لم يأذن الوقت لعضو مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر الراحل عبدالمجيد محمد علي، الذي فقدناه اليوم، ليقول كل ما يحتفظ به عن صحيفة «عكاظ»، ومحطاتها، وقياداتها ومراحل تحولاتها، وإن باح ببعض ما عمَرت به ذاكرته في أوقات متفاوتة دون إسهاب؛ كونه حريصاً على بقاء شعرة الودّ مع الجميع.
فقدنا اليوم (الثلاثاء) أبا أمجد، إلا أنه عندما يقول القدر كلمته، نعود للتفتيش في أرشيفنا عن صورة، أو صوت، أو كلمات مقتضبة كعادته في بث الرسائل عبر الواتساب، ولأننا لم نكن نتوقع ما حدث أن يحدث، لم نجد ما نحن بحاجة إليه مما حفلت به تجربة زميل حفظ الأحداث والتواريخ، وظل شاهد عيان على مسيرة صحيفة «عكاظ»، منذ بدأ مسيرته فيها مُحرراً، إبان انطلاقة عددها الأول عام 1960م، بقيادة صاحب امتيازها رئيس تحريرها أحمد عبدالغفور عطار.
وجمع الزميل الراحل بين الصحافة، والثقافة، والعلاقات الاجتماعية، وارتبط بصداقات عميقة مع عدد من الأدباء والفنانين في العالم العربي، ومما أكده الراحل، دور الدكتور هاشم عبده هاشم في تعزيز حضور «عكاظ» صحفياً وثقافياً، فيما عزا إلى رئيس التحرير جميل الذيابي انتشال «عكاظ» من التراجع، والعودة بها مجدداً إلى المقدمة، ورفعها إلى القمة.
وسبق أن كشف لنا الزميل الراحل بعض تفاصيل انطلاقة «عكاظ» من شقة في عمارة الموصلي بحارة الشام، بجوار عمارة باخشب، موضحاً أن صاحب الامتياز أحمد عبدالغفور عطار، واجه الكثير من المصاعب؛ كونه دخل في تحدٍ مع نفسه، وكانت قيمة السهم ألف ريال للمؤسسين ولكل واحد الحق في 10 أسهم، وكان يستقطع من رواتب المساهمين مبلغاً شهرياً تسديداً لقيمة أسهمهم، مشيراً إلى أن الموظفين اثنان فقط، هو، وعبدالرشيد عطار، لافتاً إلى أن أول صدور للصحيفة بدأ بأربع صفحات، وكانا يحرران ويطبعان ويوزعان وأحيانا يكتبان زوايا أو مقالات.
ومما قاله في حوارنا الرمضاني معه منذ أعوام: «إذا حان موعد الطباعة وبقيت لدي فراغات أقوم بتعبئتها بما يتوفر من فكرة أو مادة صحفية، ثم يتم الانتقال لمطبعة الشربتلي ونطبع صفحتين ثم نقلبها ونطبع الصفحتين الثالثة والرابعة، ثم نستأجر سيارة ونبدأ التوزيع». وأضاف: «كنا نبيع النسخة بقرشين، ثم تولى التوزيع بايزيد من خلال مكتبته المعروفة».
وكان عبدالمجيد علي يدرك جيداً ثقافة وانتماء من يعمل معهم، فأوضح أن من المفارقات أن صاحب امتياز «عكاظ» (العطار) كان تراثياً، والمدير العام عزيز ضياء حداثياً، مؤكداً أن محمد حسن عواد أيضاً تولى منصب مدير عام «عكاظ»، وكان سابقاً للعصر بتقدميته وعصرنة أفكاره ما أوقع الخلاف وصراع الأفكار بين التقدميين والتقليديين.
ووصف حقبة صحافة الأفراد بصحافة الأدباء، واستعاد من كُتاب «عكاظ» محمد سعيد عامودي، ومحمد عمر توفيق، ومحمد حسين زيدان، وعبدالسلام الساسي، وأحمد وصالح جمال. ولم يخفِ أنه تمت الاستعانة بالدكتور أمين ساعاتي بحكم اهتمامه بالرياضة، ولاعتناء القراء بما يكتب، موضحاً أنه في زمن التحول إلى المؤسسات الصحفية انعقدت الجمعية العمومية.
أخبار ذات صلة