ناقشت جامعة الأزهر المصرية رسالة دكتوراه لباحثة متوفاة، في حدث استثنائي يجمع بين القيم العلمية والإنسانية، وسابقة تُعد الأولى من نوعها بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات فرع بورسعيد، وذلك تكريماً لجهود الباحثة التي كرست أربع سنوات من حياتها لإعداد رسالتها العلمية، لكن القدر لم يمهلها لتشهد لحظة تتويج عملها.
كانت الباحثة هانم أبو اليزيد، تعمل مدرسة مساعدة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، أكملت رسالتها العلمية تحت إشراف نخبة من الأساتذة بالجامعة، وسلمت نسخ الرسالة إلى لجنة المناقشة التي ضمت أساتذة من داخل الجامعة ومناقشين خارجيين، وبينما كانت تستعد للمناقشة العلنية، فجع الجميع بخبر وفاتها في ديسمبر 2024، إثر معاناة مع المرض، تاركة خلفها إرثاً علمياً مميزاً وحزناً عميقاً بين أسرتها وزملائها.
وقررت إدارة جامعة الأزهر، بقيادة الدكتور سلامة داود، المضي قدماً في إجراءات المناقشة العلنية، وذلك إيماناً بحق الباحثة في تخليد جهودها، في خطوة تهدف إلى حماية الرسالة من السرقة الفكرية وتكريم إخلاص الباحثة.
وفي مشهد مؤثر، وُضع اسم الباحثة الراحلة «هانم» على الكرسي المخصص لها خلال المناقشة، كرمز لاستمرار حضورها الروحي بين الحاضرين، وحضر المناقشة عدد من أفراد عائلتها، بمن فيهم زوجها وأبناؤها، إلى جانب أساتذة وطلاب الكلية، الذين أشادوا بهذا الموقف الإنساني.
أخبار ذات صلة
وتناولت الرسالة موضوعاً متعلقاً بالدراسات الفقهية المعاصرة، حيث أظهرت عمقاً تحليلياً وأصالة في تناول القضايا، مما دفع لجنة المناقشة إلى الإشادة بجودتها ومنح الباحثة درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف، كما قررت الجامعة إيداع نسخة من الرسالة في مكتبة الكلية وأخرى في المكتبة المركزية لجامعة الأزهر، لتكون مرجعاً متاحاً للدارسين وشاهداً على تميز الباحثة.
وأكد رئيس جامعة الأزهر -في تصريح له-، أن قرار مناقشة رسالة الباحثة هانم أبو اليزيد «جاء حفاظاً على جهدها العلمي الذي كرست له سنوات من العمل الدؤوب، ولضمان عدم الاعتداء على حقوقها الفكرية» معتبراً أن هذا الموقف «يعكس التزام جامعة الأزهر بالقيم الإنسانية والأكاديمية». وأن رسالتها وجهدها سيظل محفوظاً في مكتبة الجامعة للأجيال.
وكان زوج الباحثة قد عبر عن شكره العميق لجامعة الأزهر، مشيراً إلى أن هذا القرار «يمنح أسرتها العزاء ويحقق حلم هانم الذي كافحت من أجله»، كما أثار الموقف إشادات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره الكثيرون دليلاً على إنسانية الجامعة واحترامها للعلم.