حققت فنون كوريا الجنوبية، في السنوات الأخيرة، شعبية جارفة حيث اجتاحت فرق الـ K-pop الكورية المعاصرة مثل BTS وBLACKPINK الساحة الفنية العالمية، وحظيت بإعجاب ملايين الشباب والشابات من مختلف دول العالم.
«عكاظ»، خلال جولتها في كوريا الجنوبية، زارت قاعة عروض «نامسادانغ» بمدينة آنسيونغ، التي تُعد أبرز رموز الفنون الشعبية الكورية، والمركز الثقافي الذي يحتضن إرث فرقة «نامسادانغ» التاريخية التي عُرفت بجولاتها المتنقلة منذ عهد سلالة جوسون، لتعود اليوم متألقة كرمز ثقافي وفني، يعكس هوية الشعب الكوري.
عند مدخل القاعة، يقف تمثال نحاسي لفنان ينفخ في بوق تقليدي، يرمز لدعوة الجماهير للغوص في عالم من الفنون الأصيلة، والعروض التي تُجسد التقاليد الشعبية القديمة.
لكن هذه العروض لا تعيش في الماضي فقط، بل تمتزج بالحاضر، من خلال طاقات شبابية شابة، تُعيد تقديمها بروح جديدة نابضة بالحياة.
فنون تحكي قصة شعب
شهدت «عكاظ» خلال زيارتها للمركز عرض نامسادانغ نوري، وهو عرض شعبي تقليدي يتكون من 6 أجزاء فنية متنوعة، تتراوح بين الموسيقى الإيقاعية (بونغمول)، والألعاب البهلوانية، وعروض التوازن على الحبال، ومسرح الأقنعة، وفن الدمى، وكلها تؤدى بأسلوب يجمع بين التراث والابتكار.
أكثر ما يميز هذا العرض هو اعتماده على فنانين شباب، تلقوا تدريبهم على أيدي أساتذة متخصصين، ما يعكس رؤية واضحة للحفاظ على الموروث الثقافي عبر الأجيال، ونقل المهارات الفنية من جيل لآخر.
كوريا بين الحداثة والأصالة
ولعل اللافت أن هذا النوع من العروض التراثية يأتي في ظل الاهتمام العالمي المتزايد بالثقافة الكورية، حيث اجتاحت الفرق الكورية المعاصرة مثل BTS وBLACKPINK الساحة الفنية العالمية، وحظيت بإعجاب ملايين الشباب والشابات من مختلف دول العالم، لما تحمله من إبداع موسيقي، ورسائل إنسانية وقيم مجتمعية.
أخبار ذات صلة
لكن في خلفية هذا النجاح المعاصر، تقف جذور عميقة لفنون تقليدية مثل نامسادانغ، التي أسهمت في تشكيل الهوية الثقافية الكورية، والتي لا تزال حاضرة بقوة وتلقى الدعم من الدولة، لتعزيز الفخر الوطني وبناء الجسور الثقافية مع الشعوب الأخرى.
تعاون ثقافي سعودي – كوري
تأتي هذه الزيارة لـ«عكاظ» في وقت يشهد فيه التعاون الثقافي والفني بين المملكة وجمهورية كوريا تطوراً متسارعاً، ضمن إطار رؤية السعودية 2030، التي تضع الثقافة والفنون في صميم التنمية المستدامة.
فقد شهدت الفترة الأخيرة إقامة فعاليات ثقافية مشتركة، من أبرزها «الأيام الثقافية الكورية» في الرياض وجدة، وكذلك مشاركات كورية في موسم الرياض، إضافة إلى توقيع مذكرات تفاهم لتعزيز التبادل في مجالات الموسيقى، المسرح، السينما، والتراث الحي.
هذا التعاون يؤكد على رغبة البلدين في بناء جسور إنسانية، قائمة على الإبداع والفهم المتبادل، ويمهد لمشاريع مستقبلية واعدة.