات وتطلعات هو أفقنا الرحب نحو التميز والريادة. نحن لا نعيش الأصالة كقيد يحبسنا في الماضي، بل كهوية تمدنا بوضوح الرؤية وسلامة القصد وقوة العزيمة ودقة الهدف، ونحن نعانق برؤيتنا الطموحة 2030 آفاق المستقبل الرحبة. وهكذا فإن التمسك بالقيم والهوية لا يتناقض مع الانفتاح على العالم، بل يشكل معادلة متوازنة تمنحنا القوة.. قوة الانتماء، وقوة الاستمرارية في بناء وطن يعتز بجذوره، ويبدع في حاضره، ويستشرف مستقبله.

في يومنا الوطني، ونحن نستحضر تاريخًا مشرفًا نؤكد على مسؤوليتنا تجاه هذا الإرث العظيم: أن نعزز هويتنا كأصل ثابت يشكّل ملامحنا ويرسم صورتنا أمام أنفسنا والعالم، وأن نحوّل الانتماء من مجرد شعور وجداني إلى قوة فاعلة تُترجم إلى إنجازات عملية، تدفع عجلة التنمية والإبداع دون أن نفقد هويتنا الفريدة وملامحنا الأصيلة.

ختامًا، نعاهد الله ثم وطننا وقيادتنا أن نظل أوفياء لقيمنا وهويتنا، عاملين على صناعة مستقبل يليق بعزة هذا الوطن. ونسأله سبحانه أن يحفظ وطننا الغالي وقيادتنا الرشيدة، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وأن يزيدهما تمكينًا وتوفيقًا، ويجعل من عزتنا المتأصلة في طباعنا قوة متجددة للأجيال القادمة.

* وكيلة الجامعة للتطوير المؤسسي والمسؤولية المجتمعية

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
Exit mobile version