يعيش 2.3 مليون إنسان في قطاع غزة دون أدنى مقومات الحياة منذ قرابة 19 شهرا، في ظل إحكام جيش الاحتلال الإسرائيلي الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية.
وفي ظل هذا المشهد المأساوي، رصدت الجزيرة تأثير نقص الغذاء على جسم الإنسان، وما الذي يعنيه فقدانه أدنى مقومات الحياة، وسط تحذيرات حكومية من اقتراب القطاع من حافة المجاعة.
وقدرت مصادر طبية للجزيرة أن مجمل ما يستهلكه الفرد الغزي البالغ حاليا أصبح بين 400 و500 سعرة حرارية في اليوم، أي ما يعادل علبة فول صغيرة، مما يعني أن سكان قطاع يقتاتون على الفتات.
ويشير مصطلح مقومات الحياة إلى السعرات الحرارية أو الطاقة التي تبقي الجسد حيا وتمنح الإنسان القدرة على التنفس وضخ الدم وتنظيمه حرارة الجسم.
ووفق منظمة الصحة العالمية، فإن الشخص البالغ (40-50 عاما) يحتاج في الحد الأدنى بين 1800 و2200 كيلو كالوري يوميا فقط ليبقى على قيد الحياة دون حركة.
ولا تكفي السعرات وحدها، حسب الصحة العالمية، إذ يجب أن تأتي من مصادر متنوعة بما يضمن التوازن الغذائي بنسبة 50-60% من الكربوهيدرات و20-30% من الدهون و10-15% من البروتينات.
أما بشأن تداعيات نقص السعرات الحرارية، فإن آثار تناقص تلقي الجسم كميات معقولة من المغذيات والمياه تبدأ بالظهور عند البالغين في الأيام العشرة الأولى، حيث يفقد الشخص الوزن المتمثل في المياه ومخازن الجليوكوجين المسؤولة عن تخزين الطاقة والبناء العضلي.
وبناء على ذلك، ستظهر علامات التعب وتراجع الأداء البدني والذهني، مع تغيرات حادة في المزاج وارتفاع منسوب القلق.
وبين اليوم الـ20 والـ30، يبدأ الجسم في تكسير الأنسجة العضلية للحصول على الطاقة، مما يؤدي إلى انخفاض القوة والحركة وضعف الجهاز المناعي، وارتفاع إمكانية الإصابة بالعدوى.
ويعاني البالغون في هذه المرحلة من إجهاد القلب والأوعية الدموية، كما تتراجع القدرة الإدراكية من نقص في الذاكرة واضطراب في القدرة على اتخاذ القرارات.
وعند تجاوز عتبة 30 يوما من النقص الحاد في توفر كميات مغذية من الماء والطعام، يدخل البالغون في مرحلة سوء التغذية الحاد، إذ يبدأ فشل الأعضاء الحيوية من بينها القلب والكبد والكلى، وتتفاقم مشاعر الاكتئاب واللامبالاة، ومن دون تدخل طبي عاجل ترتفع احتمالات الوفاة.
في السياق ذاته، يحتاج الأطفال بين 1000 و2200 سعرة حرارية يوميا، مقابل 1800 و3200 سعرة حرارية يوميا للمراهقين بما يحقق سلامة نموهم الجسدي والعقلي.
وبناء على ذلك، فإن تداعيات نقص السعرات الحرارية عليهم أكثر خطورة خشية نقص حاد في المناعة وخلل في النمو، إضافة إلى خشية انتشار قصر القامة مع نقص البروتينات.
وبالتوازي مع نقص الطعام، بدأت المياه النظيفة في النفاد بعدما دمرت قوات الاحتلال خطوط مياه الشرب، وبات سكان القطاع يعتمدون حاليا على ما تبقى من آبار تحذر المؤسسات الحقوقية من تلوثها بمياه الصرف وذخائر الحرب.
وقبل يومين، حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من أن الوضع الإنساني في غزة هو “الأسوأ على الأرجح” منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وأشار المكتب الأممي إلى أن مرور نحو شهر ونصف الشهر دون السماح بدخول أي إمدادات عبر المعابر يمثل أطول مدة توقف للإمداد حتى الآن.
وفي الثاني من مارس/آذار الماضي، منع الاحتلال الإسرائيلي دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وأغلق جميع المعابر المؤدية إلى القطاع، حيث استأنف الإبادة على الشعب الفلسطيني في الـ18 من الشهر ذاته بعد هدنة استمرت شهرين.