25/2/2025–|آخر تحديث: 25/2/202508:07 م (توقيت مكة)
نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الثلاثاء، عن مسؤولين ومصادر عسكرية إسرائيلية أن مسلحي حركة حماس في قطاع غزة أعادوا تنظيم صفوفهم في وحدات قتالية جديدة.
وقالت الصحيفة، نقلا عن المصادر نفسها، إن آلافا من مقاتلي الحركة لم يغادروا شمالي القطاع.
وكانت المناطق الواقعة شمال غزة تعرضت منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى سريان وقف إطلاق النار في 19 يناير/كانون الثاني 2025 لهجوم إسرائيلي، أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 4 آلاف فلسطيني وتهجير عشرات الآلاف.
وسعت إسرائيل من خلال الهجوم إلى تطبيق ما تُعرَف بخطة الجنرالات الهادفة لإفراغ شمالي القطاع من سكانه بذريعة القضاء على المقاومة المسلحة هناك.
وقال مسؤولون إسرائيليون لـ”يديعوت أحرونوت” إن التشكيلات الجديدة التي أنشأتها حماس لا تزال أضعف من القدرات العسكرية للحركة قبل الحرب.
جزء من القوة
كما نقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية إسرائيلية أن حماس لم تنشر قوتها الكاملة البالغة 30 ألف جندي خلال القتال السابق.
وأوضحت أن الحركة “تعلمت دروسا أساسية” من العمليات البرية الإسرائيلية السابقة، وفق تعبيرها.
وقالت المصادر العسكرية إن حركة حماس استعادت خلال فترة وقف إطلاق النار السيطرة على المؤسسات المدنية، وأعادت تأسيس أنظمة الضرائب لتمويل رواتب عناصرها، كما أنها استخدمت الحكم المدني لإعادة بناء قوتها العسكرية والاقتصادية، على حد تعبيرها.
ونقلت “يديعوت أحرونوت” عن مسؤول في الجيش الإسرائيلي قوله إن “إعادة توطين” مئات الآلاف من سكان غزة خارج القطاع لن تؤدي إلى الإطاحة بحماس.
ويقول محللون إسرائيليون إن الاستعراضات التي نظمتها كتائب القسام خلال عمليات تبادل الأسرى في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار تدحض التصريحات الرسمية عن تفكيكها.
وتعليقا على “تمكّن حركة حماس من إعادة تنظيم صفوفها” داخل قطاع غزة، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ساري عرابي، للجزيرة نت، إن مثل هذه التصريحات تحمل أكثر من وجه.
من ذلك، أن هناك إقرارا إسرائيليا بأن الحرب الطويلة التي شنتها إسرائيل على مدى أكثر من 15 شهرا، والتي اتسمت بالإبادة الجماعية وتركّزت بشكل مكثف، خاصة في شمال قطاع غزة مقارنة ببقية المناطق، لم تنجح في تفكيك حركة حماس أو القضاء عليها.
كما تعترف هذه التصريحات بفعالية التكتيكات القتالية لحركة حماس خلال الحرب، حيث لم تزج الحركة بكل قواتها في المواجهات، بل احتفظت بجزء رئيسي من قواتها بعيدا عن الانخراط المباشر، مما مكّنها من الاستمرار في القتال لأطول فترة ممكنة رغم غياب خطوط الإمداد، وفي ظل حرب إبادة جماعية غير مسبوقة.
يضاف إلى ذلك أن الحركة تمكنت من إعادة تنظيم صفوفها أثناء فترات وقف إطلاق النار، خاصة أن الحرب مع إسرائيل لم تتوقف بشكل كامل، بل شهدت فقط وقفا مؤقتا لإطلاق النار، مما يجعل استئناف القتال احتمالا قائما في أي وقت وتحت أي ظروف، كما يرى.
كما أن هذه التصريحات تحمل وجها آخر، يتمثل في التحريض المستمر على المجتمع الفلسطيني داخل قطاع غزة، إذ يدّعي الاحتلال الإسرائيلي أن حركة حماس لا تعيد تنظيم صفوفها فقط عسكريا، بل تستفيد أيضا من الإدارات المدنية داخل القطاع، وبالتالي، فإن مثل هذه التصريحات تهدف إلى تأجيج التحريض على غزة وتهيئة الأجواء لاحتمالية العودة إلى الحرب مجددا.
ويمكن النظر -حسب عرابي- إلى هذه التصريحات في سياق سياسات الابتزاز الإسرائيلي، حيث تحاول إسرائيل فرض وقائع سياسية معينة داخل القطاع، وتسعى إلى إقصاء حركة حماس من المشهد، سواء على المستوى العسكري أو الإداري، وتمهد بذلك لاستخدام قضية إعادة الإعمار ورفع الحصار ورقة ضغط، في محاولة لإعادة تشكيل المجتمع الفلسطيني داخل القطاع وفق مصالحها.
إلى جانب ذلك، تكشف هذه التصريحات عن تباينات داخل المؤسسة الإسرائيلية، حيث لا يبدو أن هناك رؤية واضحة أو خطة ناجزة للتعامل مع قطاع غزة، أو لتفكيك حركة حماس والقضاء عليها، وفي الواقع، يعكس ذلك قدرا من اليأس الإسرائيلي في إمكانية القضاء على الحركة أو تفكيكها بالكامل.
ومن حين لآخر، يرى محللون وتقارير أن استعادة حركة حماس جزءا من قوتها العسكرية، لا سيما خلال التهدئة، تساهم في رفع سقفها التفاوضي مع إسرائيل، إلى جانب أن ذلك يشكل للحركة عاملا ضمن مجموعة عوامل عدة يمكن أن تمنع إسرائيل من استئناف الحرب.